هل تعرف معني كلمة "فراز"؟! أرجو ألا تذهب إلي المعجم أو القاموس أو أي من وسائل التعريف، إن كنت ضليعا في اللغة العربية فلابد أن تعرف معني كلمة "فراز"؟! لكن ماذا تفعل إن كان عمرك 9 سنوات؟ هل المفروض أن تعرف كلمة فراز؟! والفراز يا سادة.. كما هو مكتوب في كتاب اللغة العربية للسنة الرابعة الابتدائي يعني صهريج به محرك أو مروحة كبيرة بداخله! وهو يستخدم لفصل القشدة عن اللبن! جاءني ابني نور بكتاب اللغة العربية وقال: مامي مش فاهم طيب يعني أية صهريج ويعني أية فراز ويعني أية قربة الخض واللبن الخام؟ وتلك جميعا كلمات في درس اسمه الصناعات الغذائية الذي يعلم الأطفال كيف تتم بسترة اللبن وفصل القشدة عن اللبن عن طريق قربة الخض، وحاجات غريبة جدا. والغريب ليس فقط هو صعوبة الألفاظ، ولكن الأغرب هو أننا نعلم ابن المدينة مصطلحات تصلح لابن القرية، ولا أظن أننا ونحن في هذا العمر كنا نتعلم تلك الألفاظ الغريبة، الفراز، الصهريج، قربة الخض، التي تصنع من بطن الماعز!! لقد عشقنا اللغة العربية وأشعارها ومصطلحاتها أما هذا الجيل فنتيجته واضحة: كراهية اللغة. وهكذا نخرج جيل أما يضطر أن يحفظ ويصم عن ظهر قلب ما لا يفهم من حشو ملأوا به رأسه وأبطلوا به إعمال عقله.. أو جيل آخر من مدارس دولية قررت أن تتجاهل اللغة العربية تماما وتركز علي مناهج أجنبية تربي عقل الطفل وإبداعه، وعلي كأم أن أختار بين أن يعرف ابني لغته الأم، وبين أن أضحي بها من أجل شخصية أفضل.. هذا لمن يقدر أن يدفع.. فما بالك بالسواد الأعظم الذين يضطرون لمعرفة الفراز!! وأظنني اخترت.. وأشكر السادة وزراء التعليم علي مر العصور علي جهودهم المضنية لقتل أجمل اللغات.. لغة القرآن. لا تحدثوني عن تطوير التعليم.. أظن أن إلغاء الوزارة أفضل بكثير. مجدي: كنت اشجع مني.. كثيرا ما قرأت عمودك وسألت نفسي لماذا يملك هو كل هذه الشجاعة ولا أملكها.. ثم يتداعي السؤال التالي.. متي سأملكها.. كنت أجرأ مني. كلنا انتقدنا الحكومة.. وأنت انتقدت الرئيس.. كلنا درنا وحاورنا وحاولنا.. وأنت واجهت وافصحت وتحديت.. بسلاسة شديدة.. لم تكن أروع الكتابات.. لكنها كانت اجرأها.. كنت أشجع مني.. وكنت أحسدك علي تلك الشجاعة. تري هل تعرف كم عدد الذين ارتاحوا لرحيلك؟! كم عدد الذين دعوا لك بالرحمة ظاهرا.. وفي قلبهم شبه سعادة، إن عمودك قد اختفي وأنهم لن يبحثوا عن اسمهم صباح كل يوم في الصفحة الأخيرة من "المصري اليوم" خشية أن يكونوا أحد أهدافك؟! انظر إلي جنازتك وستراهم جميعا هناك.. كلهم جاءوا يا مجدي.. حتي الذين ماكانوا يطيقون أن يسمعوا اسمك.. كلهم كانوا هناك. اعذرني.. لم أقدر علي الذهاب.. ولن اقدر علي الذهاب إلي العزاء.. بعض الأحداث اصعب علي من التحمل.. مازلت احتفظ بذاك العمود الذي هاجمتني فيه.. ثم هاجمتك.. ثم التقينا ثم تصالحنا. أعلم أنه قدرنا جميعا لكني أحيانا اتجرأ واسأل.. لماذا يذهب الفرنسان ويبقي فقط الآخرون الجبناء.. سقط من الفريق المقاتل ابرز فرسانه.. كنت اشجع مني.. ومنا.. هل لك أن تترك لنا بعضا من شجاعتك.. من جرأتك من قوتك نقتات بها. رحمك الله.. مجدي مهنا.