تشهد جميع الاقتصادات العالمية حالة من الترقب والتخوف من احتمال حدوث كساد في الاقتصاد الامريكي، ويثار تساؤل حول إمكانية تأثر هذه الاقتصادات بحالة تباطؤ الأقتصاد الذي تشهده السوق الامريكية .. وخاصة الدول النامية التي تعتمد اقتصاداتها بشكل فعال علي الأقتصادات الغربية وبالأحري الاقتصاد الامريكي. ومع التأكيد علي قدرة الأقتصاد الأمريكي علي مواجهة حالة التباطؤ التي يمر بها ، أكد محافظ البنك المركزي الأمريكي بن برنانك أن حالة الاقتصاد الأمريكي في العام الجاري 2008 قد تدهورت، مع أزمة الرهن العقاري الأمريكي. ولكنة أكد أن البنك علي استعداد لاتخاذ إجراءات محددة وقاسية لضمان مسار اقتصادي معتدل. ومع ذلك مازالت الاقتصادات العالمية في حالة تخوف من أمتداد حالة الكساد وتباطؤ النمو إلي الأسواق الاخري .. ولكن ما مدي صحة هذا التوقع ؟. يمكن أن تتأثر الاقتصادات ببعضها نتيجة نمو التعاملات التجارية والانفتاح الذي يشهده العالم ، ويكون التأثير محدودا إذا كانت تلك التعاملات التجارية محدودة. ويمكن أيضاً أن تتأثر الاقتصادات وخاصةً في الدول النامية بسبب اعتماد كثير من الدول علي الدولار في التعاملات الخارجية والتجارية مع الدول الأخري بالاضافة إلي اهمية الدولار لتلك الدول باعتباره من العملات الرئيسية التي تعتمد عليها بشكل كبير في احتياطياتها الاستراتيجية من العملات الأجنبية وحساب سعر الصرف وخاصة تلك الدول التي مازالت تربط سعر الصرف الخاص بها بالدولار . اسواق المال ووسط حالة التخوف الشديد في العالم كله من انتقال حالة الكساد إلي الدول الاخري ، تأثرت اسواق المال العالمية بهذا الترقب حيث شهدت حالة من الهبوط الحاد في كثير من البورصات العالمية كما امتدت حالة الخوف إلي الأسواق الناشئة لتشهد حالة من الانخفاض الكبير. فأي هبوط في الاقتصاد الأمريكي سيكون له أثر علي اسواق المال في الولاياتالمتحدة والتي ستؤثر بدورها علي أسواق المال العالمية الاخري ، إذ يقوم المستثمرون الأجانب في أسواق المال بسحب السيولة من هذه الأسواق عن طريق تقليل حجم محافظهم المالية وتحويل تلك السيولة إلي أسواقهم لتدعيم مراكزهم المالية هناك. وعلي مستوي الاقتصاد الكلي يثور تساؤل حول مدي تأثير حالة تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وأحتمال حدوث حالة من الكساد علي الاقتصادات الأخري واقتصادات الدول النامية بشكل عام، وعلي الاقتصاد المصري بشكل خاص. التجارة الخارجية وللاجابة عن هذا التساؤل نبدأ بالتجارة الخارجية التي تكون السبب الرئيسي في انتقال الأزمات بين الدول، فمع تطور التجارة السلعية والخدمية تأتي الولاياتالمتحدةالامريكية في المركز الرابع كشريك تجاري لمصر من حيث الصادرات والواردات. ففي عام 2005 كان الشريك التجاري الأول مع مصر هو الاتحاد الأوروبي حيث وصلت قيمة الصادرات السلعية إلي الاتحاد الاوروبي 3399 مليون دولار كما وصلت قيمة الواردات السلعية إلي 4260 مليون دولار، ويأتي في المركز الثاني كشريك تجاري الدول العربية بقيمة صادرات سلعية 2009 ملايين دولار ويأتي في المركز الثالث كشريك تجاري الدول الأسيوية بدون الدول العربية بقيمة 1350 مليون دولار وقيمة واردات سلعية 3040 مليون دولار ، وبعد ذلك تأتي شمال أمريكا في المركز الرابع بقيمة 989 مليون دولار وقيمة واردات سلعية 1898 مليون دولار، ووصلت قيمة الصادرات إلي الولاياتالمتحدة 958 مليون دولار في حين وصلت قيمة الواردات السلعية من الولاياتالمتحدة 1769 مليون دولار. وبعد ذلك يأتي في المركز الخامس، السادس والسابع الدول الأفريقية بدون الدول العربية ثم دول شرق أوروبا ثم دول أمريكيا اللاتينية علي التوالي. وبناء علي هذا العنصر يمكن ان نستنتج انه لن يكون لتباطؤ الاقتصاد الامريكي أثر كبير علي الاقتصاد المصري لانخفاض حجم التعامل التجاري بين البلدين في حين أن أي تأثر للاقتصاد الأوروبي بحالة الكساد المتوقع سيكون له أثر علي الاقتصاد المصري إذ يأتي الاتحاد الاوروبي في المركز الاول كشريك تجاري لمصر. وقد حقق الحساب التجاري المصري 2006/2007 صافي خسائر 15816.7 مليون دولار من السلع إذ وصلت الصادرات المصرية السلعية 22017.5 مليون دولار بينما وصلت الواردات السلعية 37834.2 مليون دولار، ومن ناحية أخري وصل صافي ربح الخدمات 11451 مليون دولار وبذلك يحقق حساب السلع والخدمات صافي خسائر 4365.7 مليون دولار .