التراجع الحالي للدولار في سوق الصرف واستعادة الجنيه المصري لعافيته تدريجيا وعودة الثقة إليه يعود إلي توليفة من العوامل الخارجية والداخلية.. اهمها الانكماش العالمي للعملة الأمريكية أمام باقي العملات خاصة اليورو وكذلك وعلي الصعيد الداخلي التحسن الاقتصادي والاصلاحات الجريئة التي جرت خلال الفترة الماضية بالإضافة إلي نجاح البنك المركزي في ضبط إيقاع السوق ومنع المضاربات والتناغم في السياسات المالية والنقدية الذي يحدث لأول مرة منذ فترة طويلة وحتي وصل سعر الدولار إلي حوالي 47.5 جنيه بعد ان كاد يصل في الماضي إلي 7 جنيهات. رؤساء بنوك وخبراء وضعوا روشتة من أجل امكانية استمرار الوضع الحالي أي يزداد الجنيه قوة في مقابل العملة الخضراء أو الأمريكاني أهم ملامح هذه الخطوة هي استمرار استقرار الوضع السياسي واجراء المزيد من الاصلاحات الاقتصادية وعلاج التشوه في ميزان المدفوعات وتقليل الاستيراد والتعامل مع سلة عملات وكذلك استمرار ثقة الشارع في عملته المحلية. فمن جانبه أكد حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي ان الطفرة التي يشهدها الجنيه الآن جاءت بسبب التحسن الاقتصادي الذي يشهده الاقتصاد المصري وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الاحتياطي من النقد الاجنبي والسياسات النقدية الناجحة التي انتهجها البنك المركزي خلال الفترة السابقة حيث ان هناك تناغما ضخما يحدث الآن ما بين السياسات المالية والسياسات النقدية مدعوما باستقرار إلي سياسي تشهده البلاد منذ سنوات من خلال تعديلات المادة 76 من الدستور والاصلاحات التي تلتها موضحا ان كل الجهود تسير في وقت واحد معاً وهذا ليس كلاما فقط فالواقع يعكس ذلك فالاستثمار الاجنبي يغزو مصر وهذا لم يأت من فراغ وانما بفضل الأسباب السابقة. توليفة عوامل واوضح عبد العزيز ان توليفة من العوامل الخارجية والداخلية أثرت علي الأوضاع التي يشهدها الجنيه الآن فخارجيا استمرار انخفاض سعر الفائدة علي الدولار وتراجعه امام العملات العالمية والركود الاقتصادي، وداخليا الاستقرار السياسي والاقتصادي فما حدث ليس مجرد تراجع للدولار أمام الجنيه بل وقوة يشهدها الجنيه المصري فالبنك المركزي الآن ضبط ايقاع السوق ولم نعد نسمع عن المضاربات التي كانت تحدث من قبل فيمكن لأي مواطن الآن التوجه لأي بنك ويحصل علي ما يريده من عملات صعبة دون وجود أي مخاوف من عدم توافرها. ويتوقع عبد العزيز ان استمرار الاستقرار الذي يشهده سوق الصرف مرهون ببقاء واستمرار الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد فلأول مرة يكون هناك ثقة يعيشها المصريون مع عملتهم. طفرة حقيقية ويري جمال محرم رئيس بنك بيريوس مصر ان الاقتصاد المصري بعيش طفرة حقيقية متمثلة في قوة العملة الوطنية ولدينا احتياطي ممتاز من النقد الاجنبي أي ان العرض اكبر من الطلب وبالتالي لم تكن لدينا أي آثار سلبية ومخاوف من نقص النقد الأجنبي فالثقة الآن تحققت من قبل الشارع في الجنيه المصري. واضاف محرم ان ضمان بقاء هذه الثقة خلال المرحلة القادمة انما يتوقف علي الحفاظ علي توازن ميزان المدفوعات بكفتيه الصادرات والواردات فالفترة القادمة مرهونة بالتحكم في الدعم والاستيراد لانهما من أكبر العوامل المؤثرة في قوة العملة كذلك يجب التركيز خلال الفترة القادمة علي الاستثمار المباشر والصناعات التي تجذب الاستثمار الاجنبي الأمر الذي يؤدي إلي زيادة معدلات النمو الاقتصادي والحفاظ علي استقرار العملة. الثقة عادت ومن جانبه يري طارق حلمي العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس الادارة بالمصرف المتحد ان قوة الجنيه أمام الدولار لم تأت بأسباب تراجع الدولار أمام العملات الأجنبية فقط أو بسبب ركود الاقتصاد الامريكي وانما جاءت معها أسباب اخري مثل الاصلاح الاقتصادي في مصر وزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي فقديما عندما كان يتراجع الدولار امام العملات الاخري كان هذا التأثير لا يمتد إلي مصر بسبب زيادة طلبنا علي الدولار الأمر الذي يؤدي إلي بقاء سعره مرتفعا لاننا لدينا عجز في النقد الأجنبي حيث كان الطلب أكبر من العرض فهذه النقطة اختفت الآن فلم يعد الطلب علي الدولار أمراً مخيفاً فالآن أصبح يسري علينا ما يسري علي جميع دول العالم. وأوضح حلمي ان الكضاربات انتهت حاليا واصبح المواطن يبيع ويشتري في نفس الوقت ولم تعد مخاوف البحث عن الدولار أو العملات الاخري يعرف طريقاً إلي المواطنين وثقة المواطن بعد ان فقدها لفترة طويلة عادت وهي البرهان علي التوازن بين الدولار والجنيه فالثقة قبل 7 أو 8 سنوات كانت مفقودة. العرض والطلب أما د. عبدالرحمن بركة الخبير المصرفي فيري أن السياسات المالية والنقدية التي تتبعها مصر الآن ساهمت في زيادة قوة الجنيه المصري. وأوضح بركة أن استمرار تراجع الدولار وزيادة قوة الجنيه المصري ساهم وعلي نحو كبير في تقليل تكاليف الاستيراد علي اعتبار أن مصر دولة مستوردة وانعكس ذلك ايضا علي المستهلك. أشار إلي أن قوة الجنيه والانفتاح الاقتصادي ساهم في تعدد العملات التي يتعامل معها الاقتصاد المصري ولم يعد هنا هاجس من تقلبات الدولار فتأثيره أصبح أقل في الفترة الحالية مقارنة بالسابق وأصبح سعر الفائدة منذ ان تم تحرير سعر الصرف اصبح يخضع لقوي العرض والطلب دون تدخل من البنك المركزي وتركت لقوي الطلب والعرض. وربط بركة بين استمرار الاستقرار الحالي وبين قدرة الجنيه علي الاحتفاظ بقوته خلال الفترة القادمة وقال إنه في الماضي كان لدينا معروض كبير من النقود التي لا يوجد لها تشغيل اما الآن فما يحدث هو تشغيل وجذب الاستثمار بفضل انخفاض سعر الفائدة واختفاء لظاهرة "الدولرة" التي عانينا منها لفترة طويلة بالإضافة إلي ثقة المواطن في الجنيه. ومن جانب يؤكد كمال محجوب مدير عام في بنك مصر - إيران أن القوة التي يرغب الجنيه المصري في تحقيقها مرهون باصلاح ميزان المدفوعات وتقليل الاستيراد الذي يؤثر بالسلب علي الجنيه فلن تقوم له قائمة إلا بالتركيز علي هذا الجانب وإلا لن تكون هناك قوة أو هيبة للجنيه. ومن جانبها تؤكد مني ياسين نائب رئيس بنك القاهرة سابقا ورئيس جهاز المنافسة ومنع الاحتكار حاليا ان عصر المضاربات الذي شهدناه في السابق أصبح أقل حدة والتحسن موجود وبدأ يصل إلي العملة المصرية، مشيرة إلي أنه حتي يتحقق ذلك بصورة أكبر ويستمر لابد من المحافظة علي التوازن في ميزان المدفوعات والتأثير علي الجانب الاستيرادي فيه وتقليله لصالح الصادرات. وأشارت ياسين إلي أن إقبال المواطنين علي حيازة الجنيه مرهون بالعملة الأفضل في استقرارها أمام الدولار ويكون الاختيار هنا في اليورو أو الجنيه الاسترليني.