مازالت قضية الدعم وامكانية وصوله الي مستحقيه بشكل عادل هي الشغل الشاغل للحكومات المتعاقبة وانحصرت المناقشات في هذا الاطار حول جدوي الدعم النقدي المباشر كبديل عن سياسة الدعم غير المباشر الحالية. واخيرا خصصت حكومة الدكتور احمد نظيف 100 مليون جنيه لتأسيس قاعدة بيانات للاسر الاولي بالرعاية لوصول الدعم لمستحقيه بدلا من ان تصل 70% منه الي غير الفقراء بسبب النفقات الادارية احيانا والسرقة احيانا اخري. يذكر ان الدعم المباشر كان يمثل نسبة مرتفعة من الانفاق الحكومي ففي عام 80/81 بلغ اجمالي الدعم 6.2 مليار جنيه وهو ما يمثل 47% من قيمة الانفاق الجاري وقد انخفضت تدريجيا الي 19% في عام 90/91 وفي عام 2004/2005 الذي تم فيه تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار وما صحبه من ارتفاع في الاسعار بنسبة 50% الي 60% لبعض السلع الاساسية فقد ارتفع الدعم المباشر الي 16% بعد ان وصل في عام 93/94 الي 7%. ويمثل الدعم علي السلع الغذائية نسبة 70% اي ما قيمته 8.8 مليار جنيه في عام 2004/2005. ورغم ذلك فان المواطن المصري الفقير لا يشعر بهذا الدعم علي الاطلاق مما جعل البعض يطلق العبارة الشائعة "ان الدعم لا يصل الي مستحقيه" وهذا ما اكدته المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل البنك الدولي والذي اكد في احد تقاريره ان سياسات الدعم تتطلب اموالا كثيرة ولاتفيد الفقراء بل ذوي الدخول المرتفعة والمتوسطة والحكومة الآن بصدد البحث عن وسائل اخري لحل مشكلة الفقراء ومحاولة دعم السلع الغذائية الاساسية لهم لضمان استفادتهم منها فقد تم طرح فكرة تشكيل مجلس اعلي للاسعار لضبط السوق الذي اصبح يفرض اسعارا عشوائية دون رقيب كما يجري الحديث عن تقديم دعم نقدي مباشر للاسر الفقير تقليدا لما تقوم به بعض الحكومات الاوروبية والتي تقدم مايسمي "اعانة البطالة" للعاطلين والفقراء و"الاسبوعي" التقي بعدد من الخبراء الاقتصاديين وكذلك بعض الخبراء للتعرف علي افكارهم لحل مشكلة الدعم واسباب عدم وصوله الي مستحقيه؟ ومدي صلاحية فكرة الدعم النقدي في المجتمع المصري.. وهل يمكن تكرار تجربة اعانة البطالة علي الطريقة الاوروبية في مصر. د. رشدي عبدالقادر الوزير المفوض سابقا ومستشار التجارة الخارجية يطرح فكرة الكوبونات التي تتبعها الولاياتالمتحدة ودول اوروبا والصين حيث يتم منح هذه الكوبونات الي الاسر الفقيرة او العاطلة لشراء الغذاء الرئيسي او الادوية او الملابس بأسعار منخفضة او مجانا. ويضيف الوزير المفوض ان سويسرا تعتبر من اغني الدول التي تمنح اعانة بطالة ورغم ذلك فان عدد العاطلين هناك لا يتجاوز 50 الف مواطن وفي الوقت الذي يتجاوز فيه عدد الوظائف المتاحة هذا الرقم ويرجع ذلك الي ان الوظائف الشاغرة لا تتناسب مع عدد العاطلين لاسباب لغوية او مكانية واصرارهم علي ايجاد وظيفة تتناسب مع تخصصهم. ويشير د. رشدي الي ان بعض الدول العربية قد اتجهت الي استراتيجية اخري للقضاء علي البطالة والفقر من خلال انشاء صندوق للتدريب ورفع الكفاءات الفنية للشباب موضحا ان ايراد هذا الصندوق يأتي من اجور العاملين بالحكومة او القطاع الخاص حيث يتم اقتطاع نسبة 1% من اجورهم ويتم منح الاموال من هذا الصندوق للعاطلين والفقراء لحين الحصول علي عمل. ويري الوزير المفوض السابق ان هذه الوسيلة مناسبة اذا ما تم تطبيقها في مصر حيث ستنخفض نسبة ما تتحمله الدولة من دعم يرهق الموازنة العامة للدولة كما ان طريقة استخدام الكوبونات افضل مما كان متبعاً باستخدام بطاقات التموين والتي يمكن ان يستخدمها الفقير والغني علي السواء. وبسؤاله حول ما اذا كانت ايادي الفساد قد تنجح في الاستيلاء علي اموال هذا الصندوق أكد د. رشدي انه لابد من وضعه تحت اشراف وزارة التضامن الاجتماعي ورقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.