قد تكون توصية لها مغزي تلك التي توصلت إليها دراسة حديثة للبنك الأهلي المصري تحمل عنوان "دور البنوك الأجنبية في الدول النامية" وقد تكون توصية عابرة اقترحها فريق البحث الذي أعد الدراسة المهمة التي تأتي في وقتها خاصة مع الحديث عن خصخصة بنك القاهرة وبيع 80% من أسهمه لمستثمر استراتيجي. توصية البنك الأهلي تقول بالحرف الواحد: "يجب التأكيد علي مراعاة البعد القومي في نطاق عملية خصخصة الجهاز المصرفي حيث ان القطاع المالي في أي دولة -البنوك وشركات التأمين والبورصة- يعد من القطاعات المهمة التي يجب حسن توجيهها حتي وان تمت عملية خصخصتها لأنها تعد المصدر الرئيسي للسيولة والاستثمارات. ورغم هذه التوصية الجديرة بالاهتمام إلا أن البنك الأهلي يري ان دخول البنوك الأجنبية ليست شرا علي طول الخط فقد ترتب علي دخول هذه البنوك مصر العديد من الآثار الايجابية التي لا تنكر في مقدمتها حفز وتحسين المهارات البشرية والتطوير التكنولوجي في مجال العمل المصرفي وتطوير منظومة الخدمات المقدمة في ظل المنافسة. وفي المقابل ترتب علي دخول البنوك الأجنبية العديد من التحديات التي تواجه البنوك المصرية ومن أهم تلك التحديات المخاوف من توسع الحصة السوقية للبنوك الأجنبية والتي تنطلق من المخاوف العامة باعتبار مصر إحدي الدول النامية كما ان تواجد البنوك الاجنبية اوجد بدوره مجالا متزايدا للمنافسة وهو ما يدعو البنوك المصرية الي تطوير انظمة العمل بها علي اختلاف توجهاتها حتي تستطيع مواجهة تلك البنوك بما تملكه من نظم وأساليب عمل وتكنولوجيا مصرفية متقدمة علاوة علي دراية أوسع بمتطلبات السوق المالي العالمي يساندها في ذلك دعم البنوك الأم في الخارج. ويخلص البنك الأهلي المصري في دراسته الي القول بأن تواجد البنوك الأجنبية في أسواق الدول النامية قد أصبح واقعا ملموسا يدعمه في ذلك تحرير الخدمات المالية وتبني العديد من تلك الدول لحزمة اصلاحات اقتصادية من ضمنها خصخصة القطاع المصرفي وتوسيع قاعدة الملكية في البنوك العامة بهدف تحقيق استغلال امثل للموارد في ظل المحاولات الجادة لدمج تلك الاقتصادات في الاقتصاد العالمي انطلاقا من وضع تنافسي أفضل. مناخ تنافسي وعلي اختلاف طرق وأساليب دخول تلك البنوك في الدول النامية سواء بهدف خدمة عملائها المحليين أو اقتناص فرص ربحية اكبر فإن الواقع العملي يؤكد ان تلك البنوك يساندها دعم البنك الأم بما يملكه من كفاءات ادارية وخدمات مصرفية وتكنولوجيا متقدمة وخبرات أعمق بأسواق المال الدولية وهو ما يوجد بدوره مناخا تنافسيا يجب علي البنوك المحلية مواكبته حتي تستطيع ان تحافظ علي مكانها -وعملائها- في السوق كما انها مطالبة بالعمل علي إعادة هيكلة نظمها الإدارية والمالية بما يتناسب وتلك المتغيرات خاصة في ظل فرض معايير مصرفية جديدة وموحدة تتعلق بمدي كفاية رأس المال وقواعد الافصاح والشفافية المالية وحوكمة الإدارة وزيادة درجة فاعليتها بعيدا عن التدخل الحكومي بجانب ترسيخ فكر التصنيف الائتماني. سياسات الخصخصة كما تشير التجارب العملية إلي أنه علي الرغم من توجه معظم القطاع المصرفي العالمي إلي تبني سياسات الخصخصة إلا أن احتفاظ الحكومات بعدد من البنوك المحلية الحكومية تحديدا يساندها في دعم سياساتها الاقتصادية علي أن يكون في إطار اقتصادي ومالي سليم باعتبار أن تلك البنوك هي عصب التنمية بما تملكه من موارد مالية قادرة علي استثمارها في ظل ضعف اسواق رأس المال في تلك الدول وهو ما يؤكد علي أهمية تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة في تلك البنوك حتي تستطيع القيام بالدور المنوط بها وحتي لا يتم إهدار الموارد المالية المحدودة في تلك الدول. وعلي الرغم من وجود تباين في وجهات النظر حول مدي الجدوي التي تعود علي اقتصاديات الدول النامية من تواجد هذه البنوك إلا أن ما يجب التأكيد عليه هو ضرورة تعظيم الاستفادة من تواجد تلك البنوك من جهة وتقليص السلبيات إلي أدني درجة ممكنة.