ظهرت بوادر قوية علي اتجاه الحكومة لبيع بنك القاهرة المملوك بالكامل للدولة وذلك علي غرار تجربة بيع بنك الإسكندرية لمجموعة "سان باولو" الإيطالية، وفي المقابل فرضت إدارة بنكي "مصر" و"القاهرة" طوقاً شديداً من السرية تحسباً لتسرب خبر البيع لوسائل الإعلام والسوق قبل الإعلان عنه رسميا من قبل الجهات المسئولة عن الملف وفي مقدمتها مجلس الوزراء والبنك المركزي ووزارتا المالية والاستثمار. وقالت مصادر مصرفية رفيعة المستوي ل "العالم اليوم" طلبت عدم ذكر اسمها: إنه في حالة اتخاذ قرار نهائي ببيع بنك القاهرة فإن هذه الخطوة لا تتناقض مطلقا مع تصريحات سابقة للرئيس حسني مبارك أكد فيها استمرار تمسك الدولة بالبنكين الأهلي المصري ومصر دون التطرق لمصير بنك القاهرة. وكانت إدارة بنك مصر المشرفة علي ملف بنك القاهرة قد اتخذت خطوات اعتبرها البعض تأتي تمهيدا لخطوة بيع البنك وطرحه علي مستثمر رئيسي وذلك علي غرار الخطوات التي سبقت مباشرة إعلان الحكومة عن بيع بنك الإسكندرية، ومن أبرز الخطوات التي تم اتخاذها علي مدي العشرة أيام الماضية:- * أولا: نقل ملف استثمارات بنك القاهرة في الشركات والبنوك المشتركة إلي بنك مصر، مع بيع بعض هذه الاستثمارات خاصة المدرجة بالبورصة، وهنا جري الحديث عن نقل استثمارات بنك القاهرة في مجموعة سامبا المالية السعودية وبنك القاهرة عمان الأردني وبنك القاهرة الدولي بأوغندا، ورغم ان مصادر مسئولة ببنك القاهرة اعترفت بهذه الخطوة، إلا أنها أكدت انها تأتي في إطار دعم المركز المالي للبنك العام عبر توجيه الحصيلة الناجمة عن بيع الاستثمار لخفض العجز في مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها. * ثانيا: نقل ملفات كبار عملاء بنك القاهرة المتعثرين إلي بنك مصر لتنظيف محفظة البنك الأول، وهنا جري حديث عن نقل ملفات رامي لكح وحاتم الهواري وحسام أبو الفتوح ومجدي يعقوب نصيف وغيرهم. * ثالثا: خفض عدد موظفي بنك القاهرة وقبول طلبات 2100 موظف للخروج للمعاش المبكر. وكانت الحكومة قد قررت في أكتوبر عام 2005 دمج بنك القاهرة في بنك مصر، وتم اتخاذ خطوات مهمة في هذا الشأن، وكان من المخطط الانتهاء من هذه الخطوة نهاية ،2006 إلا أن الدراسات التي أعدتها جهات مختصة بالدولة خلال فترة الإعداد للدمج انتهت إلي عدة نتائج ليست في صالح الدمج من أبرزها: ** ان دمج بنك القاهرة في بنك مصر قد ترهق الأخير، خاصة مع العجز الضخم في مخصصات البنك الأول والتي تزيد علي ال 12 مليار جنيه، علما بأنه تم خفض هذا العجز من خلال الاستثمارات المتولدة عن بيع مساهمات البنك في السويس للصلب وفودافون مصر، وقيام الدولة بسداد مديونيات شركات قطاع الأعمال العام المستحقة للبنك، وقد بلغت هذه الحصيلة نحو 3 مليارات جنيه. ** انه بدلا من الدمج المرهق ماديا فإنه يمكن استبداله بآلية الاستحواذ، علي أن يتم في وقت لاحق بيع بنك القاهرة لمستثمر رئيسي عقب تنظيف محفظته الائتمانية وخفض عدد الموظفين، وهما المشكلتان اللتان تقفان عقبة أمام بيع أي بنك. ** انه يمكن معالجة الآثار السلبية الناجمة من نقل محفظة بنك القاهرة إلي بنك مصر عبر عدة آليات أهمها توجيه حصيلة بيع استثمارات بنك القاهرة لعملية التنظيف وزيادة رأسمال بنك مصر المدفوع عدة مرات يتم أولها من خلال القرض الدولي الذي حصلت عليه الحكومة لإعادة هيكلة رؤوس أموال البنوك العامة والبالغ مليار دولار "7.5 مليار جنيه"، علي أن يتم في وقت لاحق اجراء زيادات أخري يتم تمويلها من خلال وزارة المالية أو من الأرباح السنوية. وعلمت "العالم اليوم" أن الاتجاه نحو بيع بنك القاهرة يأتي في ظل استمرار جاذبية القطاع المصرفي للاستثمار، وإبداء مؤسسات عالمية كبري رغبتها الاستحواذ علي أحد البنوك المصرية الكبري، ومن بين هذه المؤسسات العربي الأردني والمشرق الإماراتي، وكان البنكان قد نافسا علي صفقة بنك الإسكندرية، كما أبدي العربي استعداده الاستحواذ علي 100% من أسهم البنك الوطني المصري، إلا أن طلبه تم رفضه بسبب وجود أسهم للبنك متداولة في البورصة، ومن بين البنوك الراغبة دخول مصر دويتش بنك أحد أكبر البنوك الألمانية والخليج الأول الإماراتي وستاندردشارتريد البريطاني والأهلي التجاري السعودي والبحر المتوسط اللبناني وبيت التمويل الكويتي، إلي جانب يورو بنك اليوناني والكويت الوطني والتجاري الكويتي، وكانت البنوك الثلاثة قد بدأت بالفعل إجراءات الفحص النافي للجهالة للبنك الوطني المصري. يذكر أن بنك القاهرة تأسس في مايو ،1952 أما بنك مصر فقد تأسس علي يد الاقتصادي المعروف طلعت حرب عام 1920.