منذ فترة وجيزة ومع الإعلان عن بيع بنك القاهرة خرجت مجموعة من الاقتصاديين والسياسيين وبعض الاحزاب لبنادوا بوقف بيع بنك القاهرة حتي لا تتم بنفس الطريقة التي تم بها بيع بنك الاسكندرية والتي اعترض عليها الكثيرون واقترحوا ان يتم طرح باقي الاصول العامة للاكتتاب الشعبي ومع الوقت زاد المؤيدون لهذا الاقتراح وفي نفس الوقت قامت الحكومة بتأجيل عملية بيع بنك القاهرة. ولكن ما هو مدي صلاحية هذا الاقتراح للتنفيذ وهل يمكن ان يكون بديلا لعملية البيع؟ "العالم اليوم" تناقش هذه القضية مع الخبراء والمتخصصين يوضح سالم محمد ندا رئيس القطاع القانوني ببنك مصر - ايران- ان طرح مشروعات القطاع العام المعروض للبيع لاكتتاب المواطنين لا يصلح لكل المشروعات لان العديد منها لا يمكن بيعه بشكل عشوائي وكل حالة لها ظروفها الخاصة ويضيف ان الأسلوب الامثل عند عرض احد البنوك للبنوك ألا نسمح للاجانب بتملكها أو بشراء النسبة الاكبر منها والافضل ان نعطي الفرصة للاكتتاب العام كأسلوب يمكن أن ينجح في جعل ملكية هذا القطاع الضخم لابناء الوطن. ويري ندا انه من المفترض ألا تتعدي نسبة تملك الاجانب 25% أو 30% من اصول البنوك المصرية وكان من المفترض ان تكون هناك خطط مدروسة عند بيع القطاعات الاستراتيجية. ويؤكد رئيس القطاع القانوني ببنك مصر - ايران انه من الصعب تحديد نجاح أو فشل فكرة الطرح امام الشعب لان لكل قطاع طبيعة خاصة تحكمه وتحدد الطرق المناسبة لبيعه سواء للاكتتاب العام او بيعه لمستثمر رئيسي او لمجموعة من المستثمرين وما الي ذلك من طرق البيع المتعارف عليها. بينما يدافع مجدي صبحي الخبير الاقتصادي عن بيع شركات القطاع العام المتهالكة لمستثمر رئيسي ويقول ان الادارة المختلطة فيما بين الحكومة والطرف الاجنبي حسنت اداء الشركات وادت الي النهوض بها وهذا ما حدث للشركات التي بيعت من قبل والتي ثبت بالتجربة ان البيع مع اعطاء حق الادارة للشركات الاجنبية كان أفضل الحلول لمعالجة أوضاعها واعادة هيكلتها من جديد والنتيجة انه بعد البيع اصبحت هذه الشركات فاعلة ومنتجة وتغير مستوي ادائها للافضل وهذا هو الهدف الاساسي من بيع الشركات وليس كما يتردد ان الحكومة متجهة لبيع الاصول المملوكة للدولة وتفتح الباب علي مصراعيه لدخول الاجانب لتملك السوق المصري وان مصر بيعت بالكامل فهذه آراء خاطئة لانها لا تنظر لنصف الكوب الفارغ والمفروض ان نقيم الاوضاع بعد عمليات البيع. ومن جانبه يري د.شريف دلاور الخبير الاقتصادي انه لا يوجد قانون يمنع الشعب من تملك اسهم في الشركات العامة المطروحة للبيع. ويحذر د. دلاور من قيام مجموعة مساهمين باحتكار أغلبية الأسهم وبالتالي التحكم في المؤسسة المبيعة أو حتي إعادة بيعها مرة أخري للأجانب بحثا عن الربح السريع ويذكر د. شريف أن الهدف الرئيسي نحو اتجاه الدولة لخصخصة أصولها وطرحها للبيع زيادة الانتاجية عن طريق الإدارة الناجحة المحترفة ويضرب د. دلاور مثلا بعمليات قريبة من الاكتتاب الشعبي وهذا ما افتقدته وهي البيع للعاملين بالشركات حيث كانت النتيجة الفشل في ادارة الشركات مثلما حدث في شركة مساهمة البحيرة والتي بيعت بالكامل عام 1992 للعاملين بها. ورغم ذلك يري د.شريف دلاور أنه لا مانع من اتاحة الفرصة للمستثمر الرئيسي للشراء علي أن يطرح للشعب نسبة محددة من أسهم الشركة المراد بيعها بحيث لا تزيد علي 30% علي الأكثر علي أن تحاط عمليات البيع بالشفافية التامة ونشر الميزانيات بطريقة واضحة بالصحف مثلما هو الحال لعمليات الطرح بالبورصة. ويقول د.ايهاب الدسوقي المستشار الاقتصادي بمركز معلومات مجلس الوزراء إن عملية بيع الاصول المملوكة للدولة لها العديد من الطرق والاساليب منها البيع لمستثمر رئيسي أو الطرح العام وذلك بطرح أسهم الشركات للتداول بالبورصة أو الايجار أو بيع أصول المشروعات التي لم تنجح ولكل أسلوب مزاياه وعيوبه وعن مزايا طرح شركات القطاع العام للبيع أمام المواطنين يقول د.ايهاب إن أولي هذه المزايا تتمثل في توسيع قاعدة ملكية الشركات أمام الافراد. أما عيوبه هذا النظام فتشمل عدم قدرة الافراد علي الادارة وعدم رغبتهم في ذلك لذلك أقرت الدراسات الأخيرة علي عينة من الشركات التي طرحت للاكتتاب العام بالبوصة فشل هذه الشركات إداريا حيث لم يكن أداؤها علي النحو المرغوب فيه. وعن أسلوب البيع لمستثمر رئيسي يري الدسوقي أن ميزته تتمثل في أن المشتري واع ومدرك للآليات التي من شأنها اعادة هيكلة الشركة التي قام بشرائها حتي يطور من أدائها ولكن يعيب هذا النظام أنه يوجد نوعا من الاحتكارات. ويؤكد د.ايهاب علي ضرورة ايجاد حل وسط يتمثل في أن نبيع 50% لمستثمر رئيسي و50% للمواطنين بحيث تكون الادارة للمستثمر الرئيسي القادر علي إدارة الشركة وحتي لا تكون الدعوة للاكتتاب العام تأتي من منطلق المشاعر والعاطفة. ويرفض د.الدسوقي فكرة طرح البنوك للبيع أو إدارتها بواسطة رجال أعمال حتي لا يحتكرون البنك لخدمة مصالحهم الشخصية حيث إن قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 الذي صدر مؤخرا ينص علي ألا تتعدي نسبة تملك الفرد أو أقاربه لأكثر من 5% من أسهم البنك المعروض للبيع وإذا كان أكثر من ذلك لابد من موافقة البنك المركزي لذلك فإنه في حالة بنك القاهرة الأفضل هو بيعه لمستثمر رئيسي خاصة إذا ما اندمج داخل بنك عالمي يستطيع بما له من خبرة النهوض بمستوي أداء البنك والوصول به إلي العالمية. ويري د.رشاد عبده الخبير الاقتصادي بالاكاديمية العربية للعلوم المصرفية أن الاستمرار بآلية واحدة في البيع لفترة طويلة واستبعاد باقي الطرق الأخري غيرصحيح فمن حق المسئول أو الجهة المعنية بالأمر أن تطور وتنوع في استخدام آليات الخصخصة بحيث يتناسب الأسلوب مع طبيعة الفترة التي يطبق فيها حتي تؤتي بثمارها. وينوه د.رشاد علي ضرورة الاعتماد علي التجارب الناجحة في هذا المجال مثل التجربة البريطانية التي اعتمدت علي توسيع قاعدة الملكية بحيث يكون المجتمع كله فاعلا مع الحرص علي الشفافية في الأداء كل هذا نتج عنه تجربة بيع ناجحة لممتلكات الشعب غير معرضة للانتقاد أو الهجوم. أما بالنسبة للبنوك فيرفض د.رشاد فكرة طرحها للاكتتاب العام وذلك لأن المواطن العادي لا يملك القدرة علي الإدارة أو التطوير كما أن هناك لا تخوفا من دخول رجال الأعمال لشرائها وقد يراعي بعضهم مصالحهم الشخصية قبل المصلحة العامة مشيرا أن البيع للأجانب لا يأخذ الطابع الفردي وإنما الذي يقوم بالشراء مؤسسات كبري قادرة علي تحويل البنوك الخاسرة لمؤسسات قوية تصل للعالمية مثلما حدث عند بيع بنك التنمية المصرية "للبنك الوطني الكويتي" وكذلك بنك الاسكندرية الذي تم بيعه لأكبر بنك ايطالي ألا وهو بنك "سان باولو" أما باقي المشروعات التي يمتلكها القطاع فهي متاحة لمن يستطيع التطوير وتحمل أعبائها ومشاكلها.