تجلت المعضلة الكبري الذي تواجه أوروبا بشأن تأمين امدادات الطاقة بشكل عام والامدادات القادمة من روسيا بشكل خاص في جلسات المؤتمر الدولي الذي استضافته العاصمة اللاتفية ريجا لمناقشة تأمين امدادات الغاز الطبيعي. وقال اندرس بايبالجس مفوض شئون الطاقة في الاتحاد الأوروبي أمام منتدي الطاقة الاقليمي لدول البلطيق في ريجا إن تنويع وتأمين امدادات الطاقة أصبح أمرا حيويا.. عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لا يمكن النظر إلي أي ثمن باعتباره غاليا. أما يوريس شترودس وزير الاقتصاد في لاتفيا فقال الاحتمال الوحيد بالنسبة لنا هو الحصول علي الغاز من روسيا أما إذا اقمنا خطوط نقل لمسافات طويلة من أماكن أخري فلن تكون التكلفة محدودة بهذا الشكل. وتدور المناقشات في أوروبا بشأن أمن امدادات الغاز علي نحو غير مسبوق منذ ان أوقفت روسيا ضخ الغاز إلي أوكرانيا مطلع العام الماضي علي خلفية النزاع بشأن أسعار التصدير مما أدي إلي اضطراب امدادات الغاز الروسي إلي أوروبا الغربية حيث يمر جزء كبير منها عبر الأراضي الأوكرانية. ووفقا لأرقام شركة جاز بروم الروسية التي تحتكر تصدير الغاز الروسي فانها توفر حوالي ثلث واردات أوروبا من الغاز الطبيعي. كما ان هذه الشركة هي المورد الوحيد لبعض دول شرق أوروبا ومنها فنلندا وجمهوريات البلطيق وبولندا. وفي اعقاب أزمة الغاز الاوكرانية في يناير 2006 بدأ الساسة في أوروبا وخارجها الحديث عن ضرورة مراجعة وضع امدادات الغاز في أوروبا بشكل عام بما يضمن تفادي مواجهة مثل هذا المأزق. وقال جيدميناس كيركيلاس رئيس وزراء ليتوانيا أحد أهدافنا الاستراتيجية هو تقليل اعتمادنا علي الموردين المحتكرين للطاقة وبالتالي التنويع في مصادر الحصول عليها. وأضاف ماثيو بريزا المسئول بمكتب الشئون الأوروبية والأوروالآسيوية في وزارة الخارجية الأمريكية ان الأمن القومي في مجال الطاقة سيتحقق للجميع بأفضل صورة ممكنة إذا ما تم تحرير الأسواق والسماح لقواعد السوق العمل بحرية. وفي الوقت نفسه تبذل جاز بروم الروسية وفروعها الاقليمية مثل فرعها الذي يحتكر الغاز في لاتفيا "لاتفياز جاز" الذي تمتلكه جزئيا، جهودا جبارة من أجل إصلاح صورتها أمام الرأي العام في أوروبا وتقديم نفسها باعتبارها موردا للغاز يمكن الاعتماد عليه والوثوق به. وأكدت جاز بروم الاتفاق الذي وقعته عام 2005 مع شركة إيون الألمانية العملاقة للطاقة وشركة باسف الألمانية للكيماويات لمد خط أنابيب باسم تيار الشمال لنقل الغاز من روسيا إلي أوروبا مباشرة مشيرة إلي ان هذا الخط سيدعم أمن امدادات الطاقة في أوروبا. ويتفادي الخط المرور بأراضي دول شرق ووسط أوروبا مثل اوكرانيا وبيلاروس "روسياالبيضاء" وهو ما يقلل احتمالات تعرضه لمشكلات في المستقبل. وقالت البروفيسور باربرا كالينك محامية مشروع تيار الشمال ان المشروع بمثابة عنصر من عناصر النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. كما اقترحت شركة لاتفيا جاز توسيع شبكة منشآت تخزين الغاز تحت الأرض لديها مشيرة إلي ان هذه المستودعات يمكن ان توفر احتياطيا استراتيجيا لتأمين استقرار امدادات الغاز لدول الاتحاد الأوروبي في حالة التعرض لأي اضطرابات في الامدادات. وقال اندرا بسينسكا رئيس القطاع الدولي في الشركة اللاتفية إنه علي أوروبا إدراك القدرات الهائلة لمنشآت تخزين الغاز تحت الأرضي في لاتفيا واستخدامها. ولكن معارضي المشروعين يقولون ان أيا منهما سواء خط الأنابيب أو المستودعات تحت الأرض لن تحل المشكلة الأساسية لقطاع الغاز في أوروبا وهي ضرورة تنويع مصادر الامدادات. ولايبدو ان الجدل سيحسم قريبا خاصة أن أوروبا تقف في مواجهة هذه المشكلة وإحدي عينيها في الجنة بحثا عن تنويع مصادر الامدادات والأخري في النار خوفا من التكاليف الباهظة لاستيراد الغاز بعيدا عن روسيا.