ارتفع رأس المال السوقي للبورصة المصرية ليتجاوز ال 600 مليار جنيه مسجلا 610 مليارات جنيه ليقترب من الناتج المحلي الاجمالي، ورغم هذا الارتفاع فإن البورصة مازال أمامها مدي واسع للارتفاع والصعود، وليست هناك من مبررات بالتحذير من اقتراب رأسمال البورصة السوقي من الناتج المحلي الإجمالي أو تجاوزه مثلما حدث في فبراير ،2006 وتسبب في الهبوط الحاد للسوق، فهو إنذار كاذب وتحليل غير صحيح طبقا للأوضاع في البورصات العالمية أو حتي بعض البورصات الصاعدة في جنوب شرق آسيا، وأمريكا اللاتينية وشرق أوروبا. وهناك عدة أسباب في صالح تخطي القيمة السوقية للبورصة للناتج المحلي الإجمالي، ربما يكون في مقدمتها أن الناتج المحلي الإجمالي يعبر عن قيمة ما ينتجه الاقتصاد المصري من تدفقات وليست قيمة أصول الاقتصاد المصري، بينما رأس المال السوقي للبورصة يعبر عن قيمة الأصول لجميع الشركات المدرجة في البورصة، أي أنها تقييم لأصول، وبالتالي من المنطقي أن يتجاوز تقييم هذه الأصول قيمة الناتج المحلي الإجمالي، وهذا الأمر منطقي جدا في البورصات العالمية الأكثر كفاءة، فعلي سبيل المثال رأسمال بورصة نيويورك أكبر كثيرا من الناتج المحلي الأمريكي، وهو نفس الوضع في بورصات طوكيو وباريس ولندن وفرانكفورت. وبالتالي فالمحللون الماليون وكذلك بعض الصحف الذين حذروا في فبراير 2006 من تجاوز رأسمال البورصة للناتج المحلي الإجمالي كانوا علي خطأ، ويجب التفرقة بين ما ينتجه الاقتصاد من تدفقات نقدية، وتقييم أصول الاقتصاد نفسها، وبين تقييم أصول البورصة المعبر عنها بالقيمة السوقية وبين التدفقات النقدية الناتجة من أرباح ونشاطات البورصة. كما أن بعض الشركات المدرجة في البورصة وبعضها أصبحت شركات عملاقة بالمقاييس العالمية، هي شركات عابرة للقارات وهناك جانب كبير من مدخولاتها وتدفقاتها النقدية ناتجة من اقتصادات أخري، فعلي سبيل المثال شركة أوراسكوم تليكوم تمتلك شبكات في باكستانوالجزائر وتونس والعراق وسوريا، وجنوب شرق آسيا وشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة تمتلك مصانع أسمنت في الجزائروباكستان، وتمتلك أعمال مقاولات في العديد من الدول، وكذلك شركة النساجون الشرقيون، وأوراسكوم للفنادق والتنمية. وهناك أسباب أخري ربما في مقدمتها التفاؤل بمستقبل الاقتصاد المصري بعد رفع تقييم مصر عن طريقه مؤسسة "فيتش" من BB محايد إلي إيجابي، وهو ما يعني تحسن مناخ الاستثمار، وكذلك زيادة معدلات نمو الاقتصاد الصناعي إلي 10.5% العام الماضي، بعد أن استقر عند 4% خلال السنوات بين 2002 و2005 والاقتصاد نفسه تحسن وزادت معدلات نموه إلي 7%، وزاد الاحتياطي النقدي من العملات الحرة واستقرت اسعار الصرف وتوفرت العملات الحرة للمستثمرين الأجانب، وبالتالي النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري، أصبحت أفضل كثيرا من الماضي، وهو أمر ناتج عن تحسن المناخ الاستثماري، الأمر الذي سينعكس بشدة علي معدلات نمو ربحية الشركات المدرجة في البورصة. كما أن الطفرة التي يشهدها قطاع الإسكان والإقبال العربي علي اقتناء أصول عقارية مصرية سيساعد علي تحريك 40 صناعة مرتبطة بالقطاع، ومن المعروف أن المشروعات العقارية التي تم الاتفاق عليها خلال الأشهر الستة الماضية تصل تكلفتها الاستثمارية إلي حوالي 50 مليار دولار. وستؤدي الطفرة في قطاع الإسكان إلي زيادة نمو صناعات الأثاث والأجهزة الكهربية والبلاط والسيراميك والأسمنت وغيرها من الصناعات، وهذه الطفرة العقارية من المنتظر أن تستمر في الأجل المنظور نظرا لأن مصر أصبحت البديل المفضل للعرب عن لبنان التي تعاني من صراعات دامية، وتوجه الكثير من العراقيين للإقامة في مصر، وزيادة اقبال الأجانب من الأوروبيين والأمريكيين علي شراء العقارات في المناطق السياحية في مصر. ولهذه الأسباب ارتفعت البورصة المصرية بقوة العام الحالي، رغم المعاناة في جميع البورصات العربية وتذبذبها الحاد، فالمؤشر الرئيسي للبورصة علي 30 صعد من 6973 نقطة في أول أيام العام الحالي ليصل نهاية الأسبوع الماضي إلي 7914 نقطة بزيادة حوالي 1041 نقطة بنسبة 15%، ويمتلك المؤشر فرصة جيدة لمواصلة النمو والاقتراب من مستوي يتراوح بين 8500 و9000 نقطة قبل نهاية العام الحالي. وكان من الطبيعي أن يؤكد د. هاني سري الدين رئيس الهيئة العامة لسوق المال أثناء تكريمه بمناسبة انتهاء ولايته، أن سوق المال المصري مرشح لأن يكون أكبر الأسواق في الشرق الأوسط وليس عربيا، بما يعني أن سوق المال المصري مرشح لأن يكون أكبر من تركيا وإسرائيل والسعودية، ومعه حق في ذلك لأن الاقتصاد المصري بما يملكه من إمكانات للتنوع والتصدير والنمو يمثل دعما لسوق المال المصري، لأنه ينمو ويصبح الأكبر والأفضل في المنطقة، وأن قيمة التداول يوميا إلي 2 مليار جنيه علي الأقل خلال الفترة المقبلة. ومن المنتظر أن تشهد الفترة القادمة دراسة رفع الحدود السعرية عن كل الأسهم المدرجة في البورصة وهو ما سيساهم في زيادة تنشيط السوق، وهو القرار الذي تنتظره البورصة من الدكتور أحمد سعد رئيس الهيئة العامة لسوق المال، بالإضافة لتفعيل الشراء بالهامش وتسليف الأسهم.