اعترف بأني فوجئت بوجود جامعة في مصر تحمل اسم "جامعة النيل"، ثم فوجئت اكثر بأن هذه الجامعة ليست مجرد إضافة عددية للجامعات الحكومية والخاصة الموجودة حالياً، وانما هي جامعة "متخصصة"، تحمل في مشروع تأسيسها "جينات" الثورة التكنولوجية وثورة المعلومات التي هبت رياحها علي العالم بأسره، مثلما تستهدف إبرام زواج شرعي بين العلم والصناعة والمجتمع، وهي كلها أمور غير موجودة في نظامنا التعليمي المتدهور. وعبر حوار طويل بدأ في تورنتو وأوتاوا ومونتريال بكندا وانتهي علي مقهي بأحد شوارع العاصمة الأمريكيةواشنطن، مع الدكتور طارق خليل القائم بعمل رئيس جامعة النيل والدكتور أسامة مصيلحي نائب رئيس هذه الجامعة، بحثت عن الجديد في جامعة النيل التي أنشئت رسميا في يناير 2007. سألت العالمين الجليلين عن تفرد هذه الجامعة الذي يميزها عن باقي الجامعات. أجابا بأربع أفكار وليست فكرة واحدة: 1- لا تهدف جامعة النيل إلي الربح، بل تهدف إلي تحسين التعليم. 2- تعتمد أساسا علي الجاليات المصرية في الخارج باعتبارها "الرافعة" التي تجذب الكفاءات الأكاديمية المصرية الموجودة في الخارج إلي جامعة النيل. 3- ترتبط ارتباطا عضويا بالصناعة والقطاع الخاص، وأرقام المساهمات المالية في الصدد شهادة بالغة الدلالة. 4- تتداخل فيها الفروع والتخصصات بصورة أساسية وعلي سبيل المثال فإن كليات الهندسة وكليات التجارة في الجامعات "العادية" متخاصمة، ومعزولة عن بعضها البعض، وممنوع التداخل بين تخصصات هذه وتلك عملياً وقانونياً. وهذه مسألة غريبة ولا وجود لها في أي مكان في العالم لأن العلوم التقدمية تقوم علي تداخل التخصصات المختلفة. حتي في الكلية الواحدة، مثل كلية الهندسة، لابد من تداخل التخصصات وهو ما لا يحدث في مصر. سألتهما عن معايير اختيار الطلاب وهل يختلف عن المعايير الشائعة؟ قالا إن هناك أربعة شروط: 1- تمتع الطالب المتقدم للالتحاق بالجامعة بإنجاز أكاديمي جيد، والتحقق من ذلك من خلال مقابلة شخصية لا تقل عن ساعة مع كل طالب. وهذه المقابلة الشخصية أساسية لأن الجامعة تهدف إلي تخريج "قيادات" في المقام الأول، وهذا يعني تكامل الشخصية. 2- لأن الدراسة بالجامعة ستكون باللغة الإنجليزية فإن الطالب يجب أن تكون لديه معرفة جيدة بالإنجليزية. ويمكن أن نساعده في تحسين اللغة إذا كان مستواه العلمي ممتازاً. 3- النجاح في امتحانين أحدهما Graduate record examination والثاني Graduate Managment admission test وفق المعايير المعمول بها في الجامعات المحترمة مثل هارفارد وستانفورد. 4- من يستوفي هذه الشروط السابقة تتم مقابلة شخصية موسعة ومدققة معه لأن الأستاذ يريد طالبا يتجاوب معه. لكن ماذا عن الرسوم؟! ستون ألف جنيه تقريباً في السنة (أي مثل الجامعة الأمريكية). هل هذا يعني أنها للأغنياء فقط؟ يمكن أن تكون للأذكياء غير القادرين أيضاً عن طريق المنح الدراسية. وماذا عن التخصصات والكليات؟ تصميم الجامعة أن يكون لها ثلاث كليات للهندسة 1- كلية لهندسة الاتصالات 2- كلية لهندسة البترول والتعدين 3- كلية للعوم التطبيقية والهندسة. وان يكون بها كلية لإدارة الأعمال والتخصصات الحالية هي كلية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (مع التركيز علي هندسة البرمجيات) ويدرس بها حالياً 13 طالباً. وكلية إدارة الأعمال التنفيذية التي تمنح درجة الماجستير في إدارة الاعمال للمديرين التنفيذيين. ويدرس بها حالياً 30 طالباً. وكلية إدارة التكنولوجيا. وهذا تخصص مهم جداً وجديد في مصر ويدرس به 19 طالباً. لكن من الذي يقوم بالتدريس لهؤلاء الطلبة؟ يقول الدكتور خليل والدكتور مصيلحي: لا نريد أن نفعل مثل الجامعات الخاصة، التي تستعين بما يسمي ب "الأستاذ القشاش" الذي يقوم بالتدريس في أكثر من جامعة في نفس الوقت. ولذلك نعتمد علي إبرام اتفاقات مع جامعات أجنبية واجتذاب الخبرات الأكاديمية المصرية الموجودة بالخارج. وكم ستعطونهم كمرتبات؟ نفس مستوي الجامعة الأمريكية تقريباً. اي أن بداية المدرس لن تقل عن 15 ألف جنيه، تزيد مع الاستاذ المساعد، ثم الأستاذ، وهكذا دواليك. سألتهما: لماذا لم يسمع معظم المصريين شيئاً عن هذه الجامعة؟