في تصريحات ملتهبة نقلتها وكالات الانباء عن الرئيس الايراني أحمدي نجاد انه قال.. العد التنازلي للقضاء علي دولة إسرائيل بدأ، علي يد الفلسطينيين واللبنانيين. وأضاف أنه بعون الله ضغطت أيدي أطفال لبنان وفلسطين "الزر" لهذا العد التنازلي لتدمير النظام الصهيوني، وان شاء الله سنشهد تدمير هذا النظام في المستقبل القريب. طبعا مثل هذه التصريحات في مجتمع طلابي ايراني مشحون بالانفعالات ضد التحديات التي تواجهها بلاده لابد أن تلقي ترحيبا واسعا وتصفيقا حادا وصيحات الذهاب إلي الحرب لمؤازرة الذين ضغطوا "الزر". وربما تكون مصادفة أن هذه التصريحات سمعناها تقريبا بالحرف أو تكاد عشية حرب 5 يونية 67 الشهيرة بحرب الأيام الستة منذ اربعين عاما بالتمام والكمال. تلك الأيام كانت الدعاية الشمولية الموجهة قد غسلت أدمغة الناس وأنا منهم كنا نتصور عشية الحرب وفي الأيام القليلة السابقة عليها والتي تردد فيها السكرتير العام للأمم المتحدة في ذلك الحين علي الرئيس جمال عبدالناصر في قصر القبة، كنا نتصور أن بلادنا تفرض شروطا علي العدو رأفة به قبل أن تلحقه الهزيمة المروعة. في تلك الأيام وبفعل الاعلام الشمولي الموجه الذي سيطر علي عقول الناس اندفع عمال النقل ليكتبوا علي مركبات الاوتوبيس في محطة "القللي" وأذكر ذلك جيدا كشاهد عيان "القللي تل أبيب" في اشارة ليست إلي التطبيع الذي تجري الأمور نحوه الان ولكن إلي ازالة اسرائيل بعد أيام لتكون الطريق مفتوحة بين مصر وفلسطين من القللي إلي تل أبيب. كان معظمنا يصدق، وأقلنا يشكك في هذا لكلام وهذه القدرة ولكنه كان تكذيبا وتشكيكا صامتا في معظم الاحيان فمن ذا الذي كان يجازف بإعلان مخالفته لهذا التيار الانفعالي الجارف الذي يتوقع القضاء علي اسرائيل وليس أقل من ذلك. وربما يتذكر بعضنا بعد كل هذا الوقت حفلات التوديع علي ضفة قناة السويس حيث تلتقي عدسات التليفزيون المصري بالأبطال الذاهبين بابتسامة عريضة لإلقاء اسرائيل في البحر. الأمور لم تجر مطلقا علي هذا النحو وتعلمنا درسا قاسيا جدا جدا جدا.. تعلمنا أن جود الأحلام والأساطير وتخيل الانتصار علي العدو ينتهي بكارثة. ومن عجب أن يعيش ايران نفس الاجواء التي عشناها قبل اربعين سنة مما يعني أنها تخطت التجربة، وعليها أن تمر بها بنفسها. ان تجاهل التاريخ وتطور الجنس البشري يعني التخلف بعينه. السنوات الاربعون لن تعود أبدا من جديد، ونجاد لن يري نهاية دولة اسرائيل، بل علي الارجح ربما يري نهاية دولته، لأنه ببساطة يتجاهل الحقائق القائمة علي الارض.