فتحت سويسرا اعتبارا من أول يونية حدودها أمام رعايا الاتحاد الأوروبي الراغبين في العمل دون التقيد بنسبة سنوية محددة لتصاريح العمل المفروضة علي مواطني الاتحاد.. واستثني هذا الشرط الدول الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي من شرق القارة. وفي الوقت الذي رحبت فيه الأوساط الاقتصادية بهذا القرار أعربت النقابات العمالية والمهنية عن تخوفها من الانعكاسات المترتبة عليه. وتري ريتا بالديجر مسئولة الإعلام في وزارة الشئون الاقتصادية السويسرية أن هذا القرار سيساعد في نمو الاقتصاد السويسري. وأوضحت للجزيرة نت أنه سيمكن الشركات من العثور علي الكفاءات العلمية والأيادي العاملة المدربة بشكل جيد، وبالتالي ستتمكن من الحصول علي المزيد من الصفقات والمنافسة علي الفرص التصديرية المتاحة دوليا خاصة في مجالات الطاقة والصناعات الثقيلة والتقنية الإلكترونية المتطورة والكيماويات والأدوية. وكانت إحصائيات مكاتب العمل السويسرية قد أشارت في الربع الأول من هذا العام إلي حاجة قطاع البنوك والمصارف لقرابة الألف ومائتي شخص، بينما تبحث كبريات الشركات عن نصف هذا العدد تقريبا من المهندسين المتخصصين في الطاقة والصناعات الثقيلة والمبرمجين. وتتوقع كبريات الشركات السويسرية استقطاب أفضل الكفاءات العلمية الأوروبية في مصانعها، وذلك بسبب الرواتب الجيدة التي تقدمها مقارنة مع دول الجوار والإمكانيات العلمية التي تتيحها في مجال الأبحاث. ومن جانبها، تري الدوائر المالية أن وفرة الأيادي العاملة المطلوبة ستشجع الشركات علي الاستثمار في مشروعات جديدة، كما أن تدفق نسبة معقولة من الأجانب سيرفع من القوة الشرائية بسبب رواتبهم التي تكون في الغالب مرتفعة، وهي عوامل تتضافر لترفع في النهاية من معدلات النمو الاقتصادي. ويري خبراء الاقتصاد السويسريون أن الاستفادة من وجود الكفاءات الأجنبية في تشجيع ودعم الاقتصاد المحلي ستنعكس علي قطاعات مختلفة. وأوضحت أن ذلك سيؤدي إلي تراجع نسبة البطالة في البلاد، إذ من المحتمل أن تعمل المشروعات التي تحصل عليها الشركات الكبري علي فتح وظائف أخري مساعدة، إذ لن يقتصر الأمر علي الأرجح علي الكوادر الفنية والإدارية وإنما أيضا علي الشرائح المهنية المختلفة. في المقابل، أعرب اتحاد النقابات المهنية السويسري عن قلقه مما وصفه بإغراق السوق بالأيادي العاملة الرخيصة، في مجالات مثل أعمال البناء والتشييد وقطاعات الفنادق والسياحة والأشغال التي لا تتطلب مهارات تقنية متميزة، وذلك لأن أغلب عمالها الوافدين موسميون يقبلون بأقل الرواتب. وتبدد بالديجر هذه المخاوف قائلة إن الدوائر الحكومية الرسمية ستقوم بمراقبة مثل هذه القطاعات للوقوف علي سلامة الإجراءات المتبعة في تشغيل العمالة الأجنبية ومدي مطابقتها للمعايير الرسمية المعمول بها في البلاد. في حين يري مراقبون أن سوق العمل السويسرية لن يتم إغراقها بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، لكن زيادة تدفق الكفاءات المهنية من الخارج ستؤدي إلي زيادة طفيفة في الأسعار قد تصل إلي 1% سنويا وهي ما قد تنعكس سلبا علي الفئات التي لن تستفيد من هذا النمو الاقتصادي المنشود. وكان المكتب الفيدرالي للإحصاء قد أشار الشهر الماضي إلي ارتفاع نسبة العمال الأجانب من دول الاتحاد الأوروبي وأعضاء رابطة التبادل التجاري الحر (إيفتا) بنسبة 2% خلال عام واحد، في مقابل تراجع الأجانب الوافدين من دول غير أوروبية بنسبة 1.5% عن نفس الفترة.