هل كان من قبيل الصدفة أن يتزامن الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني مع غارات إسرائيل المتعددة التي استهدفت مقار قيادات القوة التنفيذية في غزة التابعة لحماس وأن يأتي استهدافها في 17 مايو ذكري مرور عام علي تأسيسها علي يد سعيد صيام وزير الداخلية السابق؟ الاقتتال الداخلي اندلع إثر ما قيل عن البدء في تنفيذ خطة أمنية جديدة، عناصر محسوبة علي فتح ارادت اشعال المواقف بهدف تطويق حماس وحل القوة التنفيذية.. التقاتل يجري علي سلطة وهمية لا ينعم صاحبها في الحقيقة باية صلاحيات. مناورات مشبوهة..! قبل أن تشرع إسرائيل في استهداف القوة التنفيذية الخميس الماضي بعيد الإعلان عن الاتفاق علي وقف اطلاق النار بين حماس وفتح دخلت قوة مؤلفة من 500 عنصر من الجنود الموالين لفتح إلي قطاع غزة قادمة من مصر بعد أن تلقت تدريبات وهي قوة قيل بأنها دخلت بموافقة إسرائيل وبتنسيق أمريكي وأنها ستكون تحت قيادة محمد دحلان مستشار الأمن القومي لمحمود عباس وقيل انها لحماية أمن الفلسطينيين وهو مصطلح مطاط بات اليوم يعني الأمن ونقيضه أي أنها يمكن أن تشارك في اية اشتباكات داخلية فيما بعد ولكن القصد منها تغيير التوازن وترجيح كفة فتح علي حماس. اقتتال لصالح من؟ بلغ الأمر ذروته منذ أن بدأ الاقتتال الداخلي في 11 من الشهر الحالي واستمر إلي 17 منه ليسفر عن أكثر من 43 قتيلاخلافا للجرحي. كانت اسوأ موجة عنف بين الفصيلين منذ عدة أشهر ساعد علي احتدامه الوضع الفلسطيني المأساوي من جراء الحصار التجويعي الضاري الذي يمثل بلا شك عامل مؤثر لا يمكن انكاره والذي مازال مفروضا بسبب وجود حماس علي رأس الحكومة الفلسطينية ويبدو أن اتفاق مكة الذي جمع بين الفصيلين كان صوريا لم يمس الجوهر وإلا لكان توقيعه كفيلا بوضع حد لهذا الحصار الذي ضاعف من حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. إسرائيل واشعال الفتنة ورغم اتفاق وقف اطلاق النار بين الفصيلين الخميس الماضي إلا أن التوتر ظل قائما وتواصلت المعارك بينهما ليسقط خلالها عدد من القتلي وإذا استمرت الاضطرابات مستعرة فقد تتحول إلي حرب أهلية وتلعب إسرائيل دورا تحريضيا لاشعال نار الفتنة بين الطرفين ولهذا فإن دخولها علي الخط وقيامها بقصف مقارات قيادة القوة التنفيذية لم ينبع من فراغ وانما جاء عن قصد لكي يعكس ما سبق لإسرائيل أن عرضته علي محمود عباس بمد يد المساعدة ضد حماس وكأنما أرادت إسرائيل بذلك ايقاع الضربة القاضية بهذه القوة التي تملك اليد العليا في غزة بل ولابد أن إسرائيل تعهدت أن تمنح الانطباع للفلسطينيين بأن ما تفعله إنما يصب في مصلحة عباس وقوة جهاز الأمن الوقائي التابع لمحمد دحلان المستشار القومي لعباس أي أنها تريد بث الفتنة بين الطرفين وتطوير الأمر لينتهي إلي حرب أهلية بين الفصيلين وإذا حدث هذا فإن كليهما سيكون خاسرا وتكون إسرائيل بذلك هي الرابح الوحيد. طوق نجاة ولا شك أن ما حدث ويحدث علي الأرض الفلسطينية من اقتتال داخلي يثلج صدر إيهود أولمرت بل من شأنه أن يمد له طوق انقاذ يمكنه من الخروج من أزمته الحالية التي زادت وطأتها في أعقاب تقرير "فينوجراد" والذي حمله تبعة الفشل في إدارة الحرب علي لبنان.. كان القتال الفلسطيني الفلسطيني بلسما شافيا لحكومة أولمرت ومنحها فرصة لاسترداد الأنفاس بعد التداعيات التي خلفها تقرير "فينوجراد" بل إن أولمرت وجدها فرصة لاستعادة شيء من شعبيته المفقودة. ضوء أخضر لتجنيد العملاء ولا ينكر أحد أن الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين كان بمثابة الضوء الأخضر الذي شجع إسرائيل علي اجتياح سماء غزة وعلي أن تكيل الضربات عبر الغارات المتوالية التي استهدفت في الأساس عناصر الجناح العسكري لحماس، نعم لقد فتح الاقتتال الداخلي الباب علي مصراعيه أمام اسرائيل للدخول علي حلبة الصراع الفلسطيني الفلسطيني وتجنيد العملاء والقيام بتصفية كوادر حماس بهدف اذكاء الفتنة وصب الزيت علي نار الحرب الأهلية بين الفلسطينيين. حذاري من تصفية القضية إسرائيل راقبت الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني بعيون مفتوحة وانتهزت الفرصة كي توجه ضرباتها إلي حماس ومن ثم أعلنت عن استعدادها لتقديم كل عون لمحمود عباس والغرض تحريض الفلسطينيين علي الاقتتال فيما بينهم من أجل هدف رئيسي تتطلع إسرائيل إلي تحقيقه ألا وهو إحكام القبضة علي الأراضي الفلسطينية واستغلال عامل الوقت في ترسيخ الاحتلال واحالة التراب علي العملية السلمية ككل.. ولذا يتعين علي فتح وحماس أن يتفهما الموقف وأن يعهد كل منهما إلي اتخاذ قرار شجاع يصب في خدمة الشعب الفلسطيني والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.. يجب طي صفحة الاقتتال بين الفصائل والتي سيكون ضحيتها في النهاية الشعب الرازح تحت واقعين أحلاهما مر.. واقع الاحتلال وممارساته الاجرامية وواقع الحرب المجنونة بين الفصائل التي تجز أعناق الابرياء ويتم معها تصفية القضية.