رسالة الكويت مصطفي عبدالسلام: فرض قرار الكويت المفاجئ بالتخلي عن ربط عملتها الوطنية بالدولار وربطها بسلة عملات نفسه وبقوة علي أعمال المؤتمر المصرفي الثامن لمجلس التعاون الخليجي الذي بدأ أعماله أمس بالكويت بمشاركة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية الخليجية ورؤساء البنوك والمؤسسات المالية الكبري. وفي الوقت الذي سعت فيه الكويت أمس عبر الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح محافظ بنكها المركزي إلي التأكيد علي أن خطوة التخلي عن ربط عملتها بالدولار لا يعني التخلي عن مشروع اطلاق العملة الخليجية الموحدة في موعد أقصاه 2010 إلا أن مسئولين خليجيين آخرين أبدوا قلقهم من قرار الكويت المفاجئ علي المشروع الخليجي وامكانية تسببه في إطلاق العملة الموحدة في غضون 3 سنوات. ورد محافظ بنك الكويت المركزي علي هذه التخوفات بتأكيده علي أن القرار الكويتي جاء لمواجهة الضغوط الضخمة التي باتت تعاني منها الكويت خلال العاملون الماضيين وتراجع سعر الدولار أمام العملات الرئيسية مشيرا إلي أن التضخم بلغ في عام 2005 نحو 4.1% وفي عام 2006 نحو 3.1% وهو أعلي المعدلات منذ ثلاثين عاما كما جاء بسبب زيادة واردات الكويت من الاتحاد الأوروبي علي حساب الواردات من السوق الأمريكي. وشدد المحافظ علي التزام الكويت بموعد اطلاق العملة الخليجية الموحدة مؤكدا أن فك الارتباط لن يثنيها عن المضي قدما في خطوات الاستعداد لتوحيد العملة في دول مجلس التعاون. وكانت الكويت قد فاجأت أسواق المال العربية والعالمية الأحد الماضي باتخاذ قرار يقضي بتحرير عملتها الوطنية وفك الارتباط مع الدولار والعودة إلي سلة عملات تكون العملة الأمريكية أحد مكوناتها وليس كل مكوناتها وردت قطر علي هذه الخطوة بالتأكيد علي تمسكها بربط عملتها بالدولار وتتجه أنظار المحللين حاليا إلي دولة الامارات التي ألمحت أكثر من مرة اتجاهها لفك الارتباط بين عملتها والعملة الأمريكية لكنها لم تأخذ خطوات ملموسة في هذا الشأن حتي الآن وتعد الكويت أول دولة خليجية تفك الارتباط بين عملتها الوطنية والدولار. وسادت أسواق الكويت حالة من الترقب الشديد علي مدي اليومين الماضيين انتظارا لتحركات الدينار الكويتي أمام الدولار صعودا أو هبوطا وإن كان محافظ بنك الكويت المركزي قد توقع حدوث تحسن ملحوظ في سعر الدينار خلال الفترة المقبلة مع تحسن الوضع الاقتصادي والوفورات المالية الناجمة من ارتفاع أسعار البترول ووجود احتياطي نقدي يتجاوز ال21 مليار دولار. وفي الوقت الذي فقد فيه الدولار أكثر من 37.5% من قيمته أمام الجنيه الاسترليني و56% أمام اليورو و10% أمام الين الياباني منذ ابريل 2003 وحتي ابريل الماضي فقد رفض المسئول الكويتي الكشف عن تفاصيل سلة العملات التي ستكونها أول دولة خليجية تخلت عن الدولار وقالت إن البنوك المركزية لا تكشف عن مكونات سلة عملاءها وأنه أشار إلي أن نسبها ستكون حسب العلاقات المالية والتجارية بين الكويت ودول العالم الخارجي. ودافع محافظ بنك الكويت المركزي عن قرار فك الارتباط مع الدولار مؤكدا علي أنه تم اتخاذه بعد دراسة متأنية استمرت شهوراً أتم خلالها دراسة الوضع الاقتصادي والتجاري ومخاطر الارتباط بعملة واحدة. وكان المؤتمر المصرفي الثامن لدول الخليج الذي ينظمه علي مدي يومين بنك الكويت الوطني وبنك الكويت المركزي ومجلس التعاون الخليجي قد ناقش أمس التحديات التي تواجه الصناعة المصرفية الخليجية وكيفية التغلب عليها كما تطرق للخطوات الخليجية التي تم اتخاذها لإطلاق العملة الموحدة في موعدها المحدد حيث أكد عبدالرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أنه من بين هذه الخطوات البدء في استحداث نظام مدفوعات متطور موحد لتوفير آلية أمن لتسوية المدفوعات بالعملة الموحدة من خلال استراتيجية لتنفيذ ربط نظم المدفوعات في دول المجلس كما يجري تطوير الشبكة الخليجية لربط شبكات الصرف الآلي الخليجية، حيث تم الانتهاء من تحديد الخدمات الاستشارية المطلوبة وتم الاتفاق علي عمل معايير مشتركة للبطاقات الذكية في دول المجلس، بالإضافة للعمل علي دراسة طرق الاتصالات الحديثة لاختيار أفضل خيار لربط الشبكة الخليجية للصرف الآلي. وأشار العطية كذلك إلي أنه في إطار لجنة محافظي النقد والبنوك المركزية بدول الخليج فانه يجري الآن استكمال مسودة اتفاقية الاتحاد النقدي والتشريعات والترتيبات المتعلقة بالسلطة النقدية المشتركة ومسودة التشريعات الرقابية والاشرافية اللازم توحيدها لاقامة الاتحاد. وتطرق ناصر مساعد الساير نائب رئيس بنك الكويت الوطني في كلمته إلي أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي الخليجي حيث أشار إنه رغم التحسن الملحوظ في البيئة الاقتصادية التي تعمل البنوك الخليجية في إطارها إلا أنها مازالت تحد من قدرة هذه البنوك علي أداء رسالتها بالدرجة المطلوبة وأن هذا يجعلنا "نلهث في ركضنا" وراء المصارف العالمية وقال إن الحكومات الخليجية وبشكل متفاوت مازالت تهيمن علي مجريات النشاط الاقتصادي وهناك تهميش لدور القطاع الخاص في بعض الأحيان. وشدد الساير علي أن المصارف الخليجية وغيرها من المصارف حول العالم لا تستطيع أن تلعب دورها الفعال في مساندة النشاط الاقتصادي أو حتي أن تعزز حضورها أو تستغل طاقتها في ظل التشوهات الناجمةعن غياب القطاع الخاص ومؤسساته عن إدارة النشاط الاقتصادي. ومن المقرر أن يستأنف المؤتمر المصرفي الثامن لدول الخليج أعماله اليوم الاربعاء حيث سيناقش عدة موضوعات بالغة الأهمية علي رأسها التذبذبات الحادة التي سادت أسواق المال الخليجية خلال الفترة الماضية وانعكاساتها علي المستثمرين وكيفية تفاديها كما سيعقد محافظو البنوك المركزية جلسة لبحث التطورات الأخيرة في أسواق النقد بدول الخليج خاصة عقب قرار الكويت فك ربط عملتها بالدولار.