انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري المقرر اجراؤها بعد عدة أسابيع ستكون وعاء تطبيقيا للتعديلات الدستورية التي تم اقرارها مؤخرا. وينتظر المراقبون "النقلة" التي ستقوم بها السلطة التنفيذية للدولة حين تعد قانونا جديدا لمباشرة الحقوق السياسية يراعي التعديلات التي وردت علي الدستور مثل اجراء الانتخابات في يوم واحد والاشراف القضائي علي اللجان العامة وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات. وهذه الاجراءات يمكن تحديدها في مواد القانون.. ولكن المشكلة الاكبر هي في تكييف خلط النشاط السياسي بالدين، او عدم استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات. وبالطبع فان الدستور في ثوبه الجديد يؤكد علي عدم جواز قيام حزب سياسي علي اساس ديني، كذلك يحظر الدستور خلط النشاط السياسي بالدعاية ذات الطابع الديني. وما نعلمه ان الجماعة المحظورة الاخوان، دأبت علي استخدام الشعار الديني، ويعتقد معظم المصريين المهتمين بالشأن السياسي فيما أري ان استخدام الشعار الديني غير جائز لاسباب متنوعة يسوقها هؤلاء المهتمون، ولكن السؤال المهم هو كيف يمكن التمييز عند الخلط بين السياسة والدين، ومن هو المنوط به هذا التمييز، يعني هل يكون القضاء هو جهة الاختصاص كما حدث في المرة السابقة اثناء انتخابات 2005؟ ام سيكون هناك اختيار آخر. وستحاول الجماعة المحظورة بكل قوتها الحيلولة دون تطبيق التعديلات الدستورية بالعودة الي المادة الثانية التي لم يجر عليها اي تعديل وهي المادة التي تقول ان مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وان الدين الرسمي للدولة هو الاسلام. والسؤال هنا هو: هل تفلح التعديلات الدستورية الاخيرة بالتأكيد صراحة علي "المواطنة" والاصرار صراحة علي عدم خلط الدين بالسياسة في تجاوز التفسير الواسع للمادة الثانية واعتبارها مسوغا لاستخدام الشعارات الدينية في العملية السياسية. اعتقد ان الامر ليس بهذه البساطة وان معركة حقيقية وقوية سوف تنشب من اجل وضع القواعد التنفيذية للتعديلات الدستورية ولكي تستقر سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية علي تفسير موحد وملزم لا يخضع للاجتهادات. وعلي الجانب السياسي من الموضوع أري ان حظر استخدام الشعار الديني فيه نوع من المساواة واقتصار المنافسة علي الوجه السياسي للاداء السياسي.. ولكن في نفس الوقت يجب ان ندرك ان الازمة نشأت ليس من مجرد استخدام شعار ديني وانما اساسا لوجود الفراغ الحزبي الذي أدي الي هذا الموقف المعقد.