إلي أي حد أنت تحترم القلب الشاب؟ علي مدي إجابتك عن هذا السؤال أقول لك هل أنت مدير ناجح أم أنت رجل تستحق معاشا مبكرا مع رسالة تقول "آسفين أنت غير صالح لإدارة المستقبل المصري". هذا ما أفكر فيه كلما خطوت الي مكتبة الاسكندرية، تلك التي لا تبلغ ميزانيتها اكثر من ميزانية كليتين جامعيتين.. ويديرها اسماعيل سراج الدين بفهم عملي لمعني ان اي وظيفة لابد لها من اجر يكفي الحياة، دون ان يضطر الموظف الي الشعلقة في اتوبيس اكثر من عمل كي يكفي مصاريف حياته، ويتباطأ في عمله الاصلي، فضلا عن ان العمل في هذا المكان لا يسمح لك بالكسل، وأنت لن توجد فيه ان كنت تحمل بطاقات توصية من أي كائن مهما علا شأنه، فلا مجال للوسطات او المجاملات، لان مهمة المكتبة تلامس في اهميتها حدود وآفاق الأمن القومي الإنساني، وليست محصورة فقط في أن يطل العالم علي مصر، وان تطل مصر علي العالم، بل تتجاوز مهمتها هذه المقولة رغم شرفها الكبير.. ولذلك لا يمكن ان يواصل العمل فيها الا من يستوعبون الآفاق الرحبة لمسئولياتهم في هذا الاطار الصعب والمحدد جدا.. وقد نجح عدد لا بأس به في مزاحمة المتربعين علي عرش التكنولوجيا الرقيمة - علي سبيل المثال - فأنتجوا ضعف انتاج أهل الصين في مجال ادخال معلومات وتبويبها، واعترف بذلك اهل الصين وأهل الولاياتالمتحدة.. العمل في هذا الموقع الساحر من الاسكندرية يدور وكأن الساعة البيولوجية الموجودة داخل كل كائن هي ساعة سويسرية الصناعة، أقول ذلك وانا الذي لا يحب التنقل من بيتي او مدينتي القاهرة، كراهية في رذالات التنقل والسفر، والنوم في مكان آخر غير بيتي، فضلا عن ان العديد من فنادق الاسكندرية يحتاج الي اعادة تأهيل في التعامل مع البشر، يكفي ان لاحظ بعض من ضيوف فندق فلسطين فساد بعض الاطعمة المقدمة علي العشاء الكبير الذي اقامته المكتبة، كما ان معظم وسائل التنقل التي تستأجرها فرقة استقبال ضيوف المكتبة، هذه الوسائل غير قابلة للاستهلاك الآدمي، فما معني ان تناقش اصلاح الكون، والاتوبيس الذي ينقلك يمكن ان يصيبك في حادثة نتيجة قدمه وتهالكه؟! ولولا اني احب الامل العملي الذي يزرعه اسماعيل سراج الدين في واقعنا المصري والانساني، لما انتقلت من القاهرة الي الاسكندرية تحت اي ظروف، ولذلك فانا احمد الله ان عوضني خيرا عن الحضور بشكل شخصي للمكتبة بسبب وجود شبكة الانترنت، فمن خلالها يمكن ان اطل علي عمل المكتبة وما يضيفه هذا المتوهج بالابداع المسمي اسماعيل سراج الدين، فبضغطة واحدة علي ازرار الكمبيوتر اجد نفسي مع كل المعلومات التي احبها، اقول ذلك لاني وصلت الي نقطة في العمر لا تتحمل ادني عبث بأعصابي أو صحتي. ومن خلال التواصل مع فريق الاعلام المتميز في مكتبة الاسكندرية، صرت لا اتردد في الاعتذار عن عدم قبول اي دعوة من المكتبة، لاني اثق اني سأحصل علي النص الاصلي لكل ما دار وكنت أود ان احضره، وهذا من خلال فريق عمل بسيط وصغير يتبع د.خالد عزب مسئول الاعلام بالمكتبة، وهذا الفريق مكون من شاب اسمه محمد مطش ومعه زميلة رقيقة وحاسمة، واحلم ان تستطيع الدكتورة نهي عدلي هذا العقل الموسوعي والعملي في دنيا المعلوماتية ان تحول لنا نشاط المكتبة الي افلام فيديو.. والي وجود دائم علي الشبكة الدولية، مثلما يمكننا ان نعثر علي محاضرات ونصوص كاملة ومناقشات حية علي شبكة الانترنت. شكرا لشبكة الانترنت التي تصون لي شيخوختي وتوفر علي السفر الدائم من القاهرة الي الاسكندرية من اجل التقاط انفاس الامل القائم علي اضاءة كل جنبات الروح والعقل معا في آن واحد بفضل هذا الصرح العلمي والانساني الشامخ الذي يزيد من صحوة العقل المصري.. واثق اننا في حاجة لرجال من طراز اسماعيل سراج الدين كي يديروا جامعاتنا فيتغير حال التعليم من الترهل الي ايقاظ شرارة الابداع، وما أرقاها من شرارة حية.