تحليل إخباري أحمد عبدالحميد: لم تكن الأيام القليلة الماضية أياما عادية بالنسبة لأسواق المال في أغلب دول العالم.. فقد خسرت البورصات الرئيسية في العالم جزءا كبيرا من قيمتها خلال تلك الأيام التي بدأت بتراجع الأسهم الصينية تلاه تراجع الأسهم الأمريكية لتبدأ موجة تراجع باقي البورصات وفقا لنظرية الأواني المستطرقة خاصة في ظل تزايد القلق بشأن مستقبل الاقتصادات الرئيسية في العالم. ورغم ما يبدو علي السطح من تجاوز البورصات العالمية تلك الأزمة مع توقف نزيف الخسائر وعودة الأسهم إلي الارتفاع سواء في اَسيا أو أوروبا فإن الواقع يقول إن احتمالات التراجع في المستقبل مازالت قائما. غير أن كينيث فاتريت من بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسية يقول: أعتقد أن هذا تقييم متأخر للمخاطر.. فقوة الدفع التي تمتع بها الاقتصاد العالمي تتراجع بشدة. وقد استهلت بورصات لندن وفرانكفورت وباريس وميلانو وزيوريخ الأسبوع الحالي بتراجع جديد يعمق جراحها بعد أن فقدت خلال الأيام الماضية الكثير من المكاسب التي حققتها العام الماضي.. ومازالت الأسواق الأوروبية تتوقع المزيد من الضربات في أسواق المال بخاصة في أسواق العملات التي نجحت حتي الاَن في تجنب الانهيار الذي أصاب سوق الأوراق المالية. وفي إشارة إلي القلق الذي يحيط بالعديد من الاقتصادات الناشئة في العالم فقد سجلت العديد من البورصات في هذه الاقتصادات من موسكو إلي وارسو مرورا باسطنبول والقاهرة اضطرابا أكبر. وفي حين تراجعت بورصة وارسو البولندية وهي تعد البورصة الرئيسية في وسط أوروبا بنسبة 83.3% فإن بورصة موسكو تراجعت بنسبة تتجاوز ال5% وتراجعت بورصة فيينا التي يتم فيها تداول العديد من الشركات الكبري في شرق ووسط أوروبا بنسبة 2%. في الوقت نفسه فإن مؤشر تك داكس لأسهم التكنولوجيا في بورصة فرانكفورت وهو أحد المؤشرات الرئيسية لأسهم شركات التكنولوجيا في أوروبا تراجع بنسبة تزيد علي 4% في حين تراجعت أسعار بعض الأسهم بأكثر من 8% في ظل استمرار المزاج السلبي بين المستثمرين. بدأت الموجة في أسواق المال العالمية بالتراجع الكبير الذي شهدته بورصة شنغهاي للأوراق المالية منذ 5 أيام وفي اليوم التالي انتقلت عدوي التراجع إلي كل البورصات تقريبا، الأمر الذي أثار قلقا بالغا بشأن اقتراب العالم من أزمة مالية حادة. ومن أكثر ما يثير قلق المستثمرين في الوقت الراهن مستقبل سوق العقارات في الولاياتالمتحدة باعتبارها مؤشرا رئيسيا علي اَفاق النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم. واتجهت الأنظار إلي مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت حيث عقد مجلس إدارة البنك اجتماعه الشهري لمراجعة السياسة النقدية في ظل توقعات بزيادة جديدة لسعر الفائدة قدرها ربع نقطة مئوية. في الوقت نفسه، فإن أغلب المحللين يعتقدون أن أسواق المال العالمية تشعر بقلق كبير بشأن نمو الاقتصاد الأمريكي خاصة في ضوء بيانات النمو الضعيفة خلال الربع الأخير من العام الماضي التي أعلنت الأسبوع الماضي، كما أن عددا من المراقبين يحذرون من احتمالات تراجع معدل نمو الاقتصاد العالمي خلال الشهور القليلة المقبلة مع تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي. ورغم تجاوز أسواق المال العالمية للأزمة الأخيرة حيث عاودت الأسهم اليابانية صعودها اليوم وكذلك الأسهم الأوروبية فإن العديد من المراقبين يحذرون من مرحلة الهدوء التي تسبق العاصفة.