حوار مع النفس! تحاول أمريكا اقناع العالم بأن حبيبتها "إسرائيل" هي واحدة من أكثر الفتيات حسناً وجمالا، ولا يهم أن يكون العالم مقتنعا بأن هذه الفتاة جميلة أو قبيحة أو متوحشة. وإذا لم يوافق العالم علي ما تدعيه أمريكا، تبدأ في شن حملة هجوم ضد من يعارضها.. وعلي سبيل المثال.. فحين أدان كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة مجزرة قانا، هاجمته كونداليزا رايس، وانتقدته بشدة. إن هذا الأمر ليس مثيرا وغير مألوف، ولكن غير المألوف هو أن توافق بعض الأنظمة العربية علي ذلك وتعلن عن مواقف كانت تخجل من الإعلان عنها في الماضي.. أما الآن فقد صارت لها الجرأة وأن تنتقد المقاومة ضد إسرائيل، ووجدت أن العقل والحكمة يقتضيان السير وراء الولاياتالمتحدة والتحالف معها وكسب رضاها بكسب ود إسرائيل التي تسعي لتقليم أظافر المقاومة في إطار سياسة مكافحة "الإرهاب" نيابة عن أمريكا ونيابة عن بعض الأنظمة العربية التي لا تريد أن تشكل حركات المقاومة بديلا عنها أو أن تورطها في صراع أخرجت نفسها منه عمليا، وتحولت إلي أكثر من الأمريكان الذين يتهمون المقاومة بالتهور وتنادي بنزع سلاح المقاومة..! لقد أصبح العجز والتواطؤ هو السمة الغالبة للنظام العربي الذي يسعي إلي تسويق سلام "الشجعان" وإلي محو ذاكرتنا وتشويه ثقافتنا الراسخة في أن إسرائيل دولة إرهابية وهي الشر الحقيقي في وحشيتها ومجازرها تبدأ من دير ياسين، مرورا بصبرا وشاتيلا وقانا.. وعشرات المجازر، مجازر تحتفظ بها الذاكرة العربية، لقد أعدمت رجالا مسنين.. ودمرت المنازل.. وقامت بعمليات الدفن الجماعي للأحياء وقتل الناس بالفؤوس وأشعلت النار في المزارع والمنازل، فهل يحتاج منا هذا إلي ذكاء أيها "العقلاء".. ويا أصحاب المواعظ والمدائح حتي نقتنع بآرائكم التي تنادي بالتعايش مع الكيان الصهيوني فيما يسمي ب "الشر" الأوسط الجديد يؤدي إلي الهلاك والقتامة من العراق إلي لبنان وفلسطين.. وتؤدي إلي تدمير الحياة بكل أشكالها واقتلاع الشجر والحجر، وفرض الحصار البري والجوي والتجاري والاقتصادي وتحويل غزة إلي أكبر سجن في العالم!! أمريكا وإسرائيل تمارسان الرعب الذي يمتد ويبشروننا به باسم الديمقراطية، رعب الدبابات والطائرات والقنابل العنقودية والفوسفورية والذكية وجميع الأسلحة المحرمة دوليا، التي تسقط علي الأطفال والشيوخ والأبرياء، بعدها تعرب كونداليزا رايس عن أسفها ثم يقول بوش إن لإسرائيل الحق في أن تدافع عن نفسها!! أي جنون هذا الذي تحاول أمريكا وإسرائيل تسويقه وتكريسه للرأي العام بدعوي القضاء علي الإرهاب وتهديد السلام العالمي وأمن إسرائيل؟! وإذا كان النظام العربي صار يمثل العجز والانصياع للقرارات الأمريكية في المنطقة التي تهدف إلي استعادة هيبة الردع الأمريكية التي تآكلت بفضل المقاومة الشجاعة في العراق وأفغانستان، فهو يحاول وقف تدهور المشروع الأمريكي "الشرق الأوسط الجديد" وإيجاد منظومة "امبراطورية العولمة" وبناء نظام فاشيستي عالمي بقيادة أمريكية إسرائيلية، فإن هذا الوضع يفرض علي الأحزاب الوطنية في العالم العربي وجمعيات المجتمع المدني أن تتصدي لهذا المشروع الفاشيستي وشرح أبعاده وبلورة صيغ جديدة تخرج عن الصيغ التقليدية كالمسيرات والاحتجاجات إلي وضع برنامج تعبئة لكل القوي السياسية حوله وحشد تأييد شعوب العالم للمطالبة بمحاكمة بوش وإيهود أولمرت باعتبارهما مجرمي حرب والدعوة إلي مقاطعة كل ما هو أمريكي.. وإسرائيل.. وسوف نري نتائج هذا العمل.. وصدقوني جربوا ذلك ولو مرة واحدة.. مرة واحدة فقط من فضلكم..!