يعد ملف تطوير القطاع المصرفي المصري من أبرز اللفات التي حظيت باهتمام المسئولين خلال العامين الماضيين وجاء هذا التحرك عقب مواجهة المشكلات لأزمات عنيفة سواء علي مستوي تفاقم مشكلة القروض المتعثرة أو علي مستوي ضعف رؤوس أموال البنوك العاملة في السوق أو علي مستوي ضعف الكوادر البشرية ولذا سعت إدارة البنك المركزي المصري بالتعاون مع الحكومة إلي وضع خطة محددة لتطوير البنوك العاملة في مصر وهذه الخطة استهدفت من البداية رفع كفاءة القطاع المصرفي من خلال القيام باصلاح هيكلي ومالي كامل وإجراء بعض الاندماجات اللازمة لايجاد كيانات مصرفية قوية قادرة علي دعم النمو الاقتصادي المحلي والمنافسة اقليميا علي أن يتم ذلك تحت اشراف قطاع رقابي كفء ممثلاً في قطاع الرقابة علي البنوك وسعت هذه الخطة منذ بداية تطبيقها إلي تحقيق عدة أهداف في مقدمتها: 1- حل مشكلة القروض غير المنتظمة وعجز المخصصات التي كادت أن تعصف بالجهاز المصرفي بعد أن وصلت لمعدلات قياسية حذرت منها مؤسسات عالمية كبري. 2- إعادة هيكلة البنوك العامة ماليا وإداريا مع التركيز علي أكبر بنكين في مصر وهما الأهلي ومصر واللذان يستحوذان علي نحو 50% من حجم السوق المصرفي سواء علي مستوي الودائع أو التسهيلات الائتمانية. 3- تطوير قطاع الرقابة والاشراف بالبنك المركزي وعلي مستوي حل مشكلة القروض المتعثرة كان الهدف الاساسي من هذه الخطوة هو دفع عجلة الاستثمار وتحسين المؤشرات الاقتصادية وزيادة معدلات النمو وتشجيع البنوك نحو العودة للتوسع في منح الائتمان ومع البدء في تطبيق الإجراءات المتعلقة بهذه المشكلة واجهت البنوك المركزية عدة مشكلات أبرزها صعوبة الاتفاق علي حجم المشكلة ومواجهتها بحسم والحصول علي دعم والتزام الحكومة لحل المشكلة إذ إن الحل كان يتطلب قيام الحكومة برصد مبالغ ضخمة للمساهمة في سداد جزء من العجز في مخصصات الديون المتعثرة سواء لدي البنوك العلمة أو المشتركة التي تستحوذ الدولة علي حصة رئيسية بها. ورغم هذه المشكلات وضع البنوك المركزي آلية وأسلوب واضح ومحدد للتعامل مع المشكلة المعقدة وعمل علي تغير المفاهيم السائدة في المجتمع حول هذه المشكلة والتي من أبرزها صعوبة حل هذا الملف بل وحدد نهاية العام الجاري 2007 للانتهاء من معالجة هذه المشكلة هذه المشكلة. وجاء علي رأس الإجراءات التي قامت بها السلطة النقدية في مصر إنشاء وحدة بالبنك المركزي لمتابعة الديون غير المنتظمة بالقطاع المصرفي والتي قامت بدورها باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء وتفعيل وحدات لمتابعة هذه الديون بالبنوك العامة والخاصة. كما تم تطبيق أسلوب محدد للتعامل مع ديون القطاع العام والخاص غير المنتظمة والتي زادت علي الثلاثين مليار جنيه. وبالاضافة إلي هذه الخطوات تم إنشاء وإدارة قاعدة بيانات للعملاء غير المنتظمين بالجهاز المصرفي وتقوم الوحدة بالبنك المركزي بتحديث وتحليل تلك البيانات شهريا. وقام البنك المركزي بمساندة البنوك لعمل تسويات جماعية مع كبار العملاء غير المنتظمين في سبيل توفيق وجهات النظر كما قام بتفعيل نظام للتوفيق والتحكيم بين البنوك وعملائها غير المنتظمين في سبيل الاسراع من اتمام تسويات نهائية خلال مدة لا تتجاوز أربعة شهور جار حاليا التعامل مع الحالات التي تقدمت للعمل بالنظام الجديد. وخلال الفترة من بداية يناير 2004 إلي 31 يناير 2006 تم عمل تسويات "غير شاملة مديونيات قطاع الأعمال العام" بنسبة 49% من الديون غير المنتظمة لدي القطاع الخاص وتحصيلات بنسبة 18% منها. وعلي مستوي أسلوب التعامل مع ديون قطاع الأعمال العام غير المنتظمة اتفق البنك المركزي المصري نهائيا مع وزارة الاستثمار علي قيمة المديونية غير المنتظمة لشركات قطاع الأعمال العام بالبنوك العامة الأربعة وهي الأهلي المصري ومصر والقاهرةوالاسكندرية. وقامت الجهات المسئولة بالدولة بسداد مبلغ 6.9 مليار جنيه نقدا في يناير 2006 لبنك الاسكندرية وجار الانتهاء من الاتفاق علي أسلوب سداد الديون المستحقة للبنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة وذلك بالتعاون بين وزارتي الاستثمار والمالية والبنك المركزي المصري وتحت اشراف رئيس مجلس الوزراء. وشملت خطة تطوير القطاع المصرفي كذلك تطوير قطاع الرقابة والاشراف بالبنك المركزي ورفع كفاءته من خلال الاستفادة من أفضل الممارسات الدولية والعالمية من خلال تطبيق مفهوم الرقابة بالمخاطر وذلك لضمان قوة وسلامة القطاع المصرفي والاستعانة بقيادات تمتاز بالكفاءة والقدرة التقنية المصرفية الحديثة لإدارة هذا القطاع المهم في الدولة واعادة اصلاحه كما عملت هذه الخطة علي تنمية ورفع كفاءة الكوادر البشرية واستقطاب الخبرات اللازمة لتطبيق أحدث المعايير الدولية في مجال الرقابة والاشراف والارتقاء بمستوي نظم إدارة المعلومات في سبيل الحصول علي معلومات دقيقة وبالسرعة المطلوبة. وتحدد مدي زمني لهذه الخطوة نهاية عام 2007 وفي اطار تطوير قطاع الرقابة والاشراف تم توقيع بروتوكول بين البنك المركزي المصري والبنك المركزي الأوروبي وأربعة من البنوك المركزية الأوروبية لتقديم برنامج شامل للمساعدة الفنية يمتد لمدة عامين ويتكون من مرحلتين. المرحلة الأولي تركز علي تحليل الاساليب المتبعة حاليا في قطاع الرقابة والاشراف ومدي ملاءمتها مع المعايير الدولية وبناء عليه يتم وضع خطة لرفع كفاءة القطاع طبقا للأهداف السابقة أما المرحلة الثانية فتعتمد علي تطوير وتنفيذ أدوات وأساليب الرقابة ذلك إلي جانب برامج تدريب شاملة لتمكين الكوادر الموجودة من استخدام الادوات والاساليب الرقابية الحديثة.