حوار مع النفس! الشرق الأوسط الجديد الذي تتحدث عنه الشيخة كونداليزا رايس وتبشر به دول المنطقة وحكوماتها، وتنذر به الشعوب العربية والأمة العربية بالويل والثبور، لو وُلد فإنه سوف يولد ميتا بإذن الله مثل "العراق الجديد"، الذي بشرونا به وبات مأساة جديدة بدلا من الشرق الأوسط الجديد..! لقد أخذتني الدهشة عندما سمعت الشيخة كوندي تتحدث وكأنها "منجمة" تري في المنام شكل الشرق الأوسط الجديد الذي سيولد عما قريب علي يديها، وهي تعتقد أن الحرب التي شنتها إسرائيل علي "حزب الله" ودمرت لبنان من أجل أن تقضي علي الوجود العسكري للحزب في مناطق الجنوب اللبناني.. سيكون بداية المخلوق المشوه..! وأخذتني الدهشة مرة أخري لأنني لا أري أي مبرر عسكري أو سياسي أو استراتيجي للقول بما تنبأت به الشيخة رايس عن خواص وسمات وماهية ومعاني هذا "الشرق الأوسط الجديد" وإذا قالت المزيد، فمن المؤكد أنها جاهلة بالمنطقة وبظروفنا وأن عبارة "الشرق الأوسط الجديد" التي صاحبت الحرب الإسرائيلية وسيكون أحد نتائجها إرسال برقية "تعزية" تبعث بها الشيخة كوندي إلي أهل الميت الذي هو لبنان وشعب لبنان والعرب عموما، وكأنها تقصد أن تقول لنا "وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم". وبرقية التعزية مثل "العظمة من العظام" ترميها للعرب يتلهون بها عن مواقف بلادها الولاياتالمتحدة ومعها إسرائيل.. ويجب أن نعلم بأن كل ما حل بنا من مصائب وكوارث كانت من فعلهم.. وعجزنا نحن عن تمييز "العظمة من العظمة"!! .. والمصيبة أننا لا نفرق بين الاثنين! وموضوع الشرق الأوسط الجديد، الذي تنبأت به الشيخة كوندي لدولنا ولحكوماتنا إنما يهدف أن نحارب أنفسنا ونقضي علي كل جديد وبناء في هذه الأمة! إن الشيخة كوندي وعلي صغر رأسها تهزأ بعقولنا وتحاول منع أبصارنا وبصائرنا من رؤية "قانون السببية" في فعله وتأثيره بما أننا لا نملك من المصالح التي تعمي أبصارنا وبصائرنا فإننا نري أنه لا توجد علاقة سببية بين الحرب وأسر الجنديين الاسرائيليين لا علاقة سببية أيضا بين "الشرق الأوسط الجديد" والحرب، فالحرب تم الاعداد لها من زمن بعيد لم تأت بنتائج يمكنها أن تؤسس لعلاقة سببية بينها وبين "ولادة الشرق الأوسط الجديد". والناس في العالم العربي لا تري مبررا لتأسيس ما تدعو إليه الشيخة رايس ب "الشرق الأوسط الجديد" الذي هو "عظمة" ترميها الولاياتالمتحدة لنا لعلها تنجح في تقديم المزيد من "المخلوقات الوهمية" خاصة في حروب إسرائيل ضد العالم العربي بقصد القضاء علي روح وإرادة المقاومة العربية.. والشرق الأوسط الذي نريده سيولد عما قريب ويجوز أنه ولد بالفعل لأن الحرب الاسرائيلية التي شنتها علي لبنان قد خلقت نوعا جديد من المقاومة هي في الواقع جوهر هذا "الشرق الأوسط الجديد"..! إن الحرب التي استمرت علي مدي خمسة أسابيع في جنوب لبنان، لم تر منها الشيخة رايس إلا الصورة الآتية: آلة الحرب الاسرائيلية تهدم وتدمر.. ومع كل ذلك يتكبد الجيش الاسرائيلي خسائر جسيمة في الارواح والمعدات.. بل ويعجز عن البقاء في أي منطقة يكون قد دمرها واحتلها بعد صعوبة.. وفي نهاية الأمر خرج الجيش الاسرائيلي خائبا ومخيبا أمل الشيخة كوندي حيث لم يتمكن من المساهمة في خلق "الشرق الأوسط الجديد".. الذي لن تقوم له قائمة وستبقي المقاومة هي الواقع الفعلي أمامنا، أما الشرق الأوسط الجديد فهو الوهم والخيال في ذهن صاحبة الكرامات الشيخة كوندي.