ببساطة شديدة.. السؤال الأهم بعد زيارة الرئيس مبارك التاسعة للصين خلال الفترة الماضية.. هو: هل الزيارة تعني رد فعل سياسياً مصرياً تجاه الغرب متمثلا في الجانبين الأوروبي والأمريكي؟ خاصة بعد إعلان مصر عن بدء برنامجها النووي لاستخدام الطاقة النووية سلميا. وبين النفي والتأكيد من جانب رجال الأعمال والخبراء هناك عدد آخر من النقاط بين السطور يوضحه التقرير التالي: ويتساءل الدكتور إبراهيم كامل رئيس المجلس المصري الأوروبي: ما الخطأ أن تكون مصر صديقة لأوروبا وأمريكا والصين؟.. مؤكداً انه ليس حقيقياً ان مصر بزيارتها للصين تعتبر ذلك تحدياً أو صراعاً مع أوروبا أو أمريكا وخاصة بعد إعلان مصر استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء لأن مصر هي التي توقفت عن البرنامج السلمي بعد كارثة تشرنوبيل عام 84 وهي التي اتخذت قرار إعادة احيائه ولم يكن هناك أي حظر علي مصر في أي لحظة من اللحظات. وأوضح الدكتور ابراهيم كامل ان مصر لديها علاقات متميزة مع الغرب وتسعي لأن تكون لها علاقات علي نفس المستوي مع الشرق.. وأضاف: انه ليس حقيقياً ما يقال عن ان العلاقات مع الصين بديل عن العلاقات الغربية ولكن يجب ان تكون قوة علاقاتنا مع الجانبين علي نفس المستوي. وأشار إلي ان الاتحاد الأوروبي مازال الشريك التجاري الرئيسي لمصر وأضاف: ان هناك عدداً من الأمور بين الجانبين تحتاج للمناقشة والحلول وهذا طبيعي في جميع العلاقات الدولية. إعادة توجيه توضح الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان زيارة الرئيس مبارك تعتبر بمثابة إعادة توجيه للمسار ناحية الشرق علي حساب الغرب ولكنه لا يعني انه بديل.. والدليل ان المحاولات مستمرة لتفعيل المشاركة المصرية الأوروبية لأقصي درجة وكذلك هناك جهود لتحسين العلاقات علي المسار الأمريكي وجذب مزيد من الاستثمارات الأمريكية وزيادة أعداد السائحين الأمريكية إضافة إلي الاصرار علي عقد الاتفاقية التجارية مع الجانب الأمريكي. وأضافت: ان الرئيس مبارك سعي من خلال زيارته الأخيرة إلي تحسين العلاقات الاقتصادية مع كل دول العالم وليس لحساب طرف في مواجهة الآخر.. مشيرة إلي ان الصين تأتي أهميتها خلال المرحلة الحالية لتحقيقها نقلة اقتصادية ضخمة خلال السنوات الأخيرة وأيضا لها مصلحة استراتيجية في مصر خاصة ان عليها ضغوطا حمائية من الجانب الأوروبي والأمريكي وكوسيلة للمواجهة من جانب الصين ستنقل جزءاً ضخماً من استثماراتها خارج حدودها وهي بمثابة نقطة تحرك للأسواق الأوروبية والأمريكية.. أما فيما يخص استفادة مصر من ذلك فيتلخص في زيادة قدرتها علي التصدير في ظل الأسواق المفتوحة خاصة ان مصر تمتلك موقعاً استراتيجياً ولديها العديد من الاتفاقيات التجارية غير المستغلة. وأشارت إلي ان مصر تحتاج خلال المرحلة القادمة لنقل التكنولوجيا المتطورة خاصة بعد اعلانها عن سعيها لاستخدام الطاقة النووية في المجالات السلمية والصين تمتلك تكنولوجيا متقدمة في هذا المجال.. مؤكدة ان الأهم من ذلك هو استثمار هذه الزيارة وان تترجم إلي زيادة الاستثمارات وتحسين الميزان التجاري بين البلدين خاصة ان الواردات تمثل 8 أضعاف الصادرات. وأكدت ان مصلحة الاقتصاد المصري تأتي من العلاقات المتوازنة مع كل الأطراف وليس لحساب طرف علي حساب الآخر. ويتفق مع الرأي السابق السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب والأمين العام لأمانة المشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي مؤكداً انه ليس ضمن توجهات السياسة الخارجية احلال طرف مكان آخر موضحا ان الجديد في زيارة الرئيس التاسعة للصين يأتي من ان الصين أولا استطاعت ان تحافظ علي معدل نمو سنوي يتخطي 8% سنويا وثانيا نجاحها في مفاوضاتها مع أمريكا وأوروبا في الحصول علي شرط الدولة الأولي بالرعاية وهو ما أهلها بعد 20 عاما من المفاوضات للانضمام إلي منظمة التجارة العالمية بمساندة أوروبية وأمريكية وثالثاً ان الصين استطاعت الحصول علي أكبر معدل استثمارات خلال العام الماضي علي المستوي العالمي. وطالب بيومي بأن نتعلم الدرس الصيني في جذب الاستثمارات والنفاذ للأسواق رغم انها لم تحصل علي معاملة مناطق التجارة الحرة مع أي طرف وإداراتها الناجحة للمناطق الحرة مثل شنغهاي واستعادة هونج كونج. أما علي مستوي العلاقات المصرية الأوروبية خلال المرحلة الحالية فضيف السفير جمال بيومي اننا استفدنا من اتفاقية المشاركة منذ عام 2004 والميزة الوحيدة لمصر انها أبطأ دول البحر المتوسط في رحلة التفاوض والتوقيع والتصديق التي زادت علي 5 سنوات وبعد نفاذها لم يستفد سوي القطاع الزراعي أما القطاع الصناعي فكم يستجب بعد لتحديات تحرير التجارة. الطاقة النووية وفيما يتعلق بتعاون الجانب الأوروبي مع مصر في استخدامات الطاقة النووية أوضح بيومي انه في عام 1984 كانت هناك 3 خطوات مع بداية مشروع الضبعة الأولي تتمثل في العطاء الفرنسي الإيطالي واستبعد لعدم كفاءته الفنية، والثاني العطاء الأمريكي وكان يوفر تمويلاً بحوالي 600 مليون دولار بينما تكلفة المشروع 2.3 مليار دولار والثالثة العطاء الألماني وتميز بأنه يسهل تمويلاً في حدود 1.8 مليار دولار وأيضا ارتفاع مستوي الأمن النووي ولكن كارثة تشرنوبل جعلت كثيراً من دول العالم تبتعد عن فكرة استخدام الطاقة النووية ومن بينها مصر.. مؤكداً ان الجانب الأوروبي سيقدم الدعم الفني والمادي للجانب المصري. مبالغة شديدة وعلي الجانب الآخر يقف عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين حيث يؤكد انه توجد مبالغة شديدة في ردود الافعال وتحميل هذه الزيارة بأكثر مما تحتمل.. مشيرا إلي ان الزيارة ليست موجهة ضد الغرب. وأوضح انه بعد كل زيارة يتم عقد العديد من الاتفاقيات النمطية والسؤال القائم والدائم هو: هل استطاع المجتمع الاقتصادي والإنتاجي والخدمي ان يجعل من هذه الزيارات وفعاليتها وما نتج عنها من حزمة اتفاقيات شيئا مفيداً..؟! أم أن الحال كما هو كما يقول العزبي من ميل للميزان التجاري لصالح الصين ومن الشكوي من تدفق المنتجات الصينية لدرجة استيراد الفول المدمس والسبحة والسجادة حتي تجار الشنطة الصينيون الذين يبيعون بالتقسيط. ويعتقد عادل العزبي ان المطلوب هو تحالف مجموعة لديها القدرة ماليا وادراكيا والأهم ان تمتلك الإرادة والرغبة في إيجاد كيان بالمشاركة مع الاستثمارات الصينية وليكن في مجال إنشاء مجمع صناعي أو تجمع لشبكة عنقودية لصناعات صغيرة ومتوسطة تعتمد علي إنتاج مدخلات لصناعات كبيرة وهو ما يعني ان هذه الشبكة العنقودية تنتج سلعا مبيعة مسبقا مما يجعلها قادرة علي توزيع منتجاتها وقادرة علي الوفاء بالتزاماتها المالية مشيرا إلي ان الأردن لديها 13 مجمعا بهذا الشكل بالتعاون مع الصين وخاصة بعد توقيعها لبروتوكول الكويز. وأكد العزبي ان هذه الزيارة لا تؤثر علي العلاقات المصرية الأوروبية أو الأمريكية خاصة اننا نحتاج لاستمرار هذه العلاقات ودعمها خلال المرحلة القادمة لأن دعم العلاقات الصينية يعتمد علي علاقاتنا القوية مع الجانب الأمريكي والأوروبي.