قبل أيام أعلن عن بدء الدراسة المصرية الروسية الثانية في مجالات العلوم والهندسة النووية المتقدمة بمشاركة15 باحثا مصريا من الجامعات والمراكز والهيئات البحثية المصرية بالمعهد المتحد للعلوم النووية في مدينة دبنا الروسية وفق اتفاقية ثنائية وبمشاركة هؤلاء الباحثين في أحد أكبر المعاهد الدولية العلمية في هذا المجال تجدد الأمل مرة أخري في الحديث عن البرنامج النووي المصري واستخداماته السلمية في المجالات العلمية والبحثية المتنوعة.فيقول الدكتور طارق حسين الرئيس السابق لأكاديمية البحث العلمي والذي قام بتوقيع الاتفاقية عن الجانب المصري انها تأتي في إطار الاهتمام الحالي من الدولة ببناء جيل من الباحثين في مجالات الاستخدامات العلمية للطاقة النووية عن طريق دمجهم في مراكز بحثية متقدمة في هذا الميدان حتي لا نكون مجرد مستخدمين للتكنولوجيا الجديدة وانما مشاركون فاعلون فيها مؤكدا انه نظرا لأن الامكانات في هذا المجال مكلفة جدا فقد جاء العمل علي مثل هذه الاتفاقيات ومن بينها معهد دبنا والجانب الروسي لاستخدام الامكانات والمعامل هناك من قبل الباحثين المصريين عن طريق المدارس الدراسية لهم والتي بدأت العام الماضي بمشاركة15 باحثا. وأوضح ان الاتفاقية استثمار للتعاون التاريخي بين مصر وروسيا في المجالات البحثية والذي كان مقصورا علي تبادل الباحثين بشكل فردي حيث جاء التفكير للاستفادة الجماعية في شكل مجموعات مدرسية وفق خطة منظمة مرتين خلال العام بدأت بالفعل العام الماضي في المدرسة الشتوية وهذه المرة مدرسة صيفية. وفترة الدراسة تستغرق ثلاثة اسابيع نظرية وعملية بالمعامل هناك تعقبها زيارات من علماء ومتخصصين روس لمصر لتوسيع دائرة الاستفادة للباحثين المصريين لاستكمال الدعم الفني في سبيل توطين للتكنولوجيا المتقدمة في مصر واعداد القاعدة العلمية التي ستحمل علي عاتقها الملف النووي السلمي المصري الذي دعا إليه الرئيس حسني مبارك. تمويل مصري وأوضح حسين ان الاتفاقية بتمويل مصري قدرة200 ألف يورو وهو مبلغ ضئيل مقارنة باشتراكات الدول الأخري المستفيدة من المعهد وأن الدراسة بالمدرسة مكثفة وتتضمن برنامجا تم تصميمة ومراجعته من خلال لجنة علماء ومتخصصين من البلدين يعقبة تقييم للباحثين الذين يتم اختيارهم بعد اختبار يستعرض كفاءتهم وقدرتهم علي الإنجاز وهو مادلت عليه نتائج المدرسة الأولي التي تمخضت عنها4 مشروعات بحثية يتم تنفيذها بتمويل مشترك بين الجانبيين مؤكدا أن تقارير الجانب الروسي تؤكد كفاءة الباحثين المصريين وقدرتهم العالية علي الاندماج في البرامج العلمية المتطورة. وأضاف ان العمل في الوقت الحالي في مجالات التفاعلات النووية من خلال المعجلات والتقنيات الفنية والهندسة النووية والمعدلات الطبية والنانو تكنولوجي تمهيدا للتوسع مستقبليا في مجالات تكنولوجيا الأشعة واستخدامات الزراعة وغيرها من المجالات المطلوبة. الرقم24 ويؤكد الدكتور حسين السمان الأستاذ بكلية العلوم جامعة المنوفية, ومنسق اتفاقية التعاون المصرية الروسية أهمية الاتفاقية التي تم توقيعها مع المعهد المتحد للعلوم النووية الذي انشئ عام1856 واسسة الاتحاد السوفيتي بالإضافة إلي صربيا والمانيا وجنوب افريقيا حتي انضمت مصر بتوقيعها علي هذه الاتفاقية لتصبح الدولة رقم24 وجار حاليا انضمام كل من الهند والصين. ويضيف السمان أن الاتفاقية تسمح لباحثينا بالسفر والاستفادة من الامكانات التي يضمها المعهد في الدراسة والبحث خاصة المعامل المتخصصة مثل معمل الفيزياء النظرية وفيزياء الطاقات العالية وفيزياء الجسيمات ومعمل المشاكلات النووية ومعمل اشعاع البيولوجي وغيرها من المعجلات والمفاعلات التي أسهمت في كثير من الاكتشافات العلمية الحديثة بالإضافة إلي الجامعة الخاصة بالمعهد والتي يدرس بها اساتذة من المعهد ومن الدول المؤسسة له وايضا من الجامعات الروسية والاوروبية في المجالات المختلفة. وأوضح السمان ان تفعيل الاتفاقية بدأ العام الماضي بالمدرسة الأولي التي ضمت15 باحثا حيث تم الإعلان مسبقا وتقدم55 باحثا تم إجراء اختبار ومقابلة شخصية واختيار15 منهم رافقهم أستاذان من جامعة القاهرة ومعهد التبين وذلك خلال الفترة من17 سبتمبر إلي8 أكتوبر2009 تمخضت عنها4 من المشروعات البحثية المشتركة بالإضافة إلي دراسة مشتركة بين مجموعات علمية بمؤسسة الطاقة الذرية المصرية وكلية العلوم بجامعة القاهرة ومجموعات مماثلة في التخصص من المعهد المتحد حيث سيقضي ثلاثة باحثين مصريين3 أشهر في المعهد المتحد خلال صيف2010. وأشار السمان إلي انه بالإضافة إلي المدرسة الحالية والتي سافرت منتصف الشهر الجاري بقوام15 باحثا تم اختيارهم من الجامعات ومراكز البحوث المصرية خاصة بعد الثناء الذي حصل عليه الفريق البحثي الأول فإن هناك ترتيبات لزيارات خاصة بأساتذة مصريين لروسيا وأخري لأساتذة من المعهد الروسي لمصر بالإضافة لدراسة تفعيل مشروع مقدم من معهد التبين بالإشتراك مع هيئة الطاقة الذرية في مجال النانوتكنولوجي والمواد الجديدة. نموذج من المدرسة الاولي ومن الباحثين المشاركين في المدرسة الأولي العام الماضي.. سماح ابراهيم المدرس المساعد بقسم المعجلات والمصادر الأيونية بهئية الطاقة الذرية وقد علمت بالمدرسة من خلال إعلان بأكاديمية البحث العلمي وبعد الاختبار واختيارها ضمن البعثة تروي أنها استغرقت ثلاثة أسابيع قضت الأسبوع الأول في محاضرات نظرية والأسبوعين الأخيرين بشكل عملي مع الدكتور المشرف داخل المعامل. وتؤكد سماح الترحيب من الجانب الروسي بالباحثين المصريين وتأكيدهم تفوقهم النظري والعمل وقد اتضح ذلك بشكل كبير خلال السيمنار في نهاية الدورة وهو ما انعكس علي مشروعها البحثي بعد إطلاعها علي البرامج المتقدمة المتعلقة به. وقالت شيماء سيف المدرسة المساعدة بقسم الفيزياء بكلية العلوم جامعة القاهرة ان المشروعات البحثية المشتركة التي نتجت عن المدرسة الأولي كانت أكبر دليل علي المستوي المرتفع للباحثين المصريين بالإضافة إلي المشروعات المستقبلية في مجالات الدراسة وان العلاقة مع الأساتذة والباحثين بالمعهد كانت تتميز بالندية من جانب الباحثين المصريين قائلة: وجدنا الفارق أكبر في الأجهزة والمعدات. استمرار التعاون ويؤكد بركات محمود الباحث بهيئة الطاقة الذرية ان الخبرة العملية والمعملية بين الأجهزة والمعدات المتقدمة كانت الأكثر فائدة في هذه الدراسة التي أتاحت المجال العملي التطبيقي بصورة أوضح علي الطبيعة وبخطوات متوالية وبشكل متقدم وان الاتصال مع الأساتذة والعلماء هناك لايزال قائما نظرا لأنهم متعاونون بشكل كبير. ويضيف أنه ينقصنا في مصر شيئان أساسيان هما تحديد الهدف ونظام للوصول له حتي نصل لهذا المستوي المرتفع من البحث ويطالب القائمون علي البحث العلمي في مصر بإعادة النظر في الأبحاث العلمية علي أساس أنها مشروعات بحثية يمكن تطبيقها لتحقيق هدف أو القضاء علي مشكلة قائمة وليس مجرد مشروعات للحصول علي درجة علمية سواء للماجستير أو الدكتوراة. إعداد الكوادر ويؤكد الدكتور ماجد الشربيني رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ان هذه المدارس وغيرها من برامج التدريب في الداخل والخارج للباحثين المصريين في مجالات الاستخدامات السليمة للطاقة النووية تأتي في إطار دور الأكاديمية في بناء الكوادر البشرية وإمدادها بالخبرة العلمية كخطوة تتزامن مع خطوات أخري في طريق دخول مصر للمجال النووي الذي أصبح حتميا في ظل الظروف الراهنة التي تؤكد أهمية الإستفادة من الطاقة النووية في المجالات العلمية والصناعية المختفلة الأمر الذي يتطلب إعدادا جيدا. ويوضح الشربيني ان الإتجاه لروسيا جاء بوصفها من الدول المتقدمة في هذا الميدان فكانت الاتفاقية المبرمة مع دينا ويتزامن ذلك مع التعاون مع دول وجهات أخري في فرنسا وكوريا وغيرها للاستفادة من المدارس المختفلة في مجالات أبحاث الطاقة النووية. ويشير الدكتور محمد حسين القللي رئيس هيئة الطاقة الذرية إلي ان البرنامج النووي المصري يعد من أولي أولويات الدولة حاليا الأمر الذي يتطلب الاستعداد الجيد وبخاصة من جانب الكوادر البشرية التي ستتحمل علي عاتقها المسئولية وأن إرسال البعثات للدول المتقدمة في هذا الميدان مستمر للحصول علي البرامج المتقدمة الأمر الذي لا يقتصر علي روسيا أكثر من مدرسة فقط ويقول: ننوع المعرفة من مدارس مختلفة في روسيا وكوريا الجنوبية والولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا إلي جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك طبقا للبرامج العلمية المخططة للسير في طريق بناء البرنامج النوي المصري. وكشف القللي عن وجود بعثه مكونة من15 باحثا مصريا عن هيئة الطاقة الذرية في الولاياتالمتحدةالأمريكية حاليا للتدريب علي التكنولوجيا الحديثة مؤكدا أن لدينا كوادر بحثية تتدرب في كل المجالات السلمية لاستخدامات الطاقة النووية قائلا: نحن نحتاج ذلك بشكل حتمي خلال الفترة المقبلة. وأوضح القللي ان تقديم المنح البحثية من قبل أكاديمية البحث العلمي والتي يعقبها مشروعات يتم تنفيذها بشكل مشترك بالإضافة إلي تكرار سفر بعض الباحثين المتميزين للحصول علي برامج أكثر تطورا هو مؤثر ايجابي وواعد بشأن العنصر البشري المصري. تدريب مستمر ويقول الدكتور علي إسلام الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية ان أي خطورة تجاه إعداد الكوادر المصرية تستحق التحية فالخبرة في المجال النووي مطلوبة بشكل حتمي وتتطلب الإعداد والتدريب المستمر الرغم من أن مصر منذ الخمسينيات دائمة التدريب لكوادرها البحثية سواء مع الدول ذات الخبرة المتقدمة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال الإتفاقيات المشتركة حيث لدينا أجيال من العلماء في الوقت الحالي إلا ان الأمر أصبح أكثر ضرورة حاليا تماشيا مع إتجاه الدولة وتوازيا مع ما تم من إعداد للقانون النووي المصري والدراسات المتعددة بشأن طرح مناقصات محطات الطاقة النووية وأكد د.إسلام أن إعداد الكوادر البشرية من شباب الباحثين المصريين بإطلاعهم علي التكنولوجيا المتقدمة أمر ضروري البدء من حيث انتهي الآخرون مشيرا إلي أنهم دائما ما يثبتون كفاءة وقدرة علي مسايرة التقدم وذلك بشهادة الجميع. وأوضح د.إسلام ان مصر ليست مستقبلة للتدريب من الخارج فقط ولكنها أيضا مركز تدريب عالمي لدول أخري حيث تقيم دورات تدريبية عديدة بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث ان تبادل الخبرات العملية أمر مطلوب ومهم للبناء عليه. وقال الدكتور علي حبيش نقيب العلميين ان أي نشاط علمي وبخاصة ذو العلاقة بموضوعات الساعة والعلوم المتقدمة أمر يستحق الإشادة والعلوم النووية شأنها شأن الإلكترونيات الحديثة تعد من الركائز الأساسية التي تقوم عليها الصناعة والتي تسمي الموجة الثالثة مما يؤكد ضرورة ان يتدرب عليها شباب الباحثين المصريين سواء في الداخل أو الخارج بما يعود بالفائدة الكبيرة علي الدولة. وأضاف حبيش أن البرنامج النووي المصري بدأ منذ منتصف الخمسينات بوجود هيئة الطاقة الذرية وعلي الرغم من تفاوت درجات الاهتمام بمنظومة الطاقة النووية خلال تلك الفترة وحتي وقت قريب إلا ان ذلك لم يمنع من وجود جيل من العلماء والباحثين في هذا الميدان موجودون في كل دول العالم ذات الإهتمام مثل الدكتور يحيي المشد وزيادة الإهتمام في الوقت الحالي مع الإعلان عن برنامج نووي مصري واستخدامه في الأغراض السلمية يمكن ان يكون دافعا قويا لعودتهم ومشاركتهم بالإضافة إلي البعثات التدريبية لشباب الباحثين في المجالات العلمية ذات الصلة سواء في روسيا أو غيرها استعدادا لإقامة البرنامج النووي المصري مطالبا بضرورة تنوع مصادر الاعتماد والمشاركة سواء للدول المتعاونة أو مصادر المواد الخام. قفزة طولها50 عاما وقال الدكتور محمود محمدين أستاذ الجيولوجيا بمعهد بحوث البترول إن هناك ضرورة للبدء بخطوات فاعلة في سبيل إنجاز البرنامج النووي المصري وإن التزام الجدية في هذا الشأن يمكنه نقل البلاد للتقدم بمعدل50 عاما خلال وقت قصير حيث الاستفادة من استخدامات الطاقة النووية في ميادين الصناعة والطب والهندسة والزراعة وغيرها من ميادين الاقتصاد بدرجة كبيرة. وأضاف محمدين إلي انه فيما يتعلق بأبحاث البترول ومصادر الطاقة غير المتجددة وذات الكميات المحدودة فإن استخدامات الطاقة النووية يمكن الاعتماد عليها للحصول علي مصادر وبدائل تدخل في جميع التكنولوجيا والصناعات بالإضافة إلي استخداماتها في مجاات استكشاف آبار البترول وحقول الثروات المعدنية بما يوفره هذا الاستخدام من وقت ودقة مطلوبين.