لم يكن غريبا أن يكون هناك رد فعل عربي وعراقي متجاوب مع الرئيس العراقي صدام حسين.. ان محاكمة الرئيس صدام حسين كانت تمثيلية امريكية رخيصة وقد وجد فيها الشعب العراقي صورة سافرة للوقاية الأمريكية.. كانت محاكمة صورية في كل جوانبها فنحن امام قاض افتقد اللياقة في الحديث وفي الحوار واسلوب المخاطبة.. وقام بتوبيخ المتهمين اكثر من مرة ثم انه كان جادا وعصبيا في كل الاحوال.. في الجانب الاخر كان صدام حسين واثقا مقنعا هادئا في معظم الاحيان ولم يكن حكم الاعدام مفاجأة لاحد لان هناك كثيرين يريدون التخلص من صدام حسين بحيث لا يبقي علي قيد الحياة.. في العراق ما اكثر اعداء صدام حسين وحتي الحكام العرب هناك من يحمل له كراهية تكفي العرب الف عام.. وهناك ابناء الشعب الكويتي وهناك الاكراد والشيعة وكل الطوائف التي ارتكب صدام حسين في حقها جرائم القتل والتعذيب.. ولكن لا شك ان الكثيرين كانوا يتمنون ان تكون هناك محاكمة عراقية للرئيس العراقي السابق وليست محاكمة امريكية.. ان الحاكم العسكري الامريكي برايمر هو الذي اصدر قرار تشكيل هذه المحكمة وهو الذي وضع شروطها واهدافها وهذا يعني ان صدام حسين يحاكم في ظل القانون والوصاية والاحتلال الامريكي وهذا يتنافي مع كل القوانين والاعراف الدولية. لقد جاءت محاكمة صدام حسين في قمة الغليان والثورة والمقاومة من ابناء الشعب العراقي ومن الخطأ ان يقال ان المقاومة العراقية كلها تقف بجانب صدام حسين.. ان هناك طوائف كثيرة تقاتل من اجل العراق وليس من اجل صدام حسين.. ورغم ان حكم الاعدام قد صدر فإن توقيت التنفيذ سوف يحتاج زمنا طويلا لان امريكا ليست من الغباء بحيث تتخلص الان من ورقة تاريخية في حجم وتأثير صدام حسين خاصة مع نتائج الانتخابات الاخيرة.. ان الرئيس بوش علي المستوي الشخصي والانساني يريد اغتيال صدام وليس اعدامه ولكن هناك حسابات سياسية وامنية اخري تجعل من الصعب علي امريكا تنفيذ هذا القرار ولهذا فان اعدام صدام حسين سيبقي امرا مؤجلا حتي اشعار اخر وقد يلجأ اليه الرئيس بوش لاسباب شخصية بحتة في الساعات الاخيرة له في البيت الابيض ومن يدري فقد تكون هناك حسابات اخري تختلف تماما عن هذا السياق.. اذا اعدمت امريكا صدام حسين فسوف يدخل التاريخ من اوسع ابوابه كقائد وزعيم ومقاتل وربما بخلت عليه بهذه النهاية كما بخلت عليه من قبل ان يموت اثناء القبض عليه وتنتهي القصة.. ولكن في السياسة ليس كل شيء قابلا للانتهاء خاصة علي طريقة الافلام الامريكية الرخيصة.