حكمت محكمة عراقية خاصة علي الرئيس المخلوع صدام حسين بالاعدام شنقا خلافا لرغبته بان يكون اعدامه رميا بالرصاص وذلك امعانا من المحكمة في معاملته معاملة المجرمين وعدم اضفاء الصبغة السياسية علي الحكم. ومع ذلك فالحكم والمحاكمة الجنائية لا ينفيان الصفة السياسية لصدام حسين واركان حكمه.. كما ان ابتهاج جانب من العراقيين لا يقلل من استياء جانب آخر منهم من الحكم واعتباره حكما جائرا ضد صدام حسين. وستبقي قضية صدام حسين مثيرة للجدل رغم الوقت الطويل الذي استغرقته المحاكمة نظرا لان الظروف التي يمر بها العراق بالغة السوء واحوال الامن فيها لا تنبئ بالخير علي الاطلاق. وساعدت حالة عدم الاستقرار في طرح المزيد من التساؤلات عن جدوي ازاحة صدام وجماعته من الحكم وهل كان ذلك حقا في مصلحة الشعب العراقي، ويزيد من حالة البلبلة هذا الاهتمام الاعلامي الزائد بما يجري في العراق والتركيز عليها محليا واقليميا ودوليا باعتباره قضية تؤثر في الاحداث. علي المستوي المحلي الصراع المرير علي السلطة بين الطوائف وبين السلطة الدينية والمدنية تستغل العنف وتستثمره وتشارك في صناعته وعلي المستوي الاقليمي دخل العنف في العراق في حسابات القوي المتناقضة الرؤية حول كيفية حل المشكلات في الشرق الاوسط. وفي المستوي الدولي باتت قضية العراق تمثل قوة دفع لسير الاحداث الداخلية في الولاياتالمتحدة والدول التي دعمت غزو العراق باعتبار ان هذا القرار خاطئ وتستثمره المعارضة السياسية لتحقيق مكاسب انتخابية. واهم ما يجعل قضية صدام ساخنة هو تأثير الحكم، او استخدامه في الاحداث التالية.. فالبعض يظن بل يؤكد ان العنف سيزداد شراسة.. وهذه وجهة النظر الغالبة وخاصة خلال محاولات الضغط لوقف تنفيذ الحكم بالاعدام او تعديله في المرحلة الاستئنافية. ويتوقع كثير من المراقبين الا تستقر الاوضاع في العراق لوقت طويل بعد الحكم علي صدام وخاصة في المحافظات التي يحظي فيها بوجود كثيف لانصاره من البعث العراقي وهي غالبا المحافظات ذات الاغلبية السنية. ولكن في اعتقادي ان هذا لن يغير كثيرا من الموقف الحالي للعنف ولن يغير الصورة العامة، فقد بلغت اعمال العنف حدا من القسوة لا مثيل لها لدرجة تدعو الي الدهشة فضلا عن الاستياء.. فليس هناك اي معني لأن يمتد العنف ليضرب جنازة، أو حفل عرس سوي ان الهدف المحدد غائب وان الامر بات مرتبطا باحداث العنف واسقاط الضحايا دون النظر لهويتهم او جنسهم او ظروفهم.. وليس هناك ما هو أسوأ.