الامن والامان من المفاهيم المرتبطة بشدة باحتياجات الناس في اي زمان وفي اي مكان.. والامن والامان الذي نتحدث عنه ليس مفهوماً شرطياً او بوليسياً ولكنه مفهوم اجتماعي تتعدد ابعاده ومحاوره وتتنوع دروبه ومسالكه.. وهو في كل تجلياته لا تستقيم حياة الفرد او المجتمع بدونه. ودعنا عزيزي القارئ نلقي نظرة علي تلك التجليات للامن والامان الاجتماعي الذي ينشده اي فرد في اي مجتمع وسوف نرصد في هذا الصدد خمسة تجليات علي النحو التالي:- أولا: الأمان الوظيفي: يسعي الفرد للحصول علي عمل في ظل متغيرات اقتصادية واجتماعية تجتاح العالم جعلت من الحصول علي فرصة العمل امراً يكاد يكون عزيز المنال.. واذا ما حصل الفرد علي تلك الفرصة فإنه يتمسك بها بيديه واسنانه ويريد ان يشعر بالاستقرار الوظيفي فلا يفضل العقود المؤقتة اوالاعمال الموسمية ولكنه يسعي لوظيفة دائمة ومستمرة.. وقد كان هذا يتحقق له في الوظائف الحكومية ومن هنا شاعت العبارة الشهيرة ان فاتك الميري اتمرغ في ترابه.. غير ان في هذا الزمان لم يعد في مقدور اي حكومة ان توفر فرص العمل للجميع ولابد من ان يسهم القطاع الخاص والتعاوني ومختلف القطاعات في ذلك وتلك الاماكن انما تسعي الي توفير فرص العمل لمن يستحقها كفاءة والتزاماً.. ومن هنا فإن مفهوم الامان الوظيفي يلزم له آليات جديدة اهمها التدريب والتنمية التي تجعل الفرد لديه من المهارات والقدرات ما يتناسب ومتطلبات سوق العمل.. وهذا ما يجب ان تلتزم به جهات العمل اياً كان شكلها القانوني وآيا كان نوع الملكية فيها فالقاعدة الان لا امن ولا امان وظيفي بدون قدرات ومهارات يتم اكتسابها من خلال التدريب والتنمية للموارد البشرية.. فأين نحن من ذلك؟ ثانيا:- الأمان التعليمي: لابد ان نردد هنا مع عميد الادب العربي د. طه حسين مقولته الشهيرة التعليم كالماءوالهواء فهو حق للفرد قبل ان يكون التزاماً عليه.. ولقد تضافرت متغيرات عديدة جعلت من التعليم قضية حياة ومصير بمختلف الامم والشعوب فلا نهضة بدون تعليم حقيقي ولا امن ولا امان لاي فرد لكي يستطيع ان يكسب لقمة عيشه وان يكون له اعتبار في هذه الحياة بدون تعليم حقيقي.. ومن هنا فإن احد تجليات الامن والامان الضرورية هي حصول الفرد علي تعليم جيد وفقاً للمعايير العالمية.. والتعليم المضروب اوغير الجيد يضر الفرد ولا ينفع المجتمع ولا امن ولا امان معه.. فأين نحن من ذلك؟ ثالثا:- الأمان الصحي: نعم الصحة تاج علي رؤوس الاصحاء.. ونعم ان اكبر النعم هي صحة جيدة.. ونعم العقل السليم في الجسم السليم.. واحد التجليات العظمي شعور الفرد بالامن والامان في مجتمعه ان توفر له خدمة طبية جيدة ومضمونة ومحترمة ودائمة في حدود قدرته وامكانياته.. وليس اكثر ظلماً واكثر خطراً علي اي فرد ان يشعر انه غير آمن صحياً بسبب ظروف مادية او وضع اجتماعي او اي سبب آخر ومن هنا فإن توفير مستوي الجودة الصحية اللازم وتغطيتها لمختلف الافراد والاسر هي احد التجليات العظيمة للامان الاجتماعي.. فأين نحن من ذلك؟ رابعاً:- الأمان والأمن الغذائي: نعم نحن نأكل لنعيش والعكس ليس صحيحاً ونحن نعمل ونكد من اجل لقمة العيش فلابد ان تكون احد تجليات الامن والامان هي ان يتوفر للفرد اي مجتمع كائناً ما كان الغذاء الصحي الآمن وتلك مسئولية كبري لاي حكومة وفي اي دولة ولايمكن ان يكون الغذاء آمناً عندما يتم طهيه تحت بير السلم او عندما يوضع مكشوفاً في العراء او عندما يتعامل معه اعداداً اوتوزيعاً او نقلاً من لديهم امراض قابلة للعدوي من خلال الاغذية.. من هنا نقول ان هذه مسئولية كبري.. ان نؤمن للفرد الحصول علي احتياجاته من الغذاء في حدود قدراته المادية فهذا امر مطلوب وممكن ولكن الاهم ان يكون هذا الغذاء آمناً صحياً لم يتعرض لاي مسرطنات او لأية سموم او لاي تلوث بشكل من الاشكال.. تلك احدي حلقات الامان الاجتماعي المهمة فأين نحن من ذلك؟ خامسا:- الأمان والأمن الإنساني: يعيش الفرد في اي مجتمع متصلاً بالناس ومتواصلاً معهم ولا يوجد علي الارض ما يمكن ان نطلق عليه المدينة الفاضلة اواليوتبيه فالناس بشر يتفقون ويختلفون.. يتصالحون ويتخاصمون وعندما تثار النزاعات وتنشأ الخلافات يلجأ الجميع الي القضاء ليفصل بينهم بالحق والعدل ويأخذ الحق لاصحابه مهما كان ضعيفاً ويأخذ الحق من غاصبه مهما كان قوياً والعدل هنا يشكل اساس الملك ولكن اذا ما ضاعت الحقوق في المحاكم وتسرب عمر الناس اصحاب الحقوق من بين ايديهم وهم ينظرون وينتظرون حتي تصدر لهم احكام تعيد اليهم حقوقهم ثم ينتظرون وينتظرون حتي تنفذ هذه الاحكام فهذا ما يهدد الاحساس بالامن والامان الانساني.. واذا كان الناس في تعاملاتهم وفي حياتهم يتعرضون لنوع من البلطجة او العنف اوالتحرش او العدوان باللفظ والقول او الفعل دون ان يجدوا مايرد عنهم هذا العدوان فهنا يضيع الاحساس بالامان الانساني والامن الاجتماعي.. واذا تعرض الناس الي سوء المعاملة وعدم الاحترام من قبل الاجهزة الحكومية مدرسة كانت او جامعة، مصلحة كانت او هيئة، وزارة كانت ام مؤسسة.. معلماً او ضابط شرطة او مديراً اياً كان فإن هذا لا يشعرالفرد بالامن والامان الانساني.. ان الفرد في اي مجتمع لابد ان يشعر انه محترم وان حقوقه مصانة وان له قيمة باعتباره انساناً كرمه ربه بغض النظر عن موقعه في السلم الاجتماعي وبغض النظر عن حرفته او مهنته او صنعته فأين نحن من ذلك؟