.محمد فراج أبو النور كان طبيعيا ان تتفجر مشاعر الغضب في العالم الاسلامي بأسره ردا علي اساءة بابا الفاتيكان لدين الاسلام ورسوله الكريم (ص) والمؤسف ان ماحاول الاعلام الغربي تصويره كاعتذار من البابا جاء اقرب ما يكون الي محاولة ملتوية ومتعجرفة للتملص من الاعتذار الصريح والمستقيم عن اساءته الفظة لمقدسات اكثر من مليار ومائتي مليون مسلم. وبالتالي فانه من المتوقع والمنطقي مواصلة الاحتجاجات الجماهيرية والاجراءات السياسية والدبلوماسية من جانب الدول والمنظمات الاسلامية سعيا لحمل البابا علي تقديم الاعتذار اللائق.. بما في ذلك استدعاء او سحب سفراء الدول الاسلامية لدي الفاتيكان او مقاطعة انشطته المختلفة ودبلوماسيه الموجودين في عواصم الدول الاسلامية وغير ذلك مما افاضت به الاقلام خلال الايام الماضية. فالتساهل ازاء اساءة اكبر رجل دين كاثوليكي للاسلام ورسوله الكريم (ص) من شأنه تشجيع كثيرين آخرين في الغرب علي ارتكاب مزيد من الاساءات للمسلمين ومقدساتهم سواء كان ذلك عن جهل او عن تعصب واطلاق العنان للنزعات والمواقف الرجعية المتطرفة التي تشهد تصاعدا متزايدا في الغرب في السنوات الاخيرة. فخ "صراع الحضارات" غير ان الغضب المشروع من جانب كل مسلم ازاء مثل هذه الاساءات والدعوة لموقف حازم تجاه خطيئة بابا الفاتيكان او غيره لاينبغي ان يدفعا الرأي العام في الدول الاسلامية لتبني افكار من قبيل المواجهة بين العالم الاسلامي والغرب او بين الاسلام والمسيحية او ادراج خطيئة بينيدكت السادس عشر او تصريحات جورج بوش الجاهلة والمتخلفة حول الحرب علي مايسميه بالفاشية الاسلامية الخ في سياق مايطلق عليه البعض الحرب الصليبية الجديدة ضد العالم الاسلامي. فكل هذه الافكار التي يمكن ادراجها في اطار ما يطلق عليه الباحثون والكتاب الامريكيون صدام الحضارات هي غطاء نظري مموه بخبث شديد لاهداف ومصالح الولاياتالمتحدة في الهيمنة علي العالم من خلال تعبئة الغرب خلفها في صراع ضد اعداء جدد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي برغم ان هؤلاء الاعداء يمثلون التهديد الجديد الاكثر خطورة علي الحضارة الغربية المسيحية اليهودية اما اخطرالاعداء الجدد المزعومين فهم ممثلو الحضارات والديانات الثلاث الاسلامية ممثلة بالعالم الاسلامي والكونفوشيوسية الصين والمسيحية الارثوذكسية الشرقية ممثلة في روسيا. وقد صاغ هذه النظرية استاذ العلوم السياسية الامريكي الشهير صامويل هنتجتون في كتابه ذائع الصيت "صدام الحضارات" الذي احتضنته آلة الدعاية الامريكية الجبارة ونشرته عبر العالم ليصبح بمثابة انجيل جديد للعلاقات الدولية ووفقا لهذه النظرية الخبيثة فان الصدام محتوم بين الحضارة المسيحية - اليهودية الغربية ممثلة في امريكا واوروبا الغربية وبين الحضارات والديانات المذكورة. وينبغي التشديد علي ضرورة ملاحظة. ان العالم الاسلامي هو مخزن اكبر احتياجات البترول في العالم.. بما لها من اهمية اقتصادية واستراتيجية قصوي. كما انه اضعف الاعداء الثلاثة لهذا كان البدء بالصدام واستدراجه للحرب. *وان الصين هي القوة العظمي الصاعدة التي تهدد انفراد امريكا بالهيمنة علي العالم. *وان روسيا هي القوة النووية الثانية في العالم واكبر دوله مساحة واغناها بالثروات الطبيعية فضلا عن الامكانيات الكبيرة لاستعادتها لعافيتها الاقتصادية بعد تجاوز آثار انهيار الاتحاد السوفيتي. وبناء علي ما ذكرناه فانه من اهم اتجاهات الاستراتيجية الامريكية للقرن الحادي والعشرين عزل العالم العربي والاسلامي عن حلفائه المحتملين واثارة الذعر من الاسلام في الغرب.. وتأجيج العداء لديننا عبر العالم.. واستدراجنا للصدام الواسع مع اوروبا بدءا بالجانب الثقافي والديني علي ان يترافق ذلك كله مع الغزو الامريكي للدول الاسلامية الاكثر ضعفا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا حيثما اعلن او نشر القواعد والهيمنة العسكرية دون حرب حيثما امكن). اما اوروبا فلها دور الشريك الاصغر وفتات المائدة مادامت وحدتها تتعثر في جانبها السياسي والعسكري بالذات وببركة التدخل الامريكي ايضا.. تري هل اتضحت الصورة؟! نوجز فنقول ان تصاعد العداء للاسلام والمسلمين في الغرب عموما في السنوات الاخيرة هو جزء من مخطط امريكي صهيوني عام للهيمنة علي العالم تقوم فيه الرأسمالية الاوروبية بدور الشريك الاصغر.. وتقوم فيه الأحزاب اليمينية (اليمينية المتطرفة خصوصا) وشخصيات ومنظمات دينية واقتصادية وثقافية واجتماعية نافذة بدورها تحت اشراف امريكي مباشر او غير مباشر ولا نستطيع ان نستثني من ذلك شخصيات مثل بابا الفاتيكان. ولاننسي دور يوحنا بولس الثاني في اسقاط النظم الاشتراكية بالتعاون مع امريكا. غضب العاقلين وبالتالي فان عضبنا المشروع من اجل ديننا ورسولناه الكريم (ص) ومقدساتنا كلها وموقفنا الحازم تجاه كل من يسيء الي هذه المقدسات لاينبغي ان يدفعنا