اقتصاد نفسي في اللحظة الاولي التي تابعت فيها ما جاء علي لسان بابا الفاتيكان عن الاسلام، قفزت الي ذهني ثلاثة مشاهد، المشهد الاول هو تمثال العذراء مريم في كنيسة بيت لحم، وهي التابعة للكرسي البابوي، وكيف اخترقها الرصاص الاسرائيلي اثناء هجوم اسرائيل تم من قرابة اربع سنوات. والمشهد الثاني هو تراجع الفاتيكان عن نقد اسرائيل علي سفك الدم الفلسطيني بعد ان قام اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة بفضح العديد من رجال الدين الكاثوليك المتهمين باغتصاب النساء والاطفال، ودارت صفقة سرية موجزها "علي الاعلام الخاضع للوبي اليهودي ان يخفض من نبرة الكشف العلني عن خطايا الكنيسة الكاثوليكية مع من يتبعونها، بشرط ان يكف الكرسي البابوي عن استنكار المذابح الاسرائيلية للفلسطينيين". والمشهد الثالث هو قراءة ماكتبه العديد من رجال الدين الكاثوليك في بلاد امريكا اللاتينية حين انضموا الي طالبي التحرر من نفوذ امريكا، حيث اعترفوا ببساطة ان الفاتيكان يطلب منهم جمع معلومات عن الشعوب وان المستفيد الاول من معلوماته هو جهاز المخابرات الامريكية. وان الكثير مما نراه علي السطح من تقوي وورع وكلمات دينية، تخفي خلفها فسادا شديدا يتمثل -علي سبيل المثال- في حادث موت الباب الاسبق، وهو الذي استمد من حادث قتله الروائي الاشهر بروما "امبرتو اكو" روايته الشديدة الجاذبية- رغم صعوبتها -"اسم الوردة، حيث تم القتل عن طريق سم منثور علي ورق الانجيل الذي يقرأ فيه الحبر الاعظم، وكان الباب الاسبق هو الراغب في ان يعيد للبيت البابوي رشد الوقوف بجانب الضعفاء". هذه هي المشاهد الثلاثة التي مرت بخاطري، فالبابا الحالي يستخدم نصا قرآنيا لا يعلم انه نزل بعد ان استقر الاسلام كدين، وهو من فوق ذلك يدعي لنفسه علوا ليس له وليس لاي قيادة دينية في العالم مهما كانت، وهو في نفس الوقت يعيش في قلب روما بعقلية بن لادن، فهو يريد ان يقسم الكون إلي فسطاطين، الفسطاط الاول هو الفسطاط الكاثوليكي، والفسطاط الثاني هو فسطاط المسلمين. ومن المؤكد ان البابا الجديد عاش طفولته ابان حكم هتلر، ومن المحتمل انه كان من ضمن انصاره، واراد ان يغوص الان في مستنقع لعنته الاسلام بجهل محسوب، يمكن ان يعمق النزعة العنصرية في اوربا وهي ظاهرة بما يكفي. واذا كان بن لادن متهم من قبل كل علماء المسلمين بأنه فاسد التأويل، يستخدم منطقا مرفوضا من قبل المسلمين، واذا كان الكل يعلم ان اللعبة التي يلعبها بن لادن حاليا، كانت بدايتها موجودة من فترة تعاونه مع المخابرات الامريكية في حرب افغانستان ضد السوفييت، فهذه اللعبة انقلبت الان علي الولاياتالمتحدة بالشكل الظاهر، ولكنها تصب كل يوم ومع كل تصريح لبن لادن في مصلحة الزمرة الحاكمة للولايات المتحدة، ولا ينال الشعوب- المسلمة والمسيحية- سوي الاحساس بالحصار في المطارات وفي فرص العمل، وفي الاطمئنان للمستقبل. ولابد ان اقول: اذا كنا نطلب الاعتذار من جاهل لا يعرف عن اي موضوع يتكلم، لا يستند الي رؤية علمية عقلية، بل يستند الي تعصب ارعن، اذا كان الامر كذلك افلا يكون مطلوبا منا ان نعالج اوجه الخلل في سلوكنا نحن المسلمين بما يؤسس لنا مكانة متحضرة لا تسمح للجهلة بالتطاول علينا، سواء اكان اسم هذا الجاهل هو بنديكت السادس عشر او اسامة بن لادن؟