تحقيق: محمود مقلد - محمد نصر الحويطي - مني البديوي تقول الأسطورة القديمة إن مسابقة في الجري قد أقيمت بين الأرنب والسلحفاة بدأ الأرنب السباق وهو نشيط ومحترم لقدرات خصمه ولذا قطع مسافة كبيرة في لحظات معدودة وعندما أيقن أن الفوز بين يديه امتلأت نفسه بالغرور، وراح يمشي ببطء وتكاسل شديدين لحظتها أدركت السلحفاة أن الفوز سيكون من نصيبها إن هي واصلت السباق ببطء نعم ولكن باصرار علي اكمال الشوط، وكان لها ما أرادت. هذه الاسطورة القديمة تصلح أن تكون مفتاحا لفهم احتلال مصر للمركز 165 من بين 175 دولة شملها تقرير البنك الدولي المختص برصد "ممارسة أنشطة الأعمال وسبل الاصلاح" ففي تقرير العام الماضي احتلت مصر مركزا ضمن الدول العشر الأوائل ولكنها وحسب التقرير الدولي لم تواصل السباق فتقدمت عليها دول مثل جواتيمالا وغانا وتنزانيا وهي الدول التي احتلت المراكز من السابع إلي العاشر علي التوالي. هذا المركز المتأخر شكل ما يشبه الصدمة بالنسبة لوزارة الاستثمار التي شن وزيرها هجوما حاداً علي التقرير مؤكدا لصحف عديدة أن التقرير يسير علي جدول واحد حول الإجراءات الخاصة بالشركات ويغفل الأمور الخاصة بالمؤشرات الاقتصادية الكلية كما أن معدي التقرير لم يستمعوا لمصادر وزارة الاستثمار واكتفوا بجمع بياناتهم من المكاتب الخاصة. انتقادات الوزير ردت عليها د/سحر نصر الخبيرة بالبنك الدولي التي قالت للصحف إن اللجنة التي أعدت التقرير لم تكن مطالبة بالحصول علي معلوماتها من الوزارة لأن التقرير يركز علي معوقات الاستثمار ولذا فمن الطبيعي إجراء الاستطلاعات مع المستثمرين وشركات المحاسبة. بعيدا عن مساجلات الوزير والبنك الدولي يبقي المركز الذي حققته مصر صادما، ويحتاج إلي مراجعة. العالم اليوم التقت بالمستثمرين والخبراء الاقتصاديين للتعرف علي الاسباب الرئيسية التي كانت وراء هذا التراجع وكيفية معالجتها وأثر ذلك علي الاقتصاد بصفة عامة وما هي الاسباب التي جعلت دولا مثل المغرب السعودية والكويت وتنزانيا تتفوق علينا. جاء التقرير السنوي الذي يصدره البنك الدولي بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية ليبين أن مصر لم تستمر في الاصلاحات الاقتصادية بنفس المستوي الذي كانت عليه العام الماضي منوها إلي أن أكبر عدد من الإصلاحات في الاقليم في مجال سهولة ممارسة أنشطة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال افريقيا كان من نصيب المملكة المغربية فقد قامت المغرب بتخفيض تكلفة إنشاء الشركات الجديدة كما خفضت التكاليف المتعلقة بدفع الضرائب وسهلت أنظمة تحويل الملكية، وهي جميعها إجراءات تساعد علي ايجاد الوظائف والذي يشكل تحديا ملحا في جميع أنحاء الاقليم أما مصر فقد استمرت في الاصلاح ولكن بشكل طفيف مما جعلها تتراجع إلي هذه المرتبة المتأخرة. وقال التقرير إن 10 دول في اقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا قامت بإجراء سبعة عشر اصلاحا تنظيميا مما أدي إلي خفض الكثير من الوقت والتكلفة والجهد التي كانت تتكبدها أنشطة الأعمال لكي تتوافق مع المتطلبات القانونية والادارية وقد زاد عدد الدول القانئمة بالإصلاح في الاقليم مقارنة بالعام الماضي وحصل الاقليم علي المركز الرابع في العالم من حيث سرعة الإصلاح متقدما بمركزين عن العام الماضي. ويفيد التقرير بأن الدول التي احتلت المراتب العشرة الأوائل فيما يتعلق بتنفيذ إصلاحات تتعلق بتسهيل ممارسة أنشطة الأعمال هم حسب الترتيب: جورجيا، رومانيا،المكسيك، الصين، بيرو، فرنسا، كرواتيا، جواتيمالا، غانا، وتنزانيا وقد قامت الدول المصلحة بتسهيل لوائح الأعمال وتقوية حقوق الملكية وتخفيف الأعباء الضريبية وتوسيع فرص الحصول علي الائتمان وتخفيض تكلفة التصدير والاستيراد وقامت كل من الجزائر ومصر وإسرائيل والأردن والكويت والسعودية وسوريا وتونس واليمن بتنفيذ إصلاح واحد علي الأقل ولم تجر إيران أو العراق أو لبنان أو الضفة الغربية وغزة أية إصلاحات متعلقة بممارسة أنشطة الأعمال. ويصنف تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2007 ، 175 اقتصادا من حيث سهولة ممارسة الأعمال ليغطي بذلك 20 دولة اضافية عن الدول التي شملها تقرير العام الماضي واحتلت إسرائيل في تقرير هذا العام المرتبة 26 والسعودية 39 والكويت 45.