مواجهة حزب الله بالخطأ الذي ارتكبه في ادارة عملية المقاومة مع اسرائيل ليس معناها تأييد اسرائيل علي حساب المقاومة.. وتأنيب حزب الله علي توريط لبنان في عملية تدمير منظمة تقوم بها العسكرية الاسرائيلية ليس معناه تأييد العدوان وخذلان المقاومة.. ولست ادري لحساب من يدير البعض حملة مسعورة ضد موقف كل من مصر والسعودية والاردن علي وجه الخصوص واظن ان الكويت هي الاخري نالت نصيبا من الهجوم الشرس ضد ما اسموه خذلان المقاومة. والواقع ان احدا لم يخذل المقاومة ولا تجاوز في عدم تقدير دورها سواء قام بها حزب الله او غيره ولكن حزب الله الذي يقدم نفسه كبطل وحيد في المواجهة مع اسرائيل يقامر ويغامر وهو ليس مسئولا دوليا بل هو متهم بأنه تنظيم إرهابي.. وكانت النتيجة ان عملية الاعتداء الاسرائيلي علي لبنان حظيت بدعم دولي او علي الاقل سكوت علي الممارسات الاسرائيلية واعطائها فسحة من الوقت لتقليص القدرة العسكرية لحزب الله ورده بعيدا عن الجنوب بأي طريقة ممكنة. ويصبح السؤال كم هي المكاسب التي تحققت من عملية غير مدروسة او محسوبة سياسيا، وكم هي الخسائر.. ولا احد يقول لنا ان حساب المكاسب والخسائر ليس مهما في المقاومة لان المقاومة في الحقيقة هي سعي لتحقيق هدف.. وبالتالي فاذا لم تحقق الحركة علي الارض مكسبا سياسيا فانها تصبح حركة عبثية لا لزوم لها وربما تؤدي الي تأخر وعدم امكان تحقيق الاهداف. والمقاومة هي جناح سياسي وآخر عسكري، والفرق بين المقاومة وبين اعمال العصابات المسلحة هو الهدف السياسي الذي تسعي اليه المقاومة، كما ان المقاومة ليست انتحارا او استهلاكا للموارد، فمهمة المقاومة ليست مجرد ازعاج العدو او تكبيده خسائر ولكن المهم ان تكون الخسائر سببا في ضعفه لا في قوته وان تكون الحركة في اتجاه كسب تأييد مزيد من الانصار الفاعلين والمؤثرين لينفتح الطريق في النهاية الي الهدف المنشود. وليس متصورا ان تشتبك "قوات" حزب الله مع "القوات" الاسرائيلية في معارك تصادمية تؤدي الي استسلام اسرائيل واجبارها علي توقيع معاهدة سلام بشروط حزب الله او ان تغادر اراضي فلسطين كما تريد حماس، ولكن المتصور ان تؤدي ضغوط المقاومة السياسية والعسكرية الي اقناع حلفاء اسرائيل قبل اسرائيل ذاتها بان استمرار الاحتلال والاستبداد وفرض الحلول الاحادية لن يحقق الاستقرار ولا الامن لا لإسرائيل ولا لحلفائها. العملية اذن ليست ضربات انفعالية القصد منها التصوير علي التليفزيون واستجداء تعاطف العامة واخراج المظاهرات التي تحمل الرايات احتفالا باطلاق صاروخ او توجيه تهديد ربما يؤدي الي مكاسب محدودة ولكنه يفتح طريق الخراب. محمود التهامي