[email protected] تعتمد عملية تنمية وتوطين صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدرجة كبيرة علي مدي القدرة علي جذب قاعدة كبيرة من الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا المجال وكذلك القدرة علي بناء علاقة شراكة قوية مع الشركات الإقليمية والعالمية. وإذا كان هناك شبه إجماع علي أن الصناعة العربية لم تنجح حتي الآن في بناء اسم تجاري عالمي في صناعة محددة يكون للدول العربية الريادة فيها فإن صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تعد واحدة من الصناعات الجديدة المؤهلة بقوة ليكون للدول العربية دور ايجابي وملموس في تطويرها وذلك نظرا لتوافر مقومات هذه الصناعة ولعل أهمها الكوادر البشرية - سواء المؤهلة بالفعل أو التي يمكن تدريبها - علاوة علي توافر الاستثمارات المالية المطلوبة - وهي عادة استثمارات صغيرة أو متوسطة مقارنة بغيرها من الصناعات - علاوة علي وجود طلب متزايد علي الأدوات التكنولوجية وشبكات الاتصالات في جميع أسواق الدول العربية. ونتصور أن عملية التنمية المنفردة داخل كل دول عربية لصناعة تكنولوجيا المعلومات هي أمر مقبول إذا كنا نتحدث عن منافسة فيما بين الدول العربية أما إذا كنا نتحدث عن الرغبة في إقامة سوق عربية مشتركة تمهيدا لإقامة وحدة اقتصادية فان التكامل ووضع ميثاق عربي لتنمية ودعم صناعة تكنولوجيا المعلومات تتبناه الدول العربية لإحداث توافق في بيئة الاستثمار والتنمية فيما بينها هو الوضع المطلوب والأنسب وذلك في إطار ما يطلق عليه استراتيجية التنمية الصناعية والتكامل الصناعي بين الدول العربية والتي تم إقرارها مؤخرا من المجلس الوزاري للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين التابعة لجامعة الدول العربية. وإذا كنا نعلم جميعا مدي أهمية هذه الاستثمارات فمن المهم أن نشير إلي أهمية وجود نوع من التخطيط والتكامل المسبق لتوجيه هذه الاستثمارات نحو تصنيع المنتجات التكنولوجية ذات القيمة المرتفعة العالية أو التي يمكن إعادة تصديرها للخارج بما يساعد علي فتح أسواق جديدة لمنتجاتنا إذ إن جذب هذه الاستثمارات يحتاج إلي تقديم حزمة متكاملة من الحوافز والتي تشكل نوعا من الدعم والتشجيع لهذه الاستثمارات وضمانا لتحقيق عائد مادي للمشروعات الاستثمارية ولعل علي رأس هذه الحوافز هو وجود الطلب المحلي الفعال علي منتجات هذه المشروعات وهو ما يفسر قيام شركة "اتش بي" العالمية بافتتاح مصنع لها لأجهزة الكمبيوتر في السعودية. ولعل إحدي صور التكامل العربي الممكنة في مجال التنمية التكنولوجية وصناعة الالكترونيات هو ما تقوم به حكومة دبي من بناء واحة السليكون وجذب العديد من الشركات العالمية لتصنيع منتجات اشباه الموصلات ونعتقد أنه من المهم أن يكون للكوادر المصرية المؤهلة في مجال الالكترونيات دور ايجابي في دعم هذا المشروع بما يحقق التكامل بين المطلوب بين رأس المال والكوادر البشرية العربية ويمكن القياس علي ذلك العديد من مشروعات تنمية صناعة التكنولوجيا الكبيرة التي تسعي كل دولة عربية "علي حدة" لإقامته بعيدا عن وجود اي تخطيط لتكامل أو تنسيق عربي. في النهاية نؤكد أن توافر الطلب العربي يمثل عنصر الضغط الرئيسي ومزية لا يمكن إهمالها أو تجاهلها عند الحديث عن توطين صناعة المعلومات والاتصالات العربية خاصة فيما يتعلق بالتعاون مع الشركات العالمية.