[email protected] عادة ما ترتبط التكنولوجيا في أذهاننا جميعا بالقدرة علي الإبداع والابتكار وذلك نظرا لطبيعة مجال التكنولوجيا من حيث كونه يسعي لتحويل الأحلام والطموحات من مجرد مجموعة من أفكار غير ملموسة إلي واقع فعلي حقيقي يساهم بدرجة كبيرة في رقي وتقدم الحياة البشرية بشكل عام. وتحدثنا أمس عن توافر غالبية عناصر البنية الأساسية الداعمة لتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ونستكمل حديثنا اليوم حول التحديات التي تواجه هذه الصناعة هل هي مشاكل تتعلق بنقص التمويل أم غياب مفهوم الإبداع. ونعتقد أنه بالنسبة للمحور الأول المتعلق بالتمويل فإن الأمر شهد انفراجة كبيرة سواء من خلال إنشاء العديد من صناديق التمويل الخاصة بمشروعات تكنولوجيا المعلومات - علي المستوي المحلي والإقليمي " أو من خلال إنشاء مشروع للحضانات التكنولوجية تابع لإشراف وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علاوة علي تغير النظرة الائتمانية لكثير من البنوك لصناعة المعلومات كصناعة تعتمد علي تنمية العقول وليس الأصول وبدأنا نشهد بنوكا تساهم في رؤوس أموال شركات التكنولوجيا. وبالتالي فإن عنصر التمويل بصورة ما أو بأخري لم يعد يشكل التحدي الرئيسي الذي يقف حائلا أمام تحقيق طفرة حقيقية في توطين صناعة المعلومات وزيادة قدراتنا التنافسية علي المستوي العالمي.ونتصور أن الأزمة الحقيقية التي تعاني منها صناعة المعلومات المحلية في الوقت الحالي هي القدرة علي الإبداع وتقديم الحلول المبتكرة والمناسبة لاحتياجات السوق المحلي والعالمي وقبل الحديث عن مدي ارتباط عملية توطين التكنولوجيا بتوافر الكوادر البشرية والمؤسسات القادرة علي الإبداع والابتكار وتهيئة المناخ المناسب له يجب في الحقيقة أن نشير إلي المراحل المختلفة للإبداع والابتكار إذ يمكن اختصارها في ثلاث مراحل رئيسية. فالمرحلة الأولي تتسم بكونها قصيرة الأجل تتضمن تطوير ما هو قائم بالفعل من منتجات إلكترونية " سواء تم إنتاجها محليا أو استيرادها " وذلك اعتمادا علي إضافة بعض الوظائف الجديدة التي من شأنها أن تجعل هذه المنتجات اكثر استجابة لاحتياجات المستخدمين المعنيين بهذه المنتجات. والمرحلة الثانية للإبداع وهي مرحلة متوسطة الأجل تتضمن العمل علي تحويل الأفكار الحالية التي بين أيدينا الي منتجات ملموسة مثل مشروعات الاختراعات التي تذخر به هيئة البحث العلمي لدينا ولا تجد من ينظر إليها لتحويلها من مجرد أفكار علي الورق إلي منتجات تستطيع أن تلبي متطلبات المستهلكين بشكل مباشر أو غير مباشر. أما المرحلة الثالثة للإبداع فتتمثل في التفكير فيما لا يفكر فيه الآخرون أو بمعني أخر البحث في نوعية الاحتياجات المستقبلية للإنسان والبحث في كيفية تحقيقها ولذلك يمكن وصف هذا النوع من الإبداع بكونه يحتاج إلي فترة زمنية طويلة ويحتاج إلي عملية إعداد وتأهيل مطولة للكفاءات البشرية حتي يمكنها الوصول لهذا المستوي من الإبداع. وبطبيعة الحال فان كافة نوعيات عملية الإبداع تحتاج إلي المناخ المناسب حتي يمكن أن تري النور ومن ثم فان مراكز البحث والتطوير تعد بمثابة الحضانة الأساسية لتفريغ كافة مراحل الإبداع لدي الكوادر البشرية. وهنا نتساءل كم عدد المؤسسات لدينا التي تمتلك بالفعل مراكز تطوير لمنتجاتها ؟كذلك كيف يتم اختيار العاملين في تلك المراكز فهل يتم الاعتماد فقط علي المؤهل الدراسي أم علي قدرة تلك الكفاءات علي التفكير السليم أم بناء علي قدرته علي العمل التقليدي المتواصل ؟ للحديث بقية