تعهد بيرلويجي بيرزاني وزير الاقتصاد في حكومة يسار الوسط الايطالية الجديدة التي يرأسها رومانو برودي بان تكون هذه الحكومة اكثر ليبرالية من حكومة بيرلسكوني.. وقد بدأ بيرزاني بالفعل بداية قوية في اصلاح الاقتصاد الايطالي حيث استصدر من الحكومة يوم 30 يونية الماضي قرارا بالغاء العديد من القيود الغامضة التي كانت تعوق النشاط الاقتصادي في ايطاليا وخاصة في قطاع الخدمات.. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان القرار الجديد سمح لمحال السوبر ماركت ببيع الادوية التي لا يشترط صرفها بروشتة طبيب.. واعطي الشركات الخاصة حق ادارة مرافق للنقل العام واعطي المواطنين حرية فتح واغلاق الحسابات المصرفية دون ان يتعرضوا للغرامة عند اغلاق حساباتهم كما كان يحدث من قبل.. وسمح للسلطات المحلية بصرف المزيد من تراخيص سيارات الاجرة لنقل الركاب والغي قانونا قديما كان يحدد عدد المخابز وكمية الخبز التي توجد في كل حي سكني. وربما كانت هذه الاصلاحات مجرد بداية متواضعة ولكنها كانت كافية لاثارة عاصفة من الاحتجاجات بما في ذلك الاضرابات الجامحة من جانب سائقي التاكسي الذين سدوا الطرق المؤدية الي المطارات في روما وميلانو والحقيقة ان برنامج بيرزاني لتحرير الاقتصاد الايطالي المريض برنامج واسع وهذه هي بدايته.. ففي ايطاليا كثير من الاوضاع الاحتكارية التي تحميها مراكز قوي وتسعي هذه الحكومة جاهدة للتخلص منها وسوف يكون الدور القادم في الاصلاح علي القطاع المصرفي وقطاعي التأمين والطاقة والقطاع العام كله. وتجدر الاشارة الي ان هجمة بيرزاني الجريئة علي الامتيازات الخاصة لبعض الفئات قد ادهشت الكثيرين خصوصا اولئك الذين كانوا يخافون من هذه الحكومة او يتوقعون استقالتها في اي وقت بسبب اغلبيتها المحدودة في البرلمان وخاصة في مجلس الشيوخ وحتي دومينكوسينسكالكو الذي عمل لفترة قصيرة كوزير مالية في حكومة يمين الوسط برئاسة سيلفيو بيرلسكوني اعتبر خطوة بيرزاني خطوة شجاعة ولكنه اعتبرها ايضا مجرد خطوة اولي. اما رجال الاعمال فانهم قلقون ومتشككون في قدرة حكومة يسار الوسط بسبب اغلبيتها البرلمانية الضئيلة والانقسامات العديدة داخلها والنفوذ القوي الذي يمارسه الشيوعيون والشيوعيون السابقون عليها.. والطريف في الامر ان الوزير بيرزاني نفسه عضو سابق في الحزب الشيعي شأنه في ذلك شأن كثير من زملائه اعضاء الحكومة ولعلنا نذكر ان كثيرا من رجال الاعمال كانوا متفائلين بوصول بيرلسكوني الي الحكم قبل عدة سنوات وبالتحديد عام 2001 ولكن تفاؤلهم سرعان ما تحول الي تشاؤم وتحولوا ليقفوا ضده لعجزه عن اتخاذ خطوات اصلاحية جريئة. وتؤكد "الايكونوميست" ان الدمار الذي اصاب اقتصاد ايطاليا في ظل حكومة بيرلسكوني اليمينية كان شديدا.. وقد علق صندوق النقد الدولي علي سياسات بيرلسكوني قائلا انها لو استمرت حتي عام 2050 فسوف يصل عجز الموازنة الايطالية الي 20% من اجمالي الناتج المحلي ويصل الدين العام الي 300% من اجمالي الناتج المحلي ايضا. وقد يبدو الاقتصاد الايطالي الان في صورة حسنة نوعا بعد حالة الركود التي مر بها في العام الماضي ولكن ذلك راجع الي التحسن العام في الاقتصاد العالمي وخاصة اقتصاد المانيا الذي امتص كثيرا من الصادرات الايطالية. وتأمل حكومة يسار الوسط ان يؤدي تحرير الاقتصاد الايطالي الي مزيد من الازدهار وهو الامر الذي قد يحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وتأمل الحكومة خفض عجز الموازنة في عام 2007 بمقدار 42 مليار يورو (53.5 مليار دولار) اي بنسبة 1.7% من اجمالي الناتج المحلي ولكن رفع اسعار الفائدة سيزيد عبء خدمة الدين العام علي الحكومة ويحد من قدرتها علي الانفاق في مجالات البنية الاساسية والتعليم والتكنولوجيا.