علي عشاء فاخر ناقشت الحكومة الايطالية الجديدة برئاسة رومانو برودي منذ ايام الاختلالات المالية التي تعانيها الدولة والحاجة الي اتباع سياسة تقشفية لعلاج هذه الاختلالات. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان ايطاليا تئن تحت وطأة ثالث اكبر نسبة للدين العام في العالم الي جانب عجز في الموازنة يفوق السقف الذي حددته اتفاقية الاستقرار الموقعة بين دول منطقة اليورو. وقد أعلن تومازو بادوار تشيوبا وزير الخزانة الايطالي في حكومة مسار الوسط انه لا مفر من اتخاذ اجراءات تقشفية صارمة لخفض العجز في موازنة الدولة.. وانه بدون هذه الاجراءات سيرتفع العجز الي 4.1% من اجمالي الناتج المحلي في حين كانت حكومة يمين الوسط السابقة تعد بألا يتجاوز العجز المتوقع 3.8% وهناك من يتوقع ان يقفز العجز في الموازنة الي 4.6% اذا لم يتم اتخاذ اجراءات الانضباط المالي المطلوبة. وقد ألقت حكومة برودي باللوم في هذه الفوضي المالية علي حكومة يمين الوسط السابقة برئاسة بيرلسكوني الذي كان بدوره يتهم سابقيه بطبخ دفاتر الموازنة العامة للدولة ولكن الشيء المؤكد هو ان الاوضاع المالية الايطالية في حالة تدهور مستمر وان الفائض الذي كان قد تكون في التسعينيات قد تبخر كله وان حكومة برودي قد تلجأ الي اعداد موازنة تكميلية هذا العام حيث تدور المناقشات حاليا حول مكونات هذه الموازنة التكميلية. ومنذ ايام دعا ماريو دراغي محافظ البنك المركزي الايطالي الي اعطاء اولوية مطلقة للنمو الاقتصادي ولكن وزير الخزانة رد عليه مؤكدا ان الاولوية يجب ان تعطي للانضباط المالي علي اية اصلاحات اقتصادية اخري. والحقيقة ان واقع الحال يؤيد الاتجاه الذي يدعو اليه وزير الخزانة حيث زاد الدين العام الايطالي بقوة في عام 2005 واصبح الان في حدود 108% وهددت وكالتان من وكالات تقدير الملاءة بخفض درجة ملاءة الحكومة الايطالية وهو امر لو حدث سيزيد من اعباء خدمة هذا الدين العام. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان عدم التحرك بسرعة سيوقع ايطاليا في هوة اقتصادية ومالية عميقة حيث ان زيادة اعباء خدمة الدين ستحول دون الحد من العجز في الموازنة.. وان كان الامل معقودا علي تحسن الوضع الاقتصادي الاوروبي في عمومه وانعكاس هذا التحسن علي الاقتصاد الايطالي. وفي مواجهة ذلك تقف نقابات العمال ومنظمات اصحاب الاعمال في موقف مناهض لسياسة التقشف.. وتقول نقابات العمال ان سياسة التقشف ستعني زيادة الضرائب وهذا مناهض لوعود برودي الانتخابية خصوصا وعده بتخفيف الاعباء عن الفقراء وخفض الضرائب علي الاجور بنسبة 5% وقد طالبت منظمات رجال الاعمال حكومة برودي بالتفاوض مع بروكسل من اجل تأجيل خفض العجز في الموازنة لبعض الوقت علي امل اعطاء اولوية لاصلاحات اقتصادية اخري تؤدي الي زيادة النمو وخفض معدل البطالة. ولكن وزير الخزانة بادوا - تشيوبا مصمم علي سياسته التقشفية ويسعي لاقناع زملائه في الحكومة بتأجيل خفض ضريبة المرتبات 5% حسب ما جاء في حملة برودي الانتخابية وفي كل الاحوال سيكون عليه ان يراعي ان حكومته تحكم باغلبية ضئيلة وان عليه ان يرضي حلفاءه من اليسار تجنبا لتحول الامر الي ازمة سياسية.