كشفت المراكز المالية لبنوك القطاع العام التجارية الأربعة التي تم إعلانها مؤخرا عن حدوث عدد من المفارقات المرتبطة بإدارة هذه البنوك لأموالها ففي الوقت الذي زاد فيه معدل نمو التوظيف لدي العملاء بهذه البنوك وزادت المخصصات المكونة للقروض تلاحظ في المقابل حدوث انخفاض في عائد الخدمات المصرفية. وعلي الرغم من هذا النزاع إلا أن أرباح البنوك العامة التي تضم: الأهلي المصري ومصر والقاهرةوالاسكندرية شهدت تحسنا كما حدثت زيادة في معدلات العائد علي الاستثمارات المالية سواء في الاسهم أو السندات أو أذون الخزانة. التوظيف لدي العملاء وإذا رصدنا ذلك بالأرقام نلاحظ أن بنوك القطاع العام التجارية حققت معدل نمو بالتوظيف لدي العملاء خلال العام المالي 2004 2005 بلغ 6.3% وعلي الرغم من أن هذا المعدل يعد متوسطا من وجهة نظر البعض إلا أن أحمد آدم المحلل المالي والمدير بأحد البنوك يؤكد أن هذا المعدل يزيد عن المعدل الذي حققته كل البنوك خلال عام 2003 2004 والبالغ 3.3% فقط وهو ما يعني حدوث تحسن في هذا الجانب. وبشكل عام إذا رصدنا أبرز الملاحظات المتعلقة بنشاط التوظيف لدي البنوك العامة نجد أن أحمد آدم يرصدها في مظاهر أساسية والظاهرة الأولي تتمثل في زياد معدل النمو الخاص بالتوظيف وعلي سبيل المثال ضاعف البنك الأهلي من معدلات نموه في العام المالي الماضي حيث حقق معدلا بلغ 15.7% مقابل 5.7% في العام السابق. كما حقق بنك مصر معدل نمو بلغ 3.9% مقابل 0.7% فقط العام السابق وحقق بنك الاسكندرية معدل نمو بلغ 3% مقابل 0.7% أيضا فقط العام السابق وحقق بنك القاهرة معدل نمو بلغ 0.4% فقط مقابل 1% خلال العام الماضي ليكون بذلك البنك الوحيد ببنوك القطاع العام الذي انخفض فيه معدل نمو التوظيف لدي العملاء عن الفترة المقابلة من العام الماضي. والواقع يؤكد أن بنوك القطاع العام قد بدأت فعلا إجراءات البدء في اغلاق ملف التعثر وبدء مرحلة الانطلاق في تحقيق معدلات نمو جيدة بالتوظيف لدي العملاء وهو ما أثر ايجابا بزيادة معدلات توظيف الودائع ومالها من ايجابيات علي إجمالي الايرادات وكذا مجمل الارباح. والظاهرة الثانية التي يرصدها أحمد آدم تتمثل في زيادة المخصصات المكونة للقروض بالبنوك العامة بدرجة كبيرة سواء المخصصات المكونة خلال العام أو إجمالي المخصصات علي الرغم من استخدام مخصصات لإعدام القروض بلغت خلال عام 2005 بالبنوك الأربعة 1.5 مليار جم وقد كونت البنوك الأربعة خلال عام 2005 مخصصات إجماليها 6.9 مليارجم ليبلغ إجمالي مخصصات القروض بالبنوك الاربعة 21.8 مليار جم وهو ما يجعلنا نؤكد أن نجاح قيادات بنوك القطاع العام في عقد تسويات لبعض المديونيات وكذا عقد جدولة لبعض المديونيات والنجاح في تحصيل أكبر قدر منها مع الاستمرار في تدعيم مخصصات القروض ومنح القروض والتسهيلات الائتمانية للعملاء الجادين مع الالتزام بالقواعد والاصول المصرفية من شأنه إغلاق ملف التعثر المصرفي تماما خلال عامين علي أقصي تقدير. الاستثمارات المالية مازالت أغلب الفوائض المالية بالبنوك تتجه للاستثمار باذون الخزانة وسندات الخزانة وهو أمر مألوف منذ بدء ظاهرة التعثر المصرفي أواخر التسعينات من القرن الماضي وما ساهم في ذلك من زيادة الديون المحلية للدولة وأهم أدوات الدين المحلي خلال نفس الفترة كانت اذون وسندات الخزانة ولكن مع صعود بورصة الأوراق المالية وظهور أسهم قوية نشطة بدأت البنوك تتجه للاستثمار وبشكل واضح بالبورصة وقد أثر هذا ايجابا علي معدلات العائد علي الاستثمارات المالية (أسهم سندات اذون خزانة) ليكون هذا سببا في الظاهرة الثالثة: وهي زيادة معدلات العائد علي الاستثمارات المالية (أسهم سندات اذون). فنظرا لصعود البورصة في العام المالي 2004/2005 وتحقيق الاسهم النشطة لنمو متعاظم في قيمتها السوقية وكذا الاسعار الجيدة الممنوحة علي اذون الخزانة فقد تزايدت معدلات العائد علي الاستثمارات المالية بصورة واضحة حيث زاد المعدل بالبنك الأهلي من 7.3% عام 2004 إلي 8.5% عام 2005 وبنك مصر من 6.1% إلي 10.5% وبنك القاهرة من 10.6% إلي 13.7% وبنك الاسكندرية من 7.6% إلي 10.2% وكان لذلك تأثير ايجابي كبير علي مجمل أرباح البنوك خلال عام 2005 وكذا علي مخصصات القروض المكونة خلال العام والمحصلة النهائية هي الاسراع في اغلاق ملف التعثر ببنوك القطاع العام التجارية.