خلال الفترة الماضية صدرت عدة تصريحات من عدد كبار المسئولين عن السياسات الاقتصادية والنقدية والمصرفية تصب كلها في اتجاه واحد هو التحذير من استمرار ظاهرة تراجع معدلات الائتمان الممنوحة من البنوك لعملائها والبطء الشديد في منح القروض الجديدة وطبقا لتصريحات هؤلاء فإن هذه الظاهرة تعد مشكلة خطيرة في ظل عدة اعتبارات علي رأسها: * الحديث عن توافر سيولة كبيرة داخل البنوك لا تجد التوظيف المناسب بل وتعد عبئا علي القطاع المصرفي إذ تزيد تكلفة الاموال لديها وهو ما يعني استمرار البنوك في سياسة عدم خفض أسعار الفائدة علي القروض علي الرغم من تراجع الاسعار علي الودائع بدرجة ملحوظة. * انه في الوقت الذي يتراجع فيه الائتمان أو يظل ثابتا نجد في المقابل حدوث قفزات في حجم الودائع وعلي سبيل المثال فان القروض المقدمة من البنوك لعملائها زادت بمقدار 8 مليارات جنيه في النصف الثاني من العام الماضي 2006 (يوليو- ديسمبر) لتصل الي 315.2 مليار مقابل 307.1 مليار جنيه وفي المقابل زادت الودائع باكثر من 12.4 مليار جنيه لتصل الي 542.5 مليار جنيه مقابل 530.1 مليار جنيه وهنا يجب الأخذ في الاعتبار ان جزءا من زيادة الائتمان ليست زيادة حقيقية بل هي عبارة عن فوائد مركبة علي القروض المتعثرة. * انه في ظل استمرار بطء معدلات الائتمان داخل البنوك فانه لا يمكن الحديث عن اقامة الألف مصنع الواردة في برنامج الرئيس حسني مبارك الانتخابي ولا يمكن الحديث ايضا عن ايجاد قرض عمل جديدة تستوعب جزءا من البطالة الحالية او زيادة الصادرات او رفع معدلات النمو. * ان استمرار هذه الظاهرة قد يهدد القطاع المصرفي خاصة بنوك القطاع العام علي المدي البعيد اذ انه قد يؤثر سلبا علي أرباحها السنوية. ويبدو ان البنوك الكبري بدأت تدرك خطورة هذه الظاهرة لذا فقد تحرك قادتها نحو تجمعات المستثمرين ورجال الأعمال لإقناعهم بضرورة التعاون معا في مجال الاستفادة من السيولة المتراكمة لدي القطاع المصرفي والعمل علي تأسيس مشروعات جديدة في قطاعات واعدة وهذا ما ظهر بشكل ملحوظ في لقاء حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي بكبار مستثمري مدينة العاشر من رمضان يوم الخميس الماضي فيما دعاهم للتقدم للبنك بأفكار مشروعات يتم تنفيذها عبر آليات عدة علي رأسها "المشاركة". كما تحرك بنك مصر برئاسة محمد بركات أيضا نحو التوسع في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة داخل محافظات الصعيد والدلتا، ومنح تسهيلات لمشروعات واعدة تعمل في مجالات الغاز والبتروكيماويات والاتصالات والبترول وغيرها من مجالات الاستثمار المباشر.