رصد التقرير الاخير للبنك المركزي المصري تراجعا في معدلات منح الائتمان في البنوك تجاوز المليار و360 مليون جنيه، اذ بلغ اجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك في شهر مايو الماضي نحو 431 مليارا و158 مليونا، بينما تراجع ذلك المعدل إلي 429 مليارا و793 مليون جنيه في النصف الثاني من العام الماضي. ومن جانبهم، يشير مسئولو الائتمان والاستثمار في البنوك المصرية إلي أن الازمة المالية العالمية، وما خلفته من ركود وكساد في معظم الاسواق، تعد أحد أهم الأسباب وراء تراجع الائتمان الممنوح للعملاء. اذ دفع الركود البنوك إلي التشدد في عمليات الائتمان، خشية تعثر المقترضين. في الوقت الذي نأي فيه المستثمرون بأنفسهم عن المجازفة والدخول في مشروعات جديدة، قد تكون احتمالات خسارتها أكبر من توقعات نجاحها. ويري بعض المصرفيين أن التراجع في معدلات الائتمان سيستمر لفترات مستقبلية، حتي تزول آثار الازمات العالمية والعربية علي الاقتصادات المجاورة وحركة التجارة. بينما يذهب اخرون إلي أن تستأنف عمليات منح الائتمان مجددا، لاسيما بعد اقدام البنوك علي التوازن في استثمار اموالها ما بين الدخول في قروض ضخمة مشتركة. وتنويع منتجات التجزئة المصرفية والأهتمام بالقروض الشخصية، وهو ما يدفع عجلة الائتمان للدوران مجددا خلال الفترة المقبلة. محفزات ضد الكساد يقول إبراهيم شوقي خبير مصرفي إن هناك أسبابا عدة لتراجع معدلات الائتمان، في النصف الثاني من العام الماضي، أبرزها تداعيات ازمة "الرهن العقاري" الأمريكية علي جميع اقتصادات العالم، اذ فرضت حالة من الركود والكساد علي جميع الانشطة، وهو ما فرض بطبيعة الحال نوعا من الترقيب لدي المستثمرين في عمليات التوظيف والاستثمار وعن تأثير ذلك علي البنوك، أكد ابراهيم أن معظم بنوك العالم بدأت تعيد تقييم نفسها واستثماراتها ومجالات التوظيف فيها، كما اقدمت علي إعادة تصنيف عملائها المقترضين، خاصة مع اقرار معايير جديدة للجدارة الائتمانية، حيث أسهمت تلك العوامل في تحجيم البنوك عن التوسع في الائتمان خلال الفترة الماضية. ويقر ابراهيم بوجود نوع من التشدد في عمليات منح الائتمان من جانب البنوك، لاسيما بعد تفشي ظاهرة "التعثر" وتكبد بعض البنوك خسائر كبيرة جراء ذلك. لافتا إلي أن الازمات المفاجئة تحتم علي البنوك في الغالب التوقف عن منح تحويلات جديدة، انتظارا لما ستسفر عنه تداعيات تلك الازمة علي جميع القطاعات لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن البنوك المصرية حرصت الفترة الماضية علي تنشيط عمليات الاستثمار من خلال فتح تحويلات جديدة، ظهرت في الكم الكبير للقروض المشتركة التي شهدتها السوق مؤخرا، إلي جانب دخول البنوك في عمليات استثمارية مختلفة كشريك. من جهته، أكد هشام حسن رئيس بنك تنمية الصادرات أن تراجع معدلات الائتمان هو نتاج طبيعي للازمة العالمية وتداعياتها علي الاسواق، خاصة الناشئة منها مشيرا إلي أن هناك قطاعات عدة تأثرت سلبا بالازمة مثل السياحة والتصدير وتحويل الاموال، وهو ما انعكس بالسلب علي حجم الاستثمارات الجديدة في السوق، ومن ثم علي حجم التمويلات والقروض التي تقدمها البنوك. لكنه يري أن تلك الظروف "طارئة.. ولن تستمر طويلا" متوقعا أن يعود من بعدها معدل الائتمان إلي سابق عهده، لاسيما بعد تراجع معدلات الفائدة بنسبة كبيرة السنة الماضية، إلي جانب سعي البنوك الجاد نحو ضخ تسهيلات ائتمانية جديدة تمكنها من توظيف السيولة المكدسة لديها، ويخفف من تكلفة أموال المودعين، وربما يحقق لها عائدا مرضيا. رأي آخر يطرحه الخبير المصرفي احمد سليم قائلا إن البنوك وخاصة المصرية "لم تتأثر بالازمة فهي تمارس جميع انشطتها حاليا بالنشاط نفسه السابق للازمة". موضحا أن تراجع معدلات الائتمان جاء في الاشهر التي اعقبت الازمة العالمية مباشرة، من مايو وحتي سبتمبر العام الماضي، وهي فترة ترقب ودراسة لأوضاع السوق وبعدها انطلقت البنوك في مصر في عمليات تمويل وقروض مشتركة.