تحت عنوان "مصر متخلفة بثلاثين عاماً عن الدول التي تشجع الاستثمار" كتبت في هذا المكان منذ أسبوعين عن أمرين: الأمر الأول هو أن المعالجة الخاطئة والخشنة لبعض الاحتجاجات السياسية، مثلما حدث إبان تصاعد أزمة القضاة من عسكرة لوسط البلد وقمع للمتظاهرين وغير ذلك من ممارسات سلبية، تبدد الجهود التي تبذلها المجموعة الاقتصادية في حكومة الدكتور أحمد نظيف لجذب الاستثمارات الأجنبية. وقلت بالحرف الواحد: "لعل رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة ومحمود محيي الدين وزير الاستثمار وعثمان محمد عثمان وزير التخطيط والتنمية المحلية وزياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للاستثمار هم أكثر من يشعر بخطورة الموقف، فضلا عن شعورهم بالحسرة والقلق علي الجهود التي بذلوها علي مدار شهور وسنوات، ويرونها اليوم مهددة بالضياع تحت الأضواء الكاشفة لكاميرات الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية التي تنقل دبة النملة إلي جميع أرجاء الدنيا.. إذا لم يتم احتواء الأزمة ووقف التصعيد والعناد". الأمر الثاني هو انه إذا كان هذا الثمن المخيف وارداً بقوة حتي بالنسبة للبلدان التي تتمتع بأوضاع اقتصادية قوية نسبياً، فما بالك بأوضاع مثل تلك التي تعاني منها بلادنا حاليا. واستشهدت بتقرير لهيئة دولية يستنتج ان مصر متخلفة بثلاثين عاما عن البلاد التي تشجع الاستثمار، وهو التقرير الذي رصده وسلط عليه الأضواء الكاتب الكبير الأستاذ محسن محمد علي صفحات جريدة "الجمهورية". وبعد النشر وصلتني الرسالة التالية من الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار: السيد الأستاذ: سعد هجرس تحية طيبة وبعد فبالإشارة إلي ما ورد بمقال سيادتكم بجريدة "العالم اليوم" بتاريخ 15/5/2006 بشأن الجهود المبذولة للترويج للفرص الاستثمارية المتاحة بمصر، وتأثر المستثمر الأجنبي بالأحداث الداخلية من حيث اقباله أو احجامه عن الاستثمار في مصر. فإنه يطيب لي أن أعرب لسيادتكم عن خالص تقديري لاهتمامكم بمتابعة ما يجري علي ساحة الاستثمار في مصر كما اتفق تماما مع سيادتكم بأن المناخ الاستثماري في أي بلد هو محصلة عوامل كثيرة اقتصادية وتشريعية واجتماعية وثقافية وسياسية. أما فيما يتعلق بتعليق سيادتكم علي ما جاء بمقال الكاتب الصحفي الكبير محسن محمد والذي نشر بجريدة الجمهورية بتاريخ 11/5/2006 تحت باب "المشي فوق الأشواك" فإنني أشارك سيادتكم الاعجاب باللياقة الصحفية للكاتب الكبير كما يسعدني متابعة سيادته للتقارير الدولية الصادرة عن مناخ الاستثمار في مصر والذي يدل علي ثقافة واسعة وحسن اطلاع. وفي هذا الصدد اتشرف بأن أحيط سيادتكم علما بان التقرير المشار اليه بمقال الكاتب الصحفي السيد محسن محمد سبق نشره من خلال مؤتمر قد عقد خلال شهر سبتمبر 2005 وانه قد تمت تغطيته إعلاميا من قبل جميع الصحف المصرية في حينه كما أتشرف بأن أرفق لسيادتكم الرد المرسل للكاتب الصحفي الكبير وذلك لتدقيق بعض المعلومات الواردة بمقال سيادته. كما أرفق لسيادتكم مؤشرات الاستثمار المحلي والأجنبي والبيان الصحفي الصادر عن البنك الدولي والذي يشير إلي كون مصر الدولة السادسة بين الدول التي تقوم بالإصلاح وكذلك أرفق الإصدار الخاص الذي نشرته منظمة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الانكتاد) والخاص بمراجعة ما تم اتخاذه من إجراءات بشأن سياسات الاستثمار في مصر، والذي تم توزيعه مؤخرا خلال انعقاد اجتماع مجموعة الاستثمار والتكنولوجيا بمنظمة الانكتاد والذي عقد بمدينة جنيف خلال شهر مارس 2006 وقد أشاد التقرير بما تحقق علي صعيد تحسين المناخ الاستثماري في مصر حيث فاقت الإجراءات التي تم تنفيذها ما كان متوقعا وخاصة خلال العامين الأخيرين وذلك بالنسبة لتبسيط الاجراءات وزيادة كفاءة سياسات الترويج الاستثماري المتبعة، وإنشاء مجمع خدمات الاستثمار وغيرها من الخطوات التي تم اتخاذها في ذات الاتجاه. وفي هذا الصدد، يشرفني دعوة سيادتكم لزيارة مجمع خدمات الاستثمار بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة للاطلاع شخصيا علي ما تم تحقيقه خلال الفترة الأخيرة لتأسيس الشركات في ثلاثة أيام فقط (وليس في 34 يوما كما ذكر تقرير البنك الدولي الذي رجع إلي بيانات غير محدثة وواقع تم تغييره)، وذلك من خلال التعامل مع موظف واحد فقط بالهيئة "مسئول الملف"، بالإضافة إلي سداد الرسوم في البنك والتوقيع أمام الشهر العقاري والكائنين أيضًا في مجمع خدمات الاستثمار بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. مرة أخري أكرر شكري وامتناني، وتفضلوا بقبول خالص التحية والتقدير