مستشارو الحكومة بمختلف وزاراتها.. أجهزتها وهيئاتها في كل الجهاز الإداري للدولة يمثلون ملفا قديما مزمنا، لا يكاد يثار وتتخذ فيه القرارات حتي تعود الأوضاع إلي سابق عهدها. ومع الوقت تضخم الملف.. وخاصة بعد الاتجاه إلي جذب كفاءات من الخبرات من القطاع الخاص بكل ما تحتاجه من مزايا وتعويض مالي للاستفادة منهم، ليفتح ذلك باب "التصرف" في تدبير مخصصاتهم بعيدا عن الإجراءات المتعارف عليها ماليا، سواء من الصناديق والمكافآت ومشروعات المنح والمساعدات الأجنبية، وزاد من ضخامة الملف عدم وجود نص محدد وملزم بعددهم او مخصصاتهم المالية. "الأسبوعي" تفتح في هذه السطور ذلك الملف الشائك والمزمن حول السادة المستشارين وكل من يحملون ذلك اللقب في حكومة المستشارين. نعود إلي الوراء سنوات قليلة، وبالتحديد الي عام 1996 مع تشكيل حكومة الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الاسبق حيث كانت احدي النقاط الأساسية التي أعلنتها تتمحور حول هذا الملف واكدت انها ستعمل علي خفض اعدادهم الا ان هذا الملف سقط من حسابها وكان لمجلس الوزراء نفسه نصيب من المستشارين الجدد الذين استعان بهم الدكتور الجنزوري نفسه، ولم يلبث ان تم الالتفاف حول الحد من هؤلاء المستشارين من خلال ربط رواتبهم علي مخصصات من منح ومعونات اجنبية، وتفاقمت اعدادهم لتصل الآن ل26 الف مستشار يتقاضون 1.5 مليار جنيه سنويا، وهو ما دفع طارق سباق احد نواب المعارضة بمجلس الشعب الي تقديم طلب احاطة للدكتور احمد نظيف يتساءل فيه عن الاسباب التي جعلت الحكومة تتراجع في قرارها بتقليص اعداد المستشارين في الوزارات. استجواب يوضح النائب طارق سباق أن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء سبق وأعلن بعد توليه منصبه في فترة وزارته الاولي ان عدد المستشارين لن يزيد داخل كل وزارة عن ثلاثة مستشارين ورغم انه امضي في الوزارة عامين الا انه لم يتطرق لهذا الموضوع من قريب او بعيد واكتفي فقط بتأكيده بأن الحكومة غير ملتزمة بتشغيل الخريجين رغم ان المرتب الذي يتقاضاه اي مستشار يكفي لتعيين 20 خريجا جديدا كما ان هناك بعض المستشارين يتقاضون مرتبات تفوق ما يتقاضاها الوزراء التابعين لهم. ويشكك سباق في كفاءة المستشارين الذين يتم تعيينهم ويقول اغلبهم ان لم يكن معظمهم يجيء تعيينه كرد للجميل لبعض القيادات عما قام به تجاههم اثناء خدمته وقبل بلوغ سن التقاعد. ويؤكد ان هذا المنصب واستمراره داخل الوزارات يتسبب في ايجاد ازمة في القيادات وان الافضل من وجهة نظره ان يكون مستشار الوزير تحت مسمي مساعد الوزير او نائبه من الذين لم يتجاوزوا سن الستين حتي تكون هناك فرصة اكبر في اختيار الوزراء بدلا من الحيرة التي يقع فيها رئيس الوزراء عند تولي هذه المهمة. وعن الجهات التي يكثر بها عدد المستشارين والتي تم حصرها في بيانه قال انها تشمل مجلس الوزراء يليه مجلس الشعب، اما الوزارات فهي المالية والنقل ويؤكد سباق ان مشروع قانون محاكمة الوزراء والذي سيناقشه المجلس هذا الاسبوع من خلال لجنة الاقتراحات والشكاوي سيتقدم فيه بوضع حد اقصي لعدد المستشارين داخل كل وزارة بحيث لا يتجاوز عددهم ثلاثة مستشارين مع وضع حد اقصي لاجمالي ما يتقاضوه بحيث لا يزيد عن آخر مرتب حصل عليه المستشار من عمله قبل بلوغ سن المعاش. بديل أفضل الدكتور عمر زيدان استاذ الادارة بجامعة الزقازيق يؤكد ان سياسة الدولة هي المسئولة عن تزايد اعداد المستشارين والذين يلجأون لهذه الحيلة لتحقيق مصالح ومنفعة شخصية وليس للصالح العام مشيرا الي ان الدول النامية والتي لها ظروف شبيهة مع مصر وان كان يوجد بها مستشارون ولكن عددهم لا يصل الي هذا الحجم الموجود في مصر. ويري زيدان انه اذا كان هناك سبب قوي للاستعانة بمستشار والاخذ برأيه تجاه موضوع ما فان ذلك يمكن ان يتم مقابل مبلغ معين وقت الحاجة لخبرة هذا المستشار وبنظام (Parttime) كما يلجأ اليه القطاع الخاص احيانا بدلا من ان يشغلوا مناصب لفترات طويلة ولا يتحملون فيها مسئولية اتخاذ القرار وتبعاته رغم تقاضيهم لمبالغ طائلة. التفاف علي القانون اما الدكتور صلاح الدسوقي رئيس المركز العربي للادارة والتنمية فيري ان وظيفة المستشار تمثل في حقيقة الامر التفافا علي القانون فمن المفترض ان يشتمل الهيكل التنظيمي علي كل الوظائف اللازمة للأداء الجيد. ويؤكد الدسوقي ان زيادة عدد المستشارين لهذا الحد دليل علي تدهور الهيكل التنظيمي للجهاز الاداري مقارنة بما كان عليه منذ 30 عاما ومقارنة بما يحدث بالبلدان النامية الاخري. وعن الظواهر السلبية التي تنتج من انتشار هذه الظاهرة يشير د. الدسوقي الي انها لا تقتصر فقط علي زيادة العبء علي الموازنة ولكن الخطر الاكبر في انها تحجب الفرصة امام قيادات الصف الثاني في الحصول علي المناصب العليا وتحول دون بناء قيادات قادرة علي تحمل المسئولية. وفيما يتعلق بالجانب القانوني في تعيين المستشار لاي جهة فيقول الدكتور زكريا بيومي استاذ القانون بجامعة المنوفية ان المستشار يتم تعيينه من الرئيس الاعلي لرئيس الجهة التي سيعمل بها كمستشار وبخصوص الحد الاقصي للمبالغ التي يتقاضونها يؤكد بيومي انه لا يوجد نص في القانون يضع حدا اقصي لهذا المرتب ومن ثم فانه يترك لتقدير الجهة التي سيعين فيها ووفقا لخبرته العلمية والفنية ويتم صرف مرتباتهم تحت بند المكافآت او من خلال الصناديق الخاصة التابعة للجهات الحكومية اذا وجدت