فرضت مشكلة احتمال امتلاك إيران للسلاح النووي نفسها علي منطقة الخليج بأكمله وصارت محور مناقشات وحوارات شعوب دول مجلس التعاون الخليجي وكان قادة دول المجلس قد ناقشوا في اجتماعهم بالعاصمة السعودية الرياض الاسبوع الماضي، أبعاد الأزمة ودعوا إلي حل سلمي للملف النووي الإيراني! وتؤكد الحقيقة علي أن هذه الدول لا تريد لإيران أن تمتلك سلاحا نوويا وفي نفس الوقت لا تريد فرض حلول للأزمة بالقوة.. وأيضا تريد أن تنعم المنطقة بالاستقرار. هذا وكان الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الذي يشعر بالقلق البالغ قد تقدم بورقة للمناقشة إلي قمة التشاور الخليجية بالرياض يقترح فيها إعداد خطة استراتيجية لمواجهة التحديات الراهنة في المنطقة، اشتملت الورقة علي بعدين، البعد الأول أمني والبعد الثاني اقتصادي وتنموي. واعتبرت الكويت أن نزع فتيل أزمة الملف النووي الايراني مع صياغة موقف سياسي عربي مشترك، وكذلك العمل علي تحديد التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن أسوأ الاحتمالات قد تتجنب النتائج الخطيرة من وقوع كارثة في منطقة الخليج في حال تعرض مضيق هرمز للإغلاق.. وفي الورقة الكويتية كان للبعد الأمني نصيب كبير مثل ضرورة السعي لصياغة موقف سياسي مشترك في مواجهة هذه الأزمة والعمل علي تحديد إطار التداعيات الخطيرة التي قد تحدث مع وضع خطة وقائية لإنقاذ الخليج في حالة إغلاقه وهو يعتبر عصب اقتصاد الكويت والمنطقة وهو المصدر الرئيسي لمياه الشرب، وضرورة البحث عن بدائل لضمان تدفق البترول الخليجي إلي الأسواق العالمية وكذلك تدفق الواردات إلي المنطقة! لقد أحرزت دول الخليج جميعها نجاحا ملحوظا خلال صعودها المتألق محققة ازدهارا اقتصاديا ملموسا حيث يسير كل شيء في مناخ آمن وظلت كل دول المنطقة بمنأي عن اعتداءات القاعدة وقد التزمت الحياد خلال التدخل الأمريكي في العراق أما الآن فإنها تواجه تهديدا لا تستطيع مواجهته ومن المحتمل أن يتغير الوضع تماما وذلك بسبب البرنامج النووي الإيراني الذي يوجد في منطقة بوشهر ومناطق أخري تقع كلها علي ساحل الخليج، لذلك كان وزير خارجية الإمارات العربية الشيخ عبدالله بن زايد يحذر قائلا: نحن أقرب إلي بوشهر التي تبعد كثيرا عن شرق طهران نفسها وليس لدينا أية ضمانات أمنية ولا توجد أية حماية في حالة وقوع حادث نووي لا قدر الله..! هذا بالاضافة إلي أن ايران تتحاور منذ فترة مع الأممالمتحدة وأوروبا ولكنها لا تقوم بأي جهد يذكر لطمأنة جيرانها بخصوص طموحات إيران النووية كما تشعر شعوب المنطقة بالتجاهل الكامل لمصالحها. هذا وقد بدأت تظهر الأحقاد القديمة بين إيران وعرب الخليج علي السطح حيث يري البعض أن الخليج هو أصلا فارسي أما البعض الآخر فيراه عربيا، هذا بالاضافة إلي الخلاف المستمر الذي بدأ بعد احتلال ايران للجزر العربية الثلاث "طمب الكبري والصغري وجزيرة أبو موسي" كما أنه وفي خلال حرب إيران والعراق من عام 1980 التي استمرت حتي عام 1988 والتي ساندت فيها أغلب الدول العربية موقف صدام حسين. وبعد انتخاب أحمدي نجاد رئيسا لإيران في يونيو 2005 أصبحت المنطقة تواجه إدارة متطرفة في إيران، لأن أحمدي وكل رفاقه من حراس الثورة القدامي ومن بين العاملين في أجهزة المخابرات بعد توليهم السلطة ساد الشعور بالقلق والمنطقة كلها وخاصة فور بدء عملية تخصيب اليورانيوم مؤخرا. وشعوب المنطقة تتساءل ولها الحق عما إذا كان الايرانيون لديهم تحفظات علي النداء الذي وجهه قاده دول مجلس التعاون الذي يقضي بجعل المنطقة خالية من النشاط النووي فلماذا لا ترد علي هذا النداء؟! وهل يعتبر الصمت الإيراني دليلاً علي عدم شفافيتها ومثيرا للشك..! ويهدم حجة ايران بأن هذا النشاط سلمي والقصد منه توليد طاقة كهربائية في حين أنها تملك احتياطيات من البترول والغاز بكميات ضخمة، إذناً فما هي الحاجة إلي تنويع مصادر طاقتها؟ ان شعوب المنطقة كانت تتفهم أن تسعي ايران إلي تطوير برنامجها خلال فترة صدام حسين، أما اليوم فإن هناك ستة قرارات صدرت عن مجلس الامن تمنع العراق من تطوير أسلحة الدمار الشامل! ان شعوب المنطقة تعتقد أن ايران تخطط إلي توجيه رد عنيف ضد دول الخليج وذلك في حالة تعرضهم لهجوم عسكري أمريكي أو اسرائيلي ضد منشآتها النووية فإنها سوف تهاجم القوات الأمريكية في الكويت وفي قطر.. أو في أي قواعد أمريكية في المنطقة..! إن العرض المقدم من دول مجلس التعاون لإيران والموافقة علي إخلاء منطقة الخليج من أي نشاط نووي، وجد معارضة من البعض في العالم العربي فمثلا يري أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسي انه لا يوجد سبب يجعل ايران تتراجع عن برنامجها، في وقت تستمر فيه اسرائيل في امتلاك أسلحة نووية.. وبالتالي يجب تجنب حدوث عدم توازن اقليمي لصالح إسرائيل.. ويخشي البعض الآخر أن تسير بعض الدول في نفس الطريق مثل إيران وتدخل في سباق تسلح نووي يهدد المنطقة بأسرها..!