[email protected] كم مرة تعرضنا للسؤال عن تاريخ بعض الأماكن الأثرية والسياحية التي تزخر بها بلادنا وللأسف لم تكن لدينا المعلومات الكاملة.. وحيث إن قطاع الاَثار من القطاعات الهامة التي تعتمد عليها اقتصاديات مصر تحولت عمليات التنقيب عن الاَثار من استخدام الطرق التقليدية للحفر والتنقيب إلي استخدام الأقمار الصناعية ونظم المعلومات الجغرافية بإمكانياتها الهائلة في تحديد المكان الصحيح للحفر والتنقيب وعمل خرائط رقمية لمواقع الاَثار مما يحفظ لنا وللأجيال القادمة هذا التراث إلا أن الفرد العادي لم يستطع حتي الاَن أن يجني ثمار هذا الاختراق التكنولوجي لمجال الاَثار ومن ثم حان الوقت لتقديم خدمات ملموسة وحقيقية تساعدنا في الحفاظ علي هويتنا وتراثنا الحضاري في أذهان شعبنا وخاصة الشباب وصغار السن. وإذا كنا قد تحدثنا أمس عن أهمية دور نظام المعلومات الجغرافية في توفير البيانات الفورية الأساسية المزود بالصور والخرائط للمساعدة في الوصول للأماكن فان تكنولوجيا GIS تعد وسيلة فعالة يمكن الاعتماد عليها في توفير الكثير من الجهد والوقت اللازمين في كل مراحل التعامل مع الاَثار، فبالإضافة لقدرتها علي ربط البيانات الجدوليه بالموقع الجغرافي، يمكنها التعامل مع أكثر من طبقة جغرافية (خريطة) في نفس الوقت بالإضافة إلي السرعة والدقة والكفاءة في التعامل مع قواعد البيانات الجغرافية ويمكن استخدام GIS لبناء ما يعرف ب (نموذج دراسة احتمال وجود الاَثار) حيث يمكن تصنيف المنطقة محل البحث والدراسة إلي عدد من الأقسام والمناطق تبعا لدرجة احتمال تواجد الاَثار بها وبالتالي نقوم بدعم اتخاذ القرار الخاص ببدء التنقيب في منطقة معينة مما يوفر التكلفة الرهيبة التي عادة ما تصحب هذه العملية. وعن دور نظم المعلومات الجغرافية في حصر وتسجيل الاَثار نعتقد أن هذه المرحلة تحتاج إلي قدرات نظم المعلومات الجغرافية في التعامل مع البيانات المساحية والإحداثيات الجغرافية التي يمكن رفعها للمواقع الأثرية باستخدام أجهزة تحديد الإحداثيات علي سطح الأرض (Global Positioning System - GPS) وهي أجهزة ذات قدرات متطورة يمكنها تحديد إحداثيات الموقع بدقة عالية عن طريق الاتصال بعدد من الأقمار الصناعية المصنعة خصوصا لهذه الأغراض . وتستخدم قراءات وبيانات هذه الأجهزة لبناء طبقات (خرائط) المواقع الأثرية التي تم رفعها ومضاهاتها علي خرائط الأساس الأخري. ثم يتم حصر البيانات الجدولية من المصادر المختلفة والخاصة بتوصيف وتفاصيل الأثر (مثل الاسم، التاريخ، العصر، ...) والتي يتم تكويدها طبقا لطريقة التصنيف المناسبة ويتم تصميم قاعدة البيانات الجدولية وإدخال البيانات الخاصة بكل اثر وربطها عن طريق الكود بالأثر المرادف لها وبعد إتمام الخطوات السابقة تكون طبقة (خريطة) المواقع الأثرية قد تم تسجيلها رقميا وتكون صالحة للاستخدام في نظم المعلومات الجغرافية التي يتم بناؤها لحصر وتسجيل بيانات المواقع الأثرية. وفي الحقيقة لا نعلم ما مصير الاتفاقية التي تمت منذ سنوات بين المركز القومي لتوثيق التراث والمجلس الأعلي للاَثار من أجل عمل خريطة أثرية لمصر باستخدام نظم المعلومات الجغرافية حيث شمل هذا المشروع القومي ثلاثة مستويات: الأول عمل خريطة لمصر مزودة بقاعدة بيانات وصور حديثة عن المنطقة وخرائط متكاملة أما المستوي الثاني فيختص بعمل خرائط تفصيلية لكل نقطة علي الخريطة الأساسية تحوي جميع المعلومات والبيانات الخاصة بالمنطقة فهضبة الجيزة مثلاً سيجد المستخدم أدق البيانات عنها أما المستوي الثالث فيتضمن تفاصيل كل مقبرة والمسقط الأفقي لها والمساحة والجدران والكلام المكتوب فوق الجدران وتفاسيره حتي نصل لمرحلة الزيارة التخيلية للمقبرة حيث يشعر المستخدم بأنه زار المكان بالفعل وتجول داخله بالصوت والصورة سواء من علي جهاز الكمبيوتر أو المساعد الشخصي أو التليفون المحمول .