ظهرت الآن، نتيجة تنسيق المرحلة الثانية، لينك موقع التنسيق الرسمي    تعرف على ضوابط الإعلان عن الفائزين بانتخابات الشيوخ وهذه شروط الإعادة    الأعلى للإعلام: 20 ترخيصا جديدا لمواقع وتطبيقات إلكترونية    بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، "الحجر الزراعي" يطلق سلسلة تدريبات لتعزيز قدرات الفاحصين    يرتفع الآن.. سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 في البنوك    الماكريل ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء    وزير الإنتاج الحربي وسفير الهند بالقاهرة يبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك    تفاصيل وقف العمل الميدانى لعمال النظافة أوقات الذروة بالموجة الحارة    يديعوت أحرونوت تكشف عن الشخص المرشح ليكون حاكم غزة    ترامب ينشر الحرس الوطني ل «إنقاذ» واشنطن.. وهيومن رايتس ووتش تنتقد (تفاصيل)    وزير التعليم العالي ينعى على المصيلحي: «كان قامة وطنية بارزة»    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أكاديمية الشرطة تنظم دورة تدريبية لطالبات كلية الشرطة للتدريب على فحص وثائق السفر    أكثر الفرق تتويجًا باللقب، أرقام بايرن ميونخ في السوبر الألماني    ضبط 3 أشخاص لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار ببولاق أبو العلا    «الداخلية»: ضبط 358 قضية مخدرات و258 سلاح ناري وتنفيذ 83 ألف حكم خلال 24 ساعة    ضبط (7) أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    معتز التوني يستضيف هشام ماجد في أحدث حلقات "فضفضت أوي"    استمرار مسلسل "Harry Potter" الجديد لمدة 10 سنوات    «جربت الجوع سنين».. عباس أبوالحسن يهاجم محمد رمضان بعد صورته مع لارا ترامب    تعرف على شخصيات أبطال فيلم درويش وطبيعة أدوارهم قبل طرحه فى السينمات    صحة الدقهلية تختتم الدورة الأولى لإعادة تدريب فرق مكافحة العدوى بالمستشفيات    تحرير (131) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    محمد الشناوي يوضح موقفه من الرحيل وحقيقة مفاوضات الزمالك وبيراميدز    وزير الري يستقبل سفراء مصر الجدد في جنوب السودان وكينيا ورواندا    ارتفاع التفاح.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    انخفاض أسعار 4 عملات عربية خلال تعاملات اليوم    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    الأرصاد: استمرار الأجواء شديدة الحرارة وتحذير من اضطراب الملاحة البحرية    غرق سيدة وصغير في نهر النيل بسوهاج    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    منتخب الناشئين يواجه الدنمارك في مباراة قوية ب مونديال اليد    26 من زعماء الاتحاد الأوروبي: أوكرانيا يجب أن تتمتع بالحرية في تقرير مستقبلها    3 شهداء و7 إصابات برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع المساعدات وسط القطاع    الأربعاء.. القومي لثقافة الطفل يقدم أوبريت وفاء النيل على مسرح معهد الموسيقى العربية    14 أغسطس.. تامر عاشور يحيي حفلًا غنائيًا في العلمين الجديدة    وزير الإسكان يعقد اجتماعا مع الشركات المنفذة لمشروع حدائق تلال الفسطاط    "لوفيجارو": الصين في مواجهة ترامب "العين بالعين والسن بالسن"    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تكرم المشاركين في ملتقى القادة الأول    وزير الصحة يناقش فرص تدريب الكوادر الطبية المصرية في السويد وإمكانية تصدير الأدوية إلى لاتفيا    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    مؤشرات تنسيق المرحلة الثانية، الحدود الدنيا للشعبة الأدبية نظام قديم    حريق هائل بمصنع للأحذية في مؤسسة الزكاة بالمرج (صور)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    «هلاعبك وحقك عليا!».. تعليق ناري من شوبير بشأن رسالة ريبيرو لنجم الأهلي    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    نتيجة تنسيق المرحلة الثانية علمي علوم.. رابط مباشر    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    قرار هام بشأن البلوجر لوشا لنشره محتوى منافي للآداب    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرائط الآثار الوهمية التي يبيعها الدجالون في المحافظات

عندما اكتشف «جيمس مارشال» الذهب في مجاري الأنهار في كاليفورنيا عام 1848 انفجرت «حمي الذهب».. حيث استقل الآلاف القطارات والعربات والسفن وحتي سيرا علي الأقدام من قارتي أمريكا والعالم القديم طمعا في الحصول علي ثروة سريعة، ولم يلبث الأمر حتي سادت الصراعات وأعمال السطو والقتل إلي أن انتهت حمي الذهب عام 1870م ومات «جيمس مارشال» المتسبب فيها فقيرا معدما. ومؤخرا تسبب طاعون التنقيب عن الآثار المصرية في إسالة أنهار من دماء الأبرياء وحتي المجرمين المنقبين راح منهم الكثيرون ضحايا طمعهم داخل أنفاق وسراديب حفرتها أيديهم بحثا عن كنز، فكانت النتيجة أن هبطت بهم الأرض إلي مثواهم الأخير وانهدمت منازلهم فوق رءوسهم «موت وخراب ديار».
ثلاثية الجهل والفقر والطمع هي دائما الدافع وراء تكرار السيناريو، فالأماكن تتغير والأحداث والنتائج واحدة لكن أهم عناصر تلك الثلاثية هو الجهل بأن الآثار لا تتواجد في كل شبر في مصر وأسفل كل منزل وفي كل محافظة.. صحيح أن مصر تعوم علي بحر من الآثار، ولكن شتان بين الأثر الحقيقي وشواهد وجوده وطريقة التنقيب عنه وبين الخرائط الأسطورية التي يتبعونها وطرق الدجل والشعوذة التي يحاولون بها استخراج كنوزهم المزعومة.. مما يعزز أهميه مشروع «أطلس المواقع الأثرية» الذي أطلقة مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المجلس الأعلي للآثار لعدد من المحافظات منذ بداية المشروع في 2001 وذلك ضمن خطة الإعداد لمشروع خريطة مصر الأثرية وهو ما يعد خطوة هامة في إطار استراتيجية إدارة التراث الجغرافي في مصر، فالخريطة تتضمن توثيق المواقع التراثية التي تتيح المعلومات الأثرية والتاريخية بصورة مختلفة تتناسب مع اهتمامات مختلف خبراء الآثار والمهتمين بأعمال التنقيب.
وحتي الآن صدر 27 أطلسا بواقع أطلس لكل محافظة في مصر ويتبقي أطلسان لاكتمال المجموعة، الأول عن سيناء، وسوف يصدر في نهاية هذا الشهر، والثاني جار العمل للانتهاء من تجهيزه وهو عن الصحراء الغربية - كما قال لنا د.فتحي صالح رئيس المركز والذي أوضح أن الهدف من المشروع هو إحكام السيطرة علي المواقع الأثرية بتوفير قاعدة بيانات دقيقة ومفصلة يمكن علي أساسها التعامل مع الموقع ووضع خطط التنقيب والترميم والصيانة، فالأطلس يحتوي علي خريطة عامة للمواقع الأثرية بكل محافظة، بالإضافة إلي الخرائط الأثرية لكل حي مع خرائط المواقع طبقا لما هو خاضع لقانون حماية الآثار، وبالنسبة للخريطة العامة لمواقع آثار مصر فقد أوضح أن مادتها العلمية جاهزة، ولكن في انتظار الانتهاء من إصدار آخر أطلسين لكي يتم إصدارها، وسوف يكون ذلك قريبا جدا.
- عجل أبيس
ولأن أول أطلس تم إصداره كان عن محافظة الشرقية فقد بدأنا منها لمعرفة سبب أهميتها تاريخيا، ومن جهة أخري لانتشار هوس التنقيب ببعض قراها مؤخرا.
في بداية جولتنا بالمحافظة قمنا بجولة في قرية غيته وزرنا «تل يهودية»، وهي عبارة عن تبة رملية مرتفعة تحيط بها المساكن من 3 جهات والأرض الزراعية من الجهة الرابعة.. يحرسها 3 من الخفر .. المكان بلا أسوار تحيط به وتعزله عن المساكن وقطع الفخار مبعثرة في كل شبر وسط رمال التل.. سألنا الحراس عن أهمية ما يحرسونه، فاتضح أنهم لا يعرفون سوي أنها قطعة أرض يقومون علي حراستها علي الرغم من أنهم تابعون للآثار.
اتجهنا إلي الحسينية بمركز فاقوس فوجدنا الأرض التابعة لإشراف الآثار والموجودة خلف المركز القديم أيضا في حضن المساكن بنفس الشكل وبلا سور ولا حراسة، والتقينا بعض أهالي المنطقة الذين اشتكوا من خوفهم من تصدع منازلهم لقيام جيرانهم بالحفر المستمر لمحاولة الوصول لأي آثار أو كنوز، بينما قال آخر إن الموضوع لا يحتاج إلي حفر فكل ما يجدونه أحجار لا قيمة لها- من وجهة نظرهم- يستخدمونها في المنزل أو الأرض، وهذا الشخص نفسه قال أنه جمع بعض هذه الأحجار ليحيط بها (طرمبة المية) في الغيط.
في متحف تل بسطة.. الأمر مختلف، فالمكان يجري فيه العمل علي قدم وساق للانتهاء من تجهيزه استعدادا لافتتاحه، لكن بإلقاء نظرة علي شكل المتحف من الداخل وموقعه وترتيب الآثار به ستلاحظ أن الآثار نفسها لا تمثل أي عامل جذب، هذا بخلاف أن المعروض من قطع الحجارة لا يوازي 1% من أكوام الحجارة المكدسة في قلب ساحة العرض وكأنها أكوام قمامة كما تبدو في الصورة.
خرجنا من المتحف لنقوم بجولة في تل أبو ياسين ومجموعة أخري من المواقع كلها كانت كالخرائب بشكل لا يبرر الاهتمام بهذه المحافظة لتتصدر المواقع الأثرية.. لذلك تحدثنا إلي كبير مفتشي آثار الشرقية محمد عبد النبي ووجهنا له تساؤلاتنا فأجاب: «الشرقية مدخل مصر من جهة الشرق وهي البوابة التي تلقت الموجات الأولي للغزوات المتتالية، كما أنها شهدت 3 عواصم مهمة في تاريخ مصر هي تل بسطة عاصمة مصر في عهد الأسرتين 22 و 23 وقرية قنتير عاصمة الرعامسة «بر - رعمسيس»، وأخيرا تانيس أو صان الحجر حاليا عاصمة الأسرة 21 وكانت تعتبر بمثابة «طيبة» الشمال»، فهي كانت تشبه طيبة من حيث إنها تضم معابد جميع الآلهة.
أما متحف تل بسطة فهو عبارة عن بقايا المعبد الكبير الذي أقامه معظم ملوك مصر، فكانت كل أسرة تضيف له وتقوم بتوسعته ولكنه تعرض للانهيار بفعل الزلازل والعوامل الطبيعية والحروب والثورات الدينية، ثم بعد ذلك ما تبقي منه تفتت بهذا الشكل.. بسبب جهل الناس حيث كانوا في عصور سابقة يقومون بتفكيك الأحجار وتكسيرها واستخدامها كرحايا أو في البناء، ولا يزال هناك أجزاء منه تحت الأرض.
والشرقية بها 120 موقعا أثريا تقريبا منها حوالي من 80 إلي 90 ملك الآثار والباقي خاضع للآثار ومنها 3 أو 4 فقط بها آثار علي وجه الأرض وتصلح للسياحة، أما الباقي هي كلها مواقع أثرية للدراسة والبحث فما بها من آثار لا يصلح سياحيا، وإنما يفيد الباحثين علي فهم وتحليل التاريخ واستكمال الناقص منه، ويعمل بالشرقية الآن عدة بعثات أجنبية، ففي تل الضبعة توجد بعثة نمساوية تعمل منذ 40 سنة وهي من أهم العواصم المصرية القديمة كانت آخر عاصمة للهكسوس وكان اسمها «أواريس أباريس» وقد اكتشفنا من خلال الحفائر العام قبل الماضي قصرا للملك «خيال» آخر ملوك الهكسوس مبنيا من الطوب اللبن، وفي 2004 اكتشفنا قصرا للملك تحتمس الثالث في عزبة رشدي وهي قصور من الطوب اللبن، وبالتالي ما تبقي منها عبارة عن الجدران الخارجية فقط والأساسات.
سألناه إذا كانت القصور من الطوب اللبن إذن فلا يوجد عليها نقوش كيف اكتشفتم أنها تنتمي إلي هؤلاء الملوك تحديدا؟ فأجاب: «هناك العديد من الأشياء التي تكون موجودة في الموقع من أدوات كانت تستخدم في القصر وأختام أو أي برديات يمكن أن نتعرف منها علي صاحب القصر».
كان يجب أن نعرف أهمية التلال التي مررنا بها، وإذا كانت ذات أهمية ما سبب إهمالها دون تنقيب أو حماية حقيقية، فأجاب قائلا: «بالنسبة لتل يهودية هو أحد الحصون الهامة التي ترجع للعصر اليوناني الروماني، وقد قامت بعثات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بالتنقيب بتل يهودية. ولم تجد سوي آثار سور حصن وبعض القطع الفخارية وكلها تم نقلها إلي المخازن، ثم تم تسليم الأرض التي تم تنقيبها للمحافظة لتقوم باستغلالها في بناء مساكن للأهالي لأنه لم يعد هناك في الشرقية أرض فضاء سوي التي تملكها أو تخضع لإشراف الآثار، وباقي الأرض المتبقية من التل موجودة بين مساكن وأراضي الأهالي وخاضعة للحراسة».
وفي مركز أبو كبير هناك أكثر من تل له أهمية أثرية أيضا مثل تل «طوخ القراموص» علي طريق فاقوس أبو كبير وهو أحد المراكز التجارية في العصر الروماني وعملت به البعثة الإيطالية لمدة موسمين 2004 - 2005 وكشفت عن أسوار ومناطق سكنية ومخازن تعود للعصر الروماني وجعارين وأوشابتي «تماثيل صغيرة للآلهة والحيوانات».
أما تل «أبو ياسين» فهو المنطقة التي كان فيها عبادة العجل أبيس، واكتشفت بها توابيت لم تنقل لأنها كبيرة الحجم وصعب نقلها وموجودة في مكانها وتحت الحراسة وتعود للعصر البطلمي والروماني.
وأخيرا تل «المشاعنة» وعملت به البعثة الأمريكية من 2006 إلي 2009 والآثار التي اكتشفت به نادرة للغاية فهي تعود لما قبل الأسرات وعثر فيه علي أختام للأسرة الأولي ومينا موحد القطرين. وكذلك التل الأسود وعملت به البعثة الفرنسية وعثر فيه علي أوان تعود لما قبل الأسرات وأختام من الطين عبارة عن خطوط غير واضحة قبل الهيروغليفية.
وليست كل الاكتشافات في المواقع الأثرية بالشرقية عبارة عن فخار وطين ففي الأربعينيات من القرن الماضي اكتشفت البعثة الفرنسية في صان الحجر آثارا ذهبية تعود للأسرة 21 وتحديدا لعهد الملك «تبسوسينس» ومقابر «أسرتون الأول».
عدنا لنسأل المهندس محمد عبد النبي كبير المفتشين عن سبب ترك تلك المواقع بلا أسوار بالرغم من قرار وزير الثقافة خصوصا أنها ملاصقة للمساكن، ومع كل ما سمعناه من كلام الأهالي عن الاعتداء علي الأحجار الأثرية وقيام بعضهم بالتنقيب فأجاب: «قرار البناء علي أراض بجوار المواقع الأثرية هو قرار محافظ فبدلا من أن يتوسع في الظهير الصحراوي يقوم بالتوسع داخليا في الرقعة الصغيرة المتبقية من الأرض.. أما موضوع عدم وجود سور فهناك حراسة علي الموقع بالفعل بدلا من السور خصوصا أنها أرض فارغة والحراسة لمنع التنقيب، ولن تصدق إذا قلت لكم أن شرطة السياحة تطالبنا بإقامة سور حول متحف تل بسطة بما فيه من تعديات موجودة داخله بالفعل، أي أننا كما يقول المثل «نغلق علي القط داخل الكرار»، وبالنسبة لباقي المواقع والتلال عموما، فهناك مشروع كبير يتبناه د.زاهي حواس لإعادة إحياء العواصم القديمة في الشرقية لتطويرها وجعل بعضها مزارات سياحية»، وفي النهاية أكد أن القيمة الحقيقية لآثار الشرقية هي قيمة علمية بحثية في المقام الأول أكثر منها سياحية.
- خالية من الآثار
القاهرة كان بها 3 مواقع أثرية فقط هي منطقة كركور ومنطقة سد الكفارة ويقع في وادي مراري جنوب حلوان، ومدينة أون التي تعرف الآن بعين شمس وهي من أهم المناطق الأثرية الفرعونية أو هليوبوليس، وتعتبر من أقدم العواصم في العالم القديم ومن أهم معالمها الأثرية مسلة الملك سنوسرت الأول مسلة المطرية وهي الأثر الوحيد الباقي من معالم هذه المدينة.
وعلي الرغم من أن فاروق حسني وزير الثقافة كان قد أصدر قرارا في 2008 بإحاطة جميع مناطق الحفائر الأثرية المتاخمة للمباني السكنية والتوسعات العمرانية بمختلف المحافظات بالأسوار لحمايتها من التعديات والتسلل إليها، وبالفعل بدأ تنفيذ القرار بمنطقة آثار «كركور» بحلوان ومنطقة حفائر كلية الآثار جامعة القاهرة بالمطرية وحفائر تل أتريب بالقليوبية. إلا أن زيارة لأي منها بعد عامين علي صدور القرار جعلتنا نكتشف أن كل شيء عاد لأصله «ورجعت ريما لعادتها القديمة»، واختفت الأسوار مرة أخري.
ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن يقوم بعض لصوص الآثار باختراق المنطقة الأثرية بالبدرشين والتنقيب عن الآثار علي مساحات كبيرة واستمروا في عمليات الحفر قرابة الشهرين دون أن يشعر بهم أحد حتي عثروا علي بئر أثرية قبل أن تتمكن مباحث أكتوبر من القبض عليهم قبل أن يستكملوا عمليات الحفر، وذلك بعد خلافهم مع السائق الذي كان يقوم بنقل المعدات لهم فأطلقوا عليه الرصاص الأمر الذي لفت انتباه الخفر بالمنطقة فطاردوهم حتي ألقي القبض عليهم ولكن الدجال الذي كان معهم استطاع أن يلوذ بالفرار، والمضحك أنهم عندما عرفوا أن المشعوذ الذي معهم فر من الشرطة ظلوا يكبرون ظنا منهم أنه استطاع أن يستخدم قدراته في الاختفاء ورفضوا أن يفهموا أنه نصاب.
- آخر موضة
علي الجانب الآخر هناك خريطة لمواقع وهمية يتم التنقيب فيها عن كنوز مزيفة، بعضها ليس لحضارتها وجود علي أرض مصر من الأساس أولها كان منطقة ناهيا بكرداسة حيث ظهر شكل جديد من النصب - التطور الطبيعي للجهل - عندما وجد أهالي ناهيا المنطقة البحرية بعض الغرباء يترددون علي المنطقة ويعاينون المنازل وكأنهم يبحثون عن شيء ما مما أثار فضول الأهالي ودفعهم للاقتراب منهم حيث ظنوا في البداية أنهم سائحون ويتصرفون بغرابة، لكن بعد التعارف وتبادل الحوارات ألقي الصياد بطعمه، وأخرج خرائط قديمة وكروكي لخرائط تشير لمكان كنوز من الذهب والدفائن وأخذ يوهم ضحاياه بأن هذه الكنوز كانت مدفونة في بلاد الشام، وبعد أن حاول أحد المشايخ الضعفاء فتح سراديبها بتعازيم ضعيفة خطفها حراس المكان وعماره وغاصوا بها في باطن الأرض وأنه أنفق وقتا وجهدا ومالا حتي استطاع تحضير الخرائط التي معه بالأماكن التي نقل فيها الجن هذه الكنوز.
وزيادة في الحكبة ودفعا لإثارة مطامعهم فقد أخبرهم بأن تلك الكنوز صناديق من العملات الذهبية والدفائن العثمانية وأن الجنود الأتراك قاموا بإخفاء الذهب أثناء هروبهم بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية بعد أن صدرت لهم الأوامر بذلك من قيادتهم بطول شريط قطار الشرق السريع بعد أن وضعوا عليها عزائم وحراس تحمي صناديق الذهب هذه حتي يعودوا لاستردادها، ولكن عندما عثر هذا النصاب علي الخريطة وحاول الحفر للحصول علي الصندوق قام حراس الكنز بتهريبه إلي مكان آخر في باطن الأرض، ثم ظهروا به في مصر في المكان المرسوم في الخريطة التي أظهرها له قرينه الجني ويحتاج لمساعدتهم ثم يقوم ببيع الخريطة لهم بعد أن يطمعوا في الكنز دون شريك ويكون متوسط السعر مابين 50 ألف و60 ألف جنيه للخريطة الجلد و 80 ألف للخريطة الحجرية، بينما صور الخرائط مابين 10 إلي 25 ألف جنيه.
وتأتي المرحلة التي تليها وهي الحفر ومطاردة دلائل وإشارات وهمية ويستمر الحفر طالما الدفع مستمر وأثناء الحفر تظهر بعض قطع الفخار أو الخزف الملون أو تماثيل صغيرة فيظن الشخص الذي ينقب أنه وجد الإشارات والدلائل التي تؤكد وجود الكنز فيستمر في الحفر، وهنا قام الشخص الذي كشف لنا القصة باصطحابنا لنري بعض العلامات التي ظهرت له أثناء الحفر وهي عبارة عن ثعبان من صخر يشبه الرخام في حجم السيجارة وعكنبوت صخري بنفس الحجم أيضا.
طاعون التنقيب استوطن مجموعة معينة من الشوارع في ناهيا هي شارع الحسنية بمنطقة مسجد سيدي عمر، وشارع أحمد جميلة بمنطقة شرق البلد شارع المستشفي بمنطقة شرق البلد، وشارع البشيهي، وشارع الفرن الغربي بمنطقة قنطرة الدبيحة، وشارع البشلاوي بمنطقة غرب البلد، وشارع المفتي بمنطقة شارع السهراية، وشارع محمد زينهم وشارع عبادة أحمد أنور بمنطقة طريق أبو رواش، وشارع القبلي بمنطقة قبلي البلد وغيرها من منازل متفرقة، ولكن هذه الشوارع تقريبا كل المنازل المتجاورة بها يتم التنقيب تحتها بالكامل حتي ظهرت آثار التصدع علي معظمها.
الكارثة أن معظم أصحاب هذه المنازل دفعوا ما كانوا يملكون من أموال للنصابين ثمنا للخرائط والبخور والتعزيم حيث تصل تكلفة يوم الحفر والتعزيم إلي 10 آلاف جنيه وبدون التعزيم قد تنخفض إلي 6 آلاف جنيه وعندما تحدثوا معنا عرفنا من بعضهم أن أقل فترة حفر استمرت 15 يوما وبعدها توقفوا ليس خوفا من انهيار المنازل التي تصدعت لكن لأن الأموال التي معهم نفدت، وبالتالي هرب النصابون بما جنوا من أموال والنتيجة أسر مشردة بلا منزل ولا مستقبل. فقط قطعة من الجلد أو الحجر عليها نقوش لا تساوي ملاليم.
- كفر العلو
رغم تأكيد الحقائق العلمية أن حلوان خالية من الآثار.. إلا أن حمي التنقيب عن الآثار أصابت أهلها خصوصا كفر العلو مبكرا جدا وتحديدا منذ عام 1998 وحتي اليوم.. علي الرغم من أنهم لم يستخرجوا شيئا حتي الآن وتتزعم هذه العملية عائلة معروفة ببطشها يقوم كبيرها وأخوه بجمع الإتاوات من الأهالي ويعدهم بتقاسم الكنوز معهم عندما يجدها .
وعندما طالت السنوات ولم يجدوا شيئا خافوا من ثورة أهالي المنطقة عليهم بعد أن خافوا من انهيار منازلهم فأحضروا قطعا أثرية مسروقة من أحد مخازن الآثار وأوهموا الأهالي أنهم عثروا عليها أثناء الحفر لكي يثيروا طمعهم في البحث والتنقيب معهم وطافوا بها الكفر كله حتي يستعيدوا السيطرة علي الأهالي مرة أخري.. هذا ما يتردد علي لسان أهالي المنطقة هناك وإن كان أحد لا يجرؤ علي القيام بالتنقيب بنفسه خوفا من بطشهم.
- النصب العلمي
آخر خبر وصلنا عن قصص التنقيب أن هناك من قرروا أن يبتعدوا عن شبهة الدجل والشعوذة، وأن ينتهجوا أسلوبا علميا في النصب وذلك باستخدام أجهزة البحث عن المعادن التي يقومون بشرائها ثم عرض خدماتهم في تأجير الجهاز وهم معه مقابل 1000 جنيه يوميا مع اشتراط نسبة من الكنز إذا وجد، وفي هذه الحالة لا يحتاج إلي خرائط فهم يتجهون إلي أي مكان معروف أن به آثارا مثل نزلة السمان أو في صحراء الصعيد ويبدأ التنقيب.. الغريب أن هناك معلومة تقول إن هذه الأجهزة لا تأتي مهربة فقط بل إن هناك مكتب استيراد وتصدير مقره عمارات العبور يقوم ببيعها وتوزيعها «عيني عينك»!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.