منذ أن تولت حكومة حماس السلطة في نهاية الشهر الماضي وهي تتعرض إلي ضغوط خارجية من قبل أمريكا والغرب واسرائيل كان آخرها ما أعلنت عنه المفوضية الأوروبية يوم الجمعة الماضي من تعليق المعونة المالية للشعب الفلسطيني وما أعلنته الخارجية الأمريكية من وقف المساعدات المالية للفلسطينيين ونقل المعونات الإنسانية عن طريق منظمات الأممالمتحدة هذا عوضاً عن مشاكل شتي في الداخل يتصدرها الفلتان الأمني والفوضي والوضع الاقتصادي المأزوم وممارسات إسرائيل اليومية من اغتيالات واعتقالات ومداهمات مع حركة تهويد كبري لأجزاء في الضفة وعرقلة قيام دولة فلسطينية. قرارات عباس يوم الأربعاء الماضي اتخذ محمود عباس قرارات بالنسبة لملف الأمن والمعابر عكست في مضمونها تضييق الخناق علي حكومة اسماعيل هنية وتقليص نفوذها وتقديمها وكأنها فاقدة للأهلية وأحوج ما تكون إلي الوصاية، فالقرارات التي اتخذها عباس تمكنه من أن يقبض علي كل الصلاحيات في يوم ومن ثم نظر إلي ما اتخذه محمود عباس من قرارات علي أنها بمثابة عملية تصعيد تقوم بها مؤسسة الرئاسة ضد حكومة حماس وكأنما هناك محاولة لافشالها. بوادر الصراع لعل بوادر الصراع بين الرئاسة والحكومة قد ظهرت منذ البداية عندما قامت حماس بتشكيل الحكومة وطالبها عباس باحترام الاتفاقيات التي وقعت مع اسرائيل وزاد الطين بلة عندما اتخذ عباس قرارا - الأربعاء الماضي - بتعيين رشيد أبو شباك - وهو من فتح - مديراً عاماً للأمن الداخلي دون التشاور مع الحكومة.. رغم انه بتعيينه سيكون مسئولاً عن الشرطة والدفاع الوطني وبذا يكون تابعاً مباشرة لوزير الداخلية ولكن يبقي تعيينه واقالته من صلاحيات عباس وتبع ذلك اصدار عباس مرسوماً رئاسياً بإلحاق معابر غزة بالسلطة الفلسطينية بحيث باتت تابعة له بدلاً من تبعيتها للداخلية، وعلي حين طالبت اللجنة التنفيذية للمنظمة من محمود الزهار وزير الخارجية ضرورة التنسيق معها في كل القضايا الرئيسية والجوهرية وفي أي تخاطب له مع العالم ومع أمين عام الأممالمتحدة، فإن عباس لم يتبن نفس المنطق في قراراته التي اتخذها والتي كان يتعين عليه التنسيق مع الحكومة بشأنها قبل اتخاذها. تنافس علي الصلاحيات..! ظهرت هذه القرارات بوصفها أول ملامح التوتر أو التنافس علي الصلاحيات بين حكومة هنية والسلطة الفلسطينية وبدلا من ان يشرع في التنسيق والتشاور مع الحكومة الجديدة آثر عباس بأن يتخذ القرارات بمفرده فأساء بذلك إلي حكومة حماس وأعطي إيماءات أولية بعدم اكتراثه بها وكأن لا وجود لها، وتناغم هذا مع التأويلات الكثيرة التي ظهرت منذ البداية والتي تتحدث عن أن هناك خطة لإضعاف حكومة اسماعيل هنية كمقدمة لإسقاطها فيما بعد واليوم جاء السيناريو الذي ينفذه عباس ليمنح انطباعاً ببدء تنفيذ هذا المخطط والذي تمثل في وضع الممانعات أمام الحكومة والتعامل معها باستخفاف. سحب الصلاحيات لقد غاب عن عباس أن قراره بنقل تبعية المعابر والحدود إليه كرئيس للسلطة لا يساهم في قيام الحكومة بواجبها علي الوجه الأكمل، وكان يتعين عليه في المقابل أن يعطي حكومة حماس الفرصة لكي تتمتع بكافة الصلاحيات التي منحت للحكومة الفلسطينية السابقة ومنها حكومته هو في سنة 2003 أيام ياسر عرفات ذلك أن أي انتقاص من صلاحيات هذه الحكومة أو المس بها من شأنه أن يؤدي إلي اضعاف دورها مما يجعلها عاجزة عن القيام بمهامها وأداء دورها المنوط بها، ولاشك ان الصورة الحادثة اليوم تشي بأن ثمة ضغوطاً تمارس من أمريكا علي السلطة الفلسطينية لدفعها إلي سحب الصلاحيات من الحكومة سواء في الجانب الإعلامي أو الأمني أو مسألة المعابر. فرمان الرئاسة..؟ ويرد التساؤل هل نكص عباس عن تعهداته المسبقة لاسماعيل هنية عندما وعدة بمنح حكومته كل الصلاحيات التي سبق وأن منحت لحكومة عباس سنة 2003 وتأكيداته بأنه لن يمس بصلاحيات تلك الحكومة؟ ما فعله عباس هو أنه ومن الآن يحاول ايجاد أطر موازية يتمكن بواسطتها من أن يسلب الصلاحيات من حكومة هنية ونسي عباس ان هذه حكومة منتخبة من قبل الشعب وليست حكومة معينة يمنحها ويسلب منها ما شاء من صلاحيات، ان ما فعله عباس يمكن أن يثير أزمة سياسية وهو أمر حتمي بسبب البرامج السياسية المتضاربة للجانبين، فرمان آخر أصدرته السلطة وكأن الحكومة الجديدة تفتقر إلي الأهلية التي تمكنها من ادارة الموقف، فلقد طالبتها بعدم اتخاذ آية اجراءات عقابية وتعسفية ضد الموظفين، وغالبيتهم من كوادر فتح التي قادت الحكومة الفلسطينية منذ قيام السلطة سنة 94 وحتي فوز حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 25 يناير الماضي مجمل القول أن اسلوب التخاطب مع حكومة حماس يشير إلي الاستخفاف بها والتهوين من شأنها والتعامل معها وكأنها غير أهل للمسئولية التي من المفروض ان تضطلع بها..!