عبدالملك خليل ليس صحفيا عاديا فهو قبل ان يعمل بالصحافة مناضل افني زهرة شبابه واحلي سنوات العمر في الكفاح ضد الاستعمار وكان أحد فرسان الحركة الوطنية قبل جلاء المستعمر البريطاني. كما كان احد فرسان الحركة الثورية التي ربطت بين الكفاح الوطني وبين الكفاح الديمقراطي وقضية العدالة الاجتماعية. ولذلك لم يلق رايات الكفاح بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 وانما واصل النضال من اجل هذه القيم النبيلة. ودفع في الحالتين ثمنا باهظا لمواقفه النضالية، حيث قضي سنوات طويلة في غياهب السجون والمعتقلات، التي لم تكن مجرد اماكن احتجاز للحرمان من استنشاق عبير الحرية، وانما كانت مراعي للقتل والتعذيب واهدار الآدمية وانتهاك معظم حقوق الانسان. وبعد عام 1964 انتقل المحارب القديم من المعتقل السياسي الي بلاط صاحبة الجلالة.. واستقر به المقام في موسكو. ومن هناك كان عبدالملك خليل المرصد الاكثر بصيرة والاشد بصرا لكل التطورات والتحولات التي طرأت علي هذه المدينة التي كانت عاصمة لثاني اكبر قوة عظمي في العالم عندما كانت الامبراطورية السوفيتية ملء السمع والبصر ومنارة اشعاع وتأثير في السياسة الكونية، ثم اصبحت عاصمة للاتحاد الروسي فقط بعد تداعي الامبراطورية وما يترتب علي ذلك من تغيرات في المعادلة الدولية. قبل هذا التحول المذهل واثناءه وبعده كان عبدالملك خليل هو محطة الانذار المبكر التي تنبهنا الي خطورة ما يجري تحت قباب الكرملين.. لكن كثيرا منا لم يكن يصدقه! واستطاع خلال سنوات عمله مديرا لمكتب الاهرام في العاصمة الروسية ان يقدم للقارئ المصري والعربي بوصلة صادقة لمعرفة اتجاه الريح في ذلك البلد المحوري. وهو اسهام جليل أثري الصحافة المصرية حتي اثناء السنوات العجاف التي تعرضت لها. والان يرقد المحارب القديم في مركز الطب الطبيعي والتأهيل بالعجوزة، التابع للقوات المسلحة بعد اصابته بجلطة في المخ تركت شللا نصفيا يحتاج الي علاج طبيعي طويل المدي نسبيا. ولا يكفي ان نقول لهذا الصحفي الكبير "سلامتك".. بل ان واجبنا ألا نتركه وحيدا في هذه المحنة الصحية. وبهذا الصدد فانني اناشد المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع ان يشمل هذا المحارب القديم برعايته مثلما فعل مشكورا مع المطرب الفنان المناضل محمد حمام. ولا يخامرني ادني شك في ان سيادة المشير لن يتأخر عن تلبية مطلب يتعلق بقيمة وطنية اسمها عبدالملك خليل.