كثير ما تثار الضجة حول قطر.. وسياسة قطر. هل هي ضجة حقيقية أم هي ضجة مفتعلة لا تستدعي الالتفات! بداية.. لابد من التأكيد علي أن من يري غير من يسمع..! والطفرة التي تحققت هناك تدل علي أن سياسة الحكومة القطرية انتهجت أسلوبا مختلفا عن سياسة الحكومة السابقة تحت قيادة أمير قطر السابق، مختلفا ايضا عن سياسات باقي دول مجلس التعاون الخليجي! أسلوب جديد في التعامل مع الشعب، وانفتاح اقتصادي كامل علي أساس دمج الاقتصاد القطري ضمن منظومة الاقتصاد العالمي مما حقق لها نسبة نجاح لا بأس بها.. أما حرية وسائل الإعلام، فإنها واضحة بشكل أثار قلق جيران قطر في البداية.. ثم قلق العالم كله.. وبالأخص الولاياتالمتحدةالأمريكية.. التي فكرت -كما يقال- هي وحليفتها بريطانيا في ضرب منشآت محطة الجزيرة الفضائية.. ولا نعلم إن كان ذلك الأمر حقيقي أم مجرد إطلاق دعاية حول المحطة.. وقطر التي تعد من بين ممالك البترول تعتمد علي الغاز كي ترتفع إلي مصاف الأمم الكبري رغم صغر حجمها، ولكنها تملك ثروات هائلة في باطن الأرض. وتقوم هذه الإمارة بحملة دبلوماسية في جميع الاتجاهات وخاصة نحو الأممالمتحدة وهذه أحد ملامح الضجة التي تثيرها قطر. وجدير بالذكر ان قطر قد انتخبت مؤخرا عضوا غير دائم في مجلس الأمن مما سيجعلها بالفعل لسان حال الدول العربية والآسيوية خلال العامين القادمين ولكي تعزز من طموحها تبذل الإمارة كل ما في وسعها، فتقوم باستقبال المؤتمرات والمنتديات الدولية بصورة واسعة. أما أجمل نجاح حققته كان باستقبالها قمة منظمة التجارة العالمية في نوفمبر عام 2001 إذ إن "دورة الدوحة" قد أعطت للعاصمة شهرة غير متوقعة. أما في مجال الرياضة، فسوف تستضيف قطر الألعاب الآسيوية في عام 2006. وفضلا عن ذلك، سوف تعيد اعتبار جزيرة جوربة في السنغال حيث يوجد النصب التذكاري الذي كان يمثل العبودية وستمنح 6 ملايين دولار من أجل إنشاء استاد في مدينة عربية بإسرائيل وستقيم مركزا دوليا داخله للحوار بين الأديان الثلاثة التوحيدية الكبري. ولم يقف الأمر بقطر عند هذا الحد، بل انها خاطرت باقتراض مبالغ ضخمة من اجل تشغيل صناعتها للغاز وقد اتبعت سياسة انفتاح ثوري بقيادة الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي ابعد والده عن الحكم في عام 1995 بطريقة سلمية وسوف تفوز قطر بهذا الرهان لأنها ستفرض نفسها كأول دولة في العالم تنتج الغاز المسيل خاصة وأن احتياطيها يضمن لها انتاجا لأكثر من قرن من الزمان مع العلم بأن نسبة السكان قليلة ويبلغون 160 الف نسمة وهم السكان الأصليون من بين 750 الف نسمة وهم من العمالة المهاجرة ولذلك يعد ناتج الدخل القومي للفرد من أعلي النواتج في العالم. إدارة الإيرادات بنجاح يوضح احد المغتربين هناك قائلا: تتبع قطر سياسة إدارة الدخل بطريقة ذكية مع الحرص علي تنوع الاقتصاد حيث ان الامارة تطور بنيتها الأساسية وقطاعات الصناعة الاخري والتعليم ايضا. فمجال التعليم حيث توجد الثروة البشرية يعد هو الشغل الشاغل للشيخة موزة التي انشئت تحت رعايتها "مدينة التعليم" وهي عبارة عن جامعة لتدريب الصفوة الاقليمية ونري هناك فروعا لاكبر الجامعات الأمريكية وعلي الصعيد السياسي لا نري ديمقراطية بما انه لا وجود لأحزاب سياسية ولكن ربيع الدوحة قد سمح بإرساء مملكة دستورية. وعلي الصعيد الدولي تتضح مدي مهارة الأمير الجديد فالعلاقات مع الولاياتالمتحدة هي افضل مثال علي ذلك فهذا البلد الذي يدير قناة الجزيرة التليفزيونية والتي تعد العدو اللدود لواشنطن يستضيف القيادة المركزية للجيش الأمريكي وكذلك مركز قيادة القوات الجوية في الخليج حيث يوجد بها 5 آلاف رجل كانوا فيما مضي يتمركزون في السعودية التي أصبحت لا تميل الآن إلي استضافة قوات أجنبية بأعداد كبيرة. وتجدر الإشارة إلي أنه من قطر بدأت قيادة عملية غزو العراق في مارس عام 2003 ويوضح احد المراقبين الاجانب قائلا: تستخدم قناة الجزيرة وهي الاشهر علي الاطلاق في آلعالم العربي - كمتنفس عن المشاعر المعادية لأمريكا، كما لو كان النظام يود أن يبرئ ذمته من دوره كحليف مفضل للولايات المتحدة. علما بأن قطر قد مرت - بأحداث ناجمة عن الإرهاب المتطرف في ربيع عام ،2005 عندما تسبب هجوم انتحاري في مقتل أحد الرعايا البريطانيين. وجدير بالذكر أن قطر قد أحرزت نجاحا عندما قامت بدور "المستشار" و"الناصح" داخل العالم العربي بصدد القضية الفلسطينية وان تلعب دورا اساسيا في المنطقة بصدد الملف السوري وبصدد الزلزال الذي ضرب باكستان خلال الخريف الماضي عندما قدمت سياسة انسانية فعالة، وفضلا عن ذلك، تملك قطر سر مفاتيح إيران خاصة وأن الحدود البحرية متلاصقة معها، كما أن البلدين يقتسمان نفس حقل الغاز البحري، ولقد صرح دبلوماسي غربي قائلا: "إن ذلك سوف يوجد بالتأكيد علاقات خاصة لانهما مجبران علي التفاهم معا حتي إذا كانت قطر تشعر بالقلق من اتجاهات ايران للسيطرة علي المنطقة رغم خوفها من وقوع كارثة بيئية بسبب الطاقة النووية علي سبيل المثال". لذلك فإن قيام أمريكا بتوجيه ضربة وقائية ضد المنشآت النووية الايرانية سوف يكون له مردود سلبي لأن ايران سوف تضطر للرد بهجوم لاقرب هدف لها وهي القاعدة الأمريكية الكبيرة في قطر. الواقع أن هذا الجانب الآخر من الخليج يثير قلق الجار السعودي الكبير الذي استمتع قديما بالسياسة الحيادية للأمير السابق ويشك القطريون أنفسهم في أن الرياض تريد أن تجعل من بلادهم، إمارة سعودية وعندما تسنح الفرصة فسوف ينتقدون آل سعود علي شاشة قناة الجزيرة..!