رسالة واشنطن لميس الحديدي: فيما تشهد العلاقات المصرية الأمريكية عدداً من الملفات الشائكة بين البلدين، تابع أعضاء غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة أعمال بعثتهم لطرق الأبواب في واشنطن، والتي التقوا خلالها بعدد من أعضاء الكونجرس ومؤسسات البحث والإدارة الأمريكية. وفي حين كان أعضاء الغرفة يسعون طوال بعثاتهم السابقة لدفع مسيرة التوصل إلي اتفاق تجارة حرة بين البلدين، فان ذلك الهدف بدا لأعضاء الوفد الثلاثين بعيداً جداً هذه المرة، خاصة بعد قرار الإدارة الأمريكية بإخراج مصر من قائمة الدول المرشحة لاتفاقات تجارة في الوقت الراهن. وقال د. طاهر حلمي رئيس الغرفة: "نحن نعرف بناءً علي لقاءاتنا أن اتفاق التجارة الحرة لم يعد مطروحاً علي الأجندة الأمريكية، فوجهات النظر المصرية الأمريكية غير متطابقة في أمور كثيرة حول الإصلاح السياسي في مصر، لكن الحوار يجب أن يبقي مفتوحاً وبخاصة في هذه الأوقات لتصحيح بعض الانطباعات التي قد تكون خاطئة. وكشفت لقاءات أعضاء البعثة مع عدد من المسئولين الأمريكيين ومؤسسات البحث أن قرار عدم إدراج مصر علي قائمة الدول المرشحة لاتفاق تجارة حرة هو قرار سياسي صادر عن الخارجية الأمريكية وليس قراراً قائماً علي خلافات تجارية أو اقتصادية بين البلدين، حيث أكد إدوارد جريس مدير مؤسسة السياسات النقدية أحد مراكز البحث الأمريكية الاقتصادية ان المفوض التجاري الأمريكي قد أبدي اعتراضه عدة مرات علي "تسييس" العلاقات التجارية الأمريكية، وهو ما أصبح ظاهراً في العديد من القرارات الأخيرة، وانتقد جريس في لقائه بأعضاء الغرفة السياسات التجارية الأمريكية التي اختارت دولاً صغيرة في المنطقة لتوقيع اتفاق تجارة حرة في حين تركت الدولة الأهم، وهو ما يناقض الهدف الأمريكي المعلن من محاولة تنمية المنطقة وخفض نسبة البطالة لخفض الغضب تجاه الولاياتالمتحدة. ومن جانبهم عبر أعضاء بعثة طرق الأبواب خلال لقاءاتهم الأمريكية عن "إحباطهم" من السياسات الأمريكية مزدوجة المعايير في المنطقة والتي لم تهتم بما حققته الحكومة مؤخراً من إصلاحات اقتصادية، وركزت علي قضية حبس أيمن نور، دون الدخول في حوار حقيقي مع الحكومة المصرية علي حد تعبير أحد أعضاء البعثة . وفيما تباينت اتجاهات أعضاء الكونجرس ممن التقتهم البعثة بين مؤيد ومعارض لاتفاق التجارة مع مصر، فقد أكد عدد منهم أن الملف السياسي والديموقراطية يتقدمان الآن الاهتمامات الأمريكية بشكل أكبر من الإصلاحات الاقتصادية. وكانت صحيفة الواشنطن بوست قد نشرت مقالاً مؤخراً هاجمت فيه السياسات الداخلية المصرية، وبخاصة استجواب القضاة، وتأجيل انتخابات المحليات، وإعادة استجواب أيمن نور وزوجته جميلة إسماعيل مؤخراً. وفيما أكد طاهر حلمي أن استقبال الأوساط الأمريكية لأعضاء البعثة لم يفقد حماسه هذا العام، إلا أن الأوساط السياسية الأمريكية بدت منشغلة بأوضاع العراق المتردية والاستعداد لانتخابات مجلس النواب والشيوخ في نوفمبر، إضافة إلي قضيتي إيران والخلاف بين بوش والكونجرس حول صفقة موانئ دبي، وقد كشفت تطورات الأزمة الأخيرة عن تراجع سيطرة بوش علي زمام الأمور في الكونجرس حين رفض الكونجرس الصفقة بشكل حاسم. وأضاف حلمي أن العلاقات المصرية الأمريكية ليست قائمة فقط علي اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، لكن ازدادت أهمية تلك العلاقات في أعقاب توقيع اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة الذي رفع من حجم الصادرات المصرية إلي السوق الأمريكي، وأشار د. حلمي إلي أن القطاع الخاص المصري كان يسعي لاتفاق التجارة، ليس فقط لدخول السوق الأمريكي الضخم في أعقاب رفع نظام الحصص، ولكن أيضاً لأن شروط الإسكان تدفع الإصلاح الاقتصادي المصري وتحقق استمراريته. وانتقد حلمي السياسات الأمريكية التي تسعي إلي معدلات أسرع في الإصلاح السياسي، وقال: "نحن نريد معدلات أسرع.. ولكننا لن نضحي بالمكاسب الاقتصادية التي حققناها بكثير من الجهد من أجل الإسراع في إصلاح سياسي دون وجود بنية تشريعية له".. وذلك في إشارة واضحة لزيادة تمثيل الإخوان المسلمين في مجلس الشعب والمشهد السياسي المصري.