غضب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الجديد من حركة حماس من المجلس التشريعي المنصرف الذي عقد اَخر جلساته أمس الأول، والسبب أن المجلس المنصرف قبل أن يمضي أقر عددا من التشريعات تعطي للرئيس محمود عباس صلاحيات جديدة تجعله في مركز أقوي من المجلس التشريعي بل ويستطيع إبطال قراراته. وربما كانت هذه الخطوة من المجلس المنصرف غير مقبولة في ظروف عادية فليس هناك أي معني لأن يتحول اجتماع وداع في الثواني الأخيرة من عمر المجلس إلي جلسة تشريع لإقرار قوانين خطيرة تؤثر علي مركز السلطة واتخاذ القرار الفلسطيني، ولكن الظروف الحالية قد تعطي مبررا لهذا التصرف. والمعروف أن حركة حماس التي فازت بالأغلبية في الانتخابات الأخيرة التي يقع عليها عبء تشكيل الحكومة الفلسطينية تواجه موقفا صعبا حيث تتعارض فيه توجهاتها الرئيسية في كيفية التعامل مع إسرائيل كدولة محتلة للأراضي الفلسطينية وبين اتجاه السلطة الوطنية منذ إنشائها في إدارة عملية إقامة الدولة الفلسطينية عن طريق المفاوضات. وهذا التعارض لا يتعلق بالفلسطينيين وحدهم في حماس أو فتح أو غيرهما من الفصائل الفلسطينية ولكنه يرتبط بالمجتمع الدولي وبطرف أساسي في المعادلة وهو إسرائيل، كما يرتبط بمقررات قمة عربية دعمت الاتجاه إلي الاعتراف بإسرائيل وقدمت مبادرة سلمية في هذا الشأن. وطبقا لتوجهات حركة حماس التي يطالبها المجتمع الدولي بالعدول عنها فإنها ستدير حكومة قائمة في الأساس علي اتفاقية ترفضها حماس وهي اتفاقية أوسلو.. ووجود السلطة الفلسطينية علي الأراضي المحتلة تطبيق لواحد من بنود هذه الاتفاقية. ويربط المجتمع الدولي بقيادة أمريكية استمرار مساعدته للسلطة الوطنية بعدم وجود حماس علي قمتها مع استمرار توجهاتها الحالية. وفي نفس الوقت فإن مطالبة حماس بالمبادرة بالاعتراف بإسرائيل والانخراط في عملية السلام دون أي مقابل يعتبر انتحارا سياسيا للحركة في أول تجربة ميدانية لها. ولذلك نقول إن التشريعات التي اتخذها المجلس الفلسطيني المنصرف في الدقائق الأخيرة هي لمصلحة حماس والشعب الفلسطيني وليس انقلابا كما يقول بعض أعضاء حماس.. فالحركة الصاعدة إلي مركز السلطة تحتاج إلي مزيد من الوقت حتي تتفهم متطلبات الاستمرار كحكومة وهي بالقطع تختلف عن حرية الحركة المطلقة التي كانت تتمتع بها كفصيل علي الساحة يؤمن بخيار المقاومة.. وعلي هذا الأساس فإن المصلحة تقتضي إبقاء باب السلام مفتوحا في يد الرئيس عباس ليتحمل عن حماس ويجنبها اتخاذ قرارات غير ناضجة قد تؤدي إلي أضرار جسيمة.