أدي الهبوط الحاد لأسعار الأسهم نهاية الأسبوع الماضي إلي إصابة بعض المستثمرين بالذعر والخوف، رغم أن الهبوط له أسبابه المنطقية وله فوائده أيضاً، فالسوق دائماً علي حق، إذا كانت آلياته تعمل بشكل سليم وبدون تدخلات أو احتكارات، وإذا كان هناك شفافية كاملة أمام كل المستثمرين عن أداء الاقتصاد والشركات وخطط إدارة الشركات الحالية والمستقبلية. وإذا بدأنا أولاً بتحليل أسباب الهبوط نجد أنه في مقدمة هذه الأسباب عمليات جني أرباح أو موجة تصحيحية للأسعار طبيعية جداً، فالبورصة المصرية صعدت منذ بداية عام 2005 وحتي نهاية يناير الماضي حوالي 180%، وهو مستوي قياسي لم يتحقق في أسواق المال إلا نادراً فما بالنا، وهذا المد الصعودي الكبير للسوق استمر ثلاثة أعوام متتالية فالسوق صعد ما يقرب من 90% عام 2003 وتجاوز هذه النسبة عام 2004 ثم حقق طفرته الكبري عام 2005 والتي ترافقت مع ميلاد أمل جديد لتصحيح الاوضاع الاقتصادية، وعلاج الخلل في هياكل الانتاج، وحل المشاكل المعلقة في السوق، وبدأ ذلك مع تولي حكومة نظيف ووزراء المجموعة الاقتصادية خصوصاً الدكتورين محمود محيي الدين ويوسف بطرس غالي. وبالتالي السوق الذي جري 3 سباقات ماراثون متتالين في اعوام 2003، 2004، 2005 كان عليه التوقف قليلاً لالتقاط الانفاس فبراير 2006 بعد طفرة يناير من نفس العام. والأهم أن دورات السوق التي كونها خلال الأعوام العشرة الماضية تشهد عادة حالة من التصحيح وجني الارباح غالباً خلال شهر فبراير. إذاً هناك منطق في تصحيح مؤقت للأسعار وجني أرباح، ولكن لماذا أصاب الذعر بعض المستثمرين؟ هناك سببان واضحان لحالة الخوف التي عمت السوق أولها أن موجة التصحيح كانت قوية وسريعة، ولم يلتفت بعض المستثمرين إلي الجاذبية الكبيرة لاكتتاب المجموعة المالية هيرميس والتي طرحت 16 مليون سهم بسعر 115 جنيها للسهم زائد دولار واحد، وهو مستوي يقل كثيراً عن سعر السهم في السوق، بالإضافة إلي أن حامل السهم حتي المرحلة الثانية من الاكتتاب سيدخل في الاكتتاب لسهمين لكل سهم بسعر 5 جنيهات، في واحدة من أفضل المجموعات وبنوك الاستثمار علي المستوي العربي، وبالتالي حدثت بعض عمليات التسييل للدخول في هذا الاكتتاب. أما السبب الثاني فهو مشكلة بعض صغار المستثمرين والمدخرين الذين يملكون بضعة آلاف من الجنيهات وعادة لا يبدأون في دخول البورصة إلا والأسعار في أعلي مستوياتها، وبالتالي يبدأ القلق خصوصاً مع التعود علي الصعود والأرباح والارتفاع المستمر للأسعار خلال 3 أعوام متواصلة. وعلي صغار المستثمرين أن يعوا جيداً أن الهبوط في الأسواق وارد وقد يكون فرصة عظيمة للشراء والدخول للسوق وبالتالي فالذعر غير مبرر، ومن لا يملك فوائض مالية لا يحتاج إليها لمدة عام علي الاقل عليه أن يدخل في الاكتتابات الجديدة أو زيادات رأس المال أو صناديق الاستثمار وعليه أن يبتعد عن المضاربة. وفي النهاية ما حدث في السوق أمر طبيعي سيعقبه حالة من التحسن قد تكون الاسبوع الحالي، وقد يستمر التحسن لفترة طويلة بشرط استمرار مد الاصلاح السياسي والاقتصادي. كما أن أسعار الأسهم المصرية مازالت أقل كثيراً في مستوياتها من البورصات العربية وخصوصاً الخليجية.