رغم سيطرة حماس علي المشهد السياسي إلا انها بدت مأزومة وكأن فوزها في الانتخابات التشريعية بات اليوم يشكل عبئا عليها فامريكا والغرب ومحمود عباس يطالبونها بان تتخلي عن ثوابتها ولقد التحقت اطراف عربية بهذا التوجه مثل مصر التي نسب الي مسئوليها تصريحات طالبت حماس بنبذ العنف واحترام الشرعية الدولية من خلال احترام المعاهدات الموقعة والاعتراف بالدولة الاسرائيلية كشروط مسبقة يتعين عليها الالتزام بها قبل تشكيلها للحكومة الفلسطينية الجديدة حتي اذا لم يتم ذلك لن يكون بمكانتها تشكيل الحكومة. العرب همزة وصل معني هذا ان دائرة المطالب مازالت تقتصر علي طرف واحد وهو الطرف الفلسطيني اما اسرائيل دولة الاحتلال فلا تطالب بشيء وانما يطالب الفلسطينيون بتهدئة الاجواء وحماية اسرائيل وعدم ازعاجها او ارهابها ووسط ذلك يقع العرب في حيض بيض فلا يملكون دفعا لسياسات الغرب التي تستهدفهم في مقتل والأنكي من ذلك انهم يسارعون في تسهيل مهمة الغرب بايصال رسائله عن طيب خاطر الي كل من يهمه الامر بعد ان باتوا اداة في يده يطوعهم لارادته كيفما شاء.. ورغم ان العربي يري الصورة عن كثب ويدرك المأساة الفلسطينية علي يد الاحتلال وعمليات الإبادة والتجويع والتدمير التي قامت وتقوم بها اسرائيل ليل نهار الا انه لا يملك رد الظلم ووقف حملات التصفية الجسدية والارهاب الصهيوني ضد ابناء الامة العربية. حماس والإهارب لقد رأينا كيف ان امركيا تسير نحو منعرج خطير صعدت معه الضغوط ضد الفلسطينين واعتمدت خلاله سياسة اجرامية تقوم علي العقاب الجماعي بذريعة ان حماس التي تدرجها علي قائمة الارهاب هي التي ستشكل الحكومة الجديدة بعد فوزها الكاسح في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 من الشهر الماضي وكأن امريكا بذلك تعاقب شعبا بأكمله لانه اختار حماس وجاء بها. وكأن امريكا تنسف بذلك مبدأ الديمقراطية الذي فرضته علي المنطقة وقادت الحروب من اجل ارسائه علي حد مزاعمها بل ان ادارة بوش بادرت باتخاذ عدة خطوات منها مشروع قانون طرحه الكونجرس من اجل وقف المساعدات من السلطة الفلسطينية بعد نجاح حماس التي وصفها بانها كيان ارهابي لم تتريث ادارة بوش ولم تفسح الوقت لترتيب البيت الفلسطيني وبادرت باتخاذ قرارات من شأنها ان تنسف السلام. مواجهة شرسة لا شك ان التحركات الامريكية تعد صدي للاحاديث التي ما فتأت اسرائيل ترددها حول ما يسمي بالعمليات الارهابية الفلسطينية وضرورة وضع حل لها وضرورة لجم حماس وكل من علي شاكلتها ونزع سلاحها. ووسط ذلك يطمر الحديث عن الاحتلال الاسرائيلي وممارساته اليومية في التصفيات الجسدية للفلسطينين وبناء جدار الفصل العنصري واعادة احتلال الاراضي الفلسطينية ومصادرة الاراضي والاعتقالات وتكثيف الاستيطان ولا عجب بعد ذلك وفي ظل هذا الافتئات ان نجد حماس والغرب يتجهان نحو مواجهة يصعب التكهن بنتائجها من الآن. البديل المفقود كان من الممكن ألا يضار الفلسطينيون تحت اي تهديد بقطع المعونة او وقف المساعدات الامريكية او الاوروبية فيما اذا تضافر العرب والمسلمون علي ان يكونوا البديل الذي يمد السلطة الفلسطينية باحتياجاتها المالية وبذل الجهود لدفع اموال فورية لتغطية العجز في الميزانية والذي يقدر بأكثر من مليار دولار. عندها ستملك حركة حماس بدائل مالية حقيقية لدعم صمود السلطة الفلسطينية وربما يكون المد عندئذ افضل بكثير مما كان مطروحا من قبل وعليه يظل دعم الدولة العربية امرا حيويا وواجبا ولابد من احتضان العالم العربي لحماس من اجل انجاح التجربة التي افرزتها الانتخابات والتعاطي معها بمسئولية ولكن تظل المخاوف عالقة بالضغط الذي تمارسه امريكا علي الدول العربية للحيلولة بينها وبين مد حماس بالمعونات المالية المطلوبة. من يعترف بمن؟ نسيت امريكا ونسيت اوروبا ودول عربية سارت في نفس الخط الامريكي ان حماس التي نطالبها بضرورة الاعتراف باسرائيل لا يعترف بها احد ومن ثم كان من غير المنطقي مطالبتها بأمر كهذا لاسيما وان اعترافها باسرائيل يستتبعه تخليها عن المقاومة ونزع سلاحها فكيف يمكن القبول بذلك مع استمرار الاحتلال؟ امريكا واوروبا ومجلس الأمن يريدون حماس ان تتعري من كل شيء ان تتغير بين يوم وليلة 180 درجة يريدون فرض اجندتهم عليها لتكون جسرا تعبر عليه اسرائيل لتكريس احتلال الأرض ومصادرة حقوق الفلسطينيين. منطق أخرق كان من الطبيعي ان ترفض حماس الانصياع الي ما يريده الغرب منها لاسيما وان اسرائيل لن تقدم شيئا في المقابل هل يعقل ان يتم تفكيك الجناح العسكري لحماس والشعب الفلسطيني مازال يرزخ تحت الاحتلال؟ وهل يعقل ان تلقي بسلاحها اذا كان الاعتداء متواصلا من جانب اسرائيل؟ لا يمكن ان يستمر الغرب في حديثه عن اسرائيل وكأنها الضحية بينما هي المعتدي؟ يتعين علي الجميع اتاحة الفرصة لحماس لكي ترتب اوراقها وتعيد تنظيم اولوياتها مع المرحلة الجديدة التي تضطلع فيها بمسئولية الحكم بعد ان كانت في المعارضة. تحتاج لوقت لوضع استراتيجية فلسطينية لمواجهة المرحلة المقبلة وهي مرحلة صعبة لاسيما مع حديث اسرائيل من خطة احادية في الضفة الغربية وحديثها عن وجود الشريك الفلسطيني وهو امتداد لمنطق دولة صهيون الأخرق..!