جددت الاحداث الذي شهدها حزب الوفد اعرق الاحزاب المصرية مؤخرا طرح ملف الصراعات والانشقاقات "الاسود" في الحياة السياسية واعاد الي الاذهان صراع وانشقاق الاحزاب قبل وبعد ثورة يوليو والتي وصلت في بعضها الي حد الاشتباك المسلح. اتفق رؤساء الاحزاب علي ان ظاهرة الانشقاقات وشخصية السلطة شهادة وفاة للحزب والحياة السياسية الحزبية واجمعوا علي وجود قيود خارجية تمثل القوانين الاستثنائية الموجودة التي فرضتها الدولة في مراحل سابقة وادت الي محاصرة الاحزاب ونشاطاتها واخري داخلية تتركز في استئثار "رئيس الحزب" بكل الصلاحيات والسلطات لضمان بقائه فترات طويلة في الرئاسة مما يؤدي الي حالة الاختناق الداخلي بين اعضاء الهيئة العليا والتي سرعان ما تتحول الي انفجار مؤكدين حرص رئيس الحزب علي تفعيل اللائحة التنظيمية للحزب لاطلاق سلطاته وقرارته التي تحقق الاهداف الشخصية دون اية اعتبارات لاعضاء الهيئة والجمعية العمومية. وطالب رؤساء الاحزاب باعادة تقييم التجربة الديمقراطية وتأسيس الاحزاب بالاخطار والاحتكام للجماهير عند التأسيس دون الرجوع لهيئة شئون الاحزاب للحد من مثل هذه الانشقاقات. ظاهرة الانشقاق والتنازع في الاحزاب لم تكن وليدة اليوم وانما عرفتها الحياة السياسية قبل ثورة يوليو حيث شهدت العديد من الاحزاب التنازع والانشقاق واشهرها مجموعة السبعة برئاسة احمد ماهر باشا التي انشقت عنها الكتلة السعدية ثم تجددت في الثمانينيات من القرن الماضي للعديد من الاسباب السياسية او المالية او نتيجة لاستئثار رئيس الحزب بكل الصلاحيات والسلطات لضمان استمرار بقائه في منصبه اطول فترة او بسبب وفاة رئيس الحزب مثلما حدث في حزب الاحرار عام 98 فقبل مرور 40 يوما علي رحيل مصطفي كامل مراد رئيس الحزب انفجر الصراع حادا بل ومسلحا للاستئثار والانفراد بالرئاسة ووصل عدد المتنازعين علي الرئاسة ما يقرب من 9 رؤساء تم تصعيدهم من خلال تسع جميعات عمومية يمارس كل منهم رئاسة الحزب علي الورق فقط ويتخذ قرارات باحالة الآخر للتحقيق بتهمة ارتكاب مخالفات وكان ابرز المتنازعين علي الرئاسة رجب هلال حميدة وحلمي سالم وطلعت السادات وسليم عزوز ومحمد فريد زكريا والحمزة دعبس الذي تمكن من توجيه دفة الصراع لصالحه حتي رحيله فانفجرت الاوضاع مرة اخري ووصلت الي الاشتباك بالاسلحة الحية والبيضاء. صراعات حزب العمل وشهد أيضا حزب العمل انشقاقات وتنازعا منذ عام 89 عندما تبني الحزب في مؤتمره الخامس رؤية نشطاء الاتجاه الاسلامي وادي ذلك لحدوث خلافات شديدة بين انصار الاتجاه الاقرب الي الاخوان المسلمين وبين انصار الاتجاه الاشتراكي الذي قام عليه فكر الحزب وهو ما تسبب في وقوع انشقاق انصار الاتجاه الثاني بقيادة احمد مجاهد الذي كان يشغل نائب رئيس الحزب والذي اعلن نفسه رئيسا للحزب ووصل الامر الي نزاع بينه وانصار ابراهيم شكري علي مقار الحزب وتسبب ذلك في فصل عدد كبير من اللجنة العليا للحزب ومنهم شوقي خالد الذي قاد انشقاقا آخر عن الحزب عام 92 وكان يشغل الأمين العام المساعد للحزب حتي عام 89 كما شهد الحزب انشقاقا آخر قاده ناجي الشهابي الذي كان امينا عاما مساعدا للحزب منذ تأسيسه وظل علي خلاف مع سياسة التيار الاسلامي حتي انشق عن الحزب وقام بتأسيس حزب الجيل الديمقراطي. وحدث آخر تنازع علي الحزب بعد ازمة رواية "وليمة الاعشاب" الشهيرة التي قادتها صحيفة الحزب وحدوث صراع بين ابراهيم شكري واحمد ادريس وحمدي احمد وانتهي هذا النزاع الي تجميد الحزب والصحيفة بالكامل. مجموعة الحزب الناصري لم تتوقف عملية الانشقاق والنزاع عند هذين الحزبين فقط وانما شهد الحزب الناصري ايضا ومنذ السماح له بمزاولة عمله نزاعا بين جبهتين الاولي تسمي مجموعة مايو برئاسة ضياء الدين داود رئيس الحزب وتسيطر علي مقر الحزب بطلعت حرب والثانية تسمي مجموعة عابدين بقيادة فريد عبد الكريم، ووصل الصراع بينهما اقصاه. وفي عام 99 شهد الحزب خروج وانشقاق مجموعة من قيادته الشابة شكل بعضها مشروعا حزبيا جديدا اصبح يعرف الآن بحزب الكرامة ويتزعمه بالخصوص النائب حمدين صباحي في الوقت الذي شرعت فيه مجموعة عبد الكريم في تكوين حزب الانقاذ القومي، أما الحزب الناصري نفسه فمازا ل يشهد صراعا بين أعضائه ويشهد بروز أحمد حسن ومحاولة السيطرة علي شئون الحزب.