شكر : الحياة الحزبية تلفظ أنفاسها الأخيرة في مصر الأقصري : المواطن فقد الثقة في الأحزاب لسطوة " الوطني " وقوة التيارات غير الشرعية غزالي : صراعات الأحزاب وانغلاقها والبعد عن الجماهير أتاح الفرصة للحزب الحاكم الصايغ : التجربة الحزبية " عرجاء " وتعيش مناخ غير صحي
مع اقتراب موسم الانتخابات تزداد الساحة السياسية "قتامة" في ظل استمرار فشل الحياة الحزبية في مصر, حيث تحولت الأحزاب لقطع" ديكور" يستخدمها النظام الحالي كوسيلة لإضفاء الشرعية عليه.. رافعا لافتة التعددية في وجه كل من يتهمه بالاستبداد و احتكار السلطة, ناجحا بجداره في استقطاب بعض الأحزاب لتحالفات بدعوى الوقوف ضد التطرف و نفوذ المعارضة الدينية. ولعل رفض لجنة شئون الأحزاب منذ نشأتها وحتى عام 2006 ل 75 حزبًا، وارتفاع العدد إلى نحو 90 حزبًا عام 2008، يكشف نية الحكومة علي إبقاء الأحزاب مقطوعة الألسنة ورفضها إدخال أي حزب جديد علي الساحة .. وأن كان هذه لا يعفي الأحزاب من مسؤولية تراجع التجربة الحزبية، فأزمة القيادة التي تعانى منها كل الأحزاب المصرية و تكريس بقاء شخصٍ واحدٍ في قيادة الحزب و الصراعات الداخلية التي وصلت لعد استخدام "البلطجة" و القوه في بعض الأحزاب كان لها أثرها في فشل الحياة السياسية في مصر بشكل عام بعد أن أضحت لغة الفوضي و التشتت هي السائدة.. فكان لأحداث حزب الوفد و الأحرار دلالات تتجاوز حجم الحزب وموقعه, حيث وصل الصراع على قيادة الأحزاب إلى حد الاشتباك شبه المسلح, و كذلك عانى حزب العمل من الانشقاقات بعد تبنى الحزب فى مؤتمره الخامس الاتجاه الإسلامى لينقسم إلي فريقين الأول صاحب اتجاه أقرب إلى الأخوان المسلمين و الآخر ذو الاتجاه الاشتراكى وهو حال الحزب الناصرى الذي انشق إلي جبهتي (مجموعة مايو) برئاسة ضياء الدين داود رئيس الحزب، والمجموعة (عابدين) , فضلا عن انبثاق مجموعة من قيادت الحزب الشابة مشكلة مشروعًا حزبيًا جديدًا أطلق عليه حزب الكرامة فى وقت شرعت فيه مجموعة أخري في تكوين حزب جديد يسمى الإنقاذ القومي, وهذا رأيناه في كل من حزب الخضر و حزب مصر الفتاة اللذين انتهيا بالتجمد من قبل لجنة الأحزاب لحين انتهاء الخلاف علي رئاستهم, و هو حال الصراع القائم علي الرئاسة في كل من حزب التكافل الاجتماعى و حزب الأمة و حزب الشعب الديمقراطى و حزب العدالة الاجتماعية و إن كانت الصراعات والانشقاقات هى الظاهرة الأساسية المميزة للأحزاب المصرية, فإننا في السطور القادمة نستعرض لأسباب فشل الأحزاب و إمكانية الاعتماد علي تعبئة قوة جماهيرية من خارج الأحزاب في تحريك المياه الراكدة نحو التغير. يقول الدكتور عبد الغفار شكر- القيادي بحزب التجمع: إن هناك سببين لفشل التجربة الحزبية في مصر واعتبار الأحزاب ظاهرة هامشية في المجتمع الأول هو الإطار الخارجي و القانوني المحيط المانع من الحركة و خاصة ما يتصل بنظام الانتخابات فضلا عن القوانين المقيدة للاحزاب ومنها قانون الأحزاب و حالة الطوارئ التي تمنع النشاط و قانون الجمعيات الأهلية و قانون النقابات مما يضع هذه المؤسسات تحت سيطرة الحكوه و الامن , مضيفا ان الحكومة تحتكر الإعلام الجماهيري و القنوات و الصحافه الإرضية و تحرم أفكار الأحزاب من الوصول للشعب وتمنعها من النمو و النشاط و يستطرد قائلا : إن هناك مسؤولية للأحزاب نفسها عن هذا التدهور و التراجع لأنها سلمت لهذا القمع و فضلت التراجع و لم تدفع ثمن التغير, فضلا عن أنها أهملت تكوين صفوف جديدة من القيادات, و إلان نجد القيادات كبروا في السن ولا بدائل لهم و نري هذا جليا في أحزاب مثل التجمع و الناصري و الوفد و العمل . و اعتبر عبد الغفار زيادة حدة الخلافات داخل الأحزاب من أهم مشاكلها, قائلا إن قيادت الأحزاب وجهوا طاقتهم لحل المشاكل الداخلية دون البحث عن مصادر للتمويل و للعمل العام, فضلا عن أن الحكومة تمنعهم من ممارسة أي وفقا لقانون الأحزاب . و يؤكد عبد الغفار أن كافة قادة الأحزاب لم ينفذوا برامج أحزابهم متوقفين بمنتصف الطريق, رافضا أن يكونوا متورطين بذلك في صفقة مع الحكومة.. قائلا إن فكرة مقايضة الحكومة فى كراسي مجلس الشعب بصمت الأحزاب هو أمر مستبعد لأن الحكومة نفسها وجدت من ينافسها علي تلك الكراسي ولا تستطيع أن تقدم منح لأنها غير متحكمة في النتيجه إلا اذا تم تزوير سافر و منع الناخبين من التصويت و أكد عبد الغفار إن الحياة الحزبية في مصر تلفظ أنفاسها الأخيرة ما لم يحدث تطور في التشريع و إلغاء لحالة الطوارئ لأن الشعب انصرف عنها ولا يأخذها بجدية الا اذا حدثت تطور في الحالة الديمقراطية, و أنقذت أهداف التعددية و أهمها تداول السلطة من خلال انتخابات حرة ويذكر عبد الغفار: أن هناك 8 انتخابات أجريت لمجلس الشعب منذ عام 1976 حيث إنشاء الأحزاب ولم يحدث في أي منها تداول للسلطة و لم تحقق طول هذه الفتره الهدف من وجودها ولم تنجح في الضغط علي الحكومة لتغير أيا سياستها من أجل الضغط علي هذه الأحزاب لتطور أوضاعها, و المجتمع للضغط علي الحكومة لكي تحقق الإصلاح السياسي, مشيرًا إلي أن الخمس السنوات الأخيرة شهدت مبادرات سياسية في هذه الاتجاه ومنها " حركة كفاية وائتلاف المصريين من أجل التغير و الحملة المصرية ضد التوريث و "مصريون من أجل انتخابات نزيهة" و حركة نهضة مصر" و هذا هو المقصود بتعبئة القوة الجماهيرية خارج الأحزاب و لم يتوقع عبد الغفار خيرًا في الانتخابات القادمة, معللا ذلك بأنها فردية يكسب فيها من يملك المال من رجال الأعمال الذين ينوون الدخول بقوة معتمدين علي الإنفاق الهائل و البلطجة و الرشوة فيما اعتبر وحيد الأقصرى - رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى: أهم أسباب فشل الأحزاب المصرية هو طبيعة نشأتها نظرًا لأنها أسست بقرار جمهوري بعيدا عن الأسلوب الطبيعي للاتفاق بين مجموعة لهم نفس الأفكار و الأهداف علي تكوين حزب, قائلا إن "السادات" أمر عام 1976 بإنشاء تلك الأحزاب وهم حزب مصر العربي الاشتراكي و الأحرار و التجمع استجابة لشروط اتفاقية كامب ديفيد بخلق تعددية حزبية في مصر,وإن السادات أمسك بخيوط هذه الأحزاب من خلال قانون الأحزاب و القوانين الاستثنائية التي عرقلت أي نشاط حزبي فعلي ومنها قانون منع العمل في التجمعات الطلابية و العمالية و قانون التجمهر, و ذلك علي الرغم من أن الحزب الوطني يدخل الجامعات و يعقد الاجتماعيات و نراها علي التليفزيون, مشيرًا أنه لا توجد مساواة او عدالة في الفرص. و أكد الأقصري: علي أن الأحزاب بعيدة تمامًا نظرًا للقيود الأمنية التي تجعل الأحزاب لا تستطيع مغادرة مقارها لكي تعقد مؤتمرات في أماكن عامة, مضيفا : أن هناك أيضا تعطيل لقوانين قائمة وليس فقط إنتاج قوانين مانعة, وأن المادة الثانية في قانون الأحزاب 40 لسنة 77 تؤكد علي مشاركة الأحزاب في مسؤوليات الحكم إلا أن الواقع أن الحكم حكرًا علي الحزب الحاكم, و هناك أيضا القانون رقم 13 لسنة 79 الذي ينص علي تخصيص مساحات متكافئة في الإذاعة و التليفزيون لجميع الأحزاب لعرض مواقفها و أنشطتها, إلا أن الإعلام هوحكر علي الوطني. و قال الأقصري :إن الأحزاب السياسية في مصر تمر بمرحلة شديدة لأن المواطن فاقد الثقة فيها و تفتقر لأي عضوية حقيقية, نظرًا لأن المواطن لا يعتقد ولا يستبشر خيرًا منها, حتي أن أعضاء الحزب الوطني يأتون جبرًا ... و يقول الأقصري : إن ضعف أحزاب المعارضة أدي إلي قوة التيارات غير الشرعية , في ظل إطار من الموافقة الحكومية التي تستخدم لافتة التعددية الحزبية لإثبات شرعيتها, وهذا ما فعله السادات قديما و يستمر حتي اليوم, فهو أرضي الخارج بالتعددية لإثبات شرعيته إلا أنه أمسكها في يده وجلعها قاصرة علي إداء شكل ديكوري لديمقراطية زائفة... و أكد الأقصري: علي أن الأحزاب في ظل الديمقراطية الزائفة و النظام "المتهرج" أصبحت من الداخل منهارة و مخوخة وتحمل تحت عباءتها المنافقين و التابعين للسلطةو الأمن الذين لا يخشون في الحق لومة لائم ويحاولون إرضاء من أولاهم منصب رئاسة الأحزاب... و علل الأقصري : أن أزمة القيادة التي تعانى منها كل الأحزاب المصرية بدرجة أو بأخر لعدم وجود قواعد و أسس في الحياة الحزبية, ممثلا بأسلوب اختبار القادة بالحزب الوطني عن طريق المجاملة و النفوذ و الثقل المادي وهو نفسه ما يحدث في الأحزاب حيث يختار أهل ثقة الحكومة, ومن لا يقبل يتم قطع لسانه, مشيرًا إلي أن حزب مصر العربي الاشتراكي هو أكثر حزب تجمد في مصر حيث تم تجميده منذ 18 عامًا... و أكد الدكتور فوزي غزالي - رئيس حزب مصر 2000 : أن فشل الأحزاب المصرية سببه رغبة الحزب الوطني في الاستئثار بالسلطة و عدم تفعيل التعددية الحزبية كما يجب أن تكون, قائلا لو نظرنا إلي التجربة الحزبية قبل ثورة يوليو إبان النظام الملكي لوجدنا للتعددية الحزبية الحق, حيث كانت الأحزاب تعقد لقاءاتها الجماهيرية بحرية مطلقة في أي مكان , وكان هناك تداول سلمي للسلطة في الدولة, أما الآن فلا يستطيع حزب دون الحزب الوطني أن يعقد مؤتمرًا جماهيريا في الشارع و لا في نقابةمن النقابات و قال غزالي إن المواطن المصري محجوب عنه تمامًا أفكار الأحزاب و برامجها و رؤياها لحل المشاكل المختلفة, فضلا عن أن هناك أحزاب قائمة أنشأت من الأساس لكي تحسب علي المعارضة و لكنها تنطوي تحت جناح الحزب الوطني و هدفها هو ضرب أحزاب المعارضة. و عاب غزالي : علي كثير من الأحزاب ما وصفه بتملق الحزب الحاكم و تقبل الفتات الذي يلقيه إليه, مشيرًا إلي أن الصراعات الداخلية سببها انغلاق الأحزاب علي نفسها في شقق ضيقة دون الاحتكاك بالجماهير وعدم إتاحة الفرصة لها للعمل السياسي كما يجب أن يكون, بالإضافة للحالة الاقتصادية و إغلاق الأبواب التمويلية أمام الأحزاب و يستثني من ذلك الحزب الوطني الذي يضم كل رجال الأعمال في مصر من أجل مصالحهم الشخصية. فيما وصف النائب الوفدي صلاح الصايغ - التجربة الحزبية في مصر بالعرجاء لأنها تعيش مناخ غير صحي لا يسمح بالتعددية رغم أن الدستور أباحها, مشيرًا إلي أن أي حزب في مصر لا يملك القدرة علي مخاطبة الجماهير إلا بتصريح من الأمن... و أكد الصايغ: علي ولاء لجنة شئون الأحزاب الكامل للحكومة, مطالبًا بإلغائها و إطلاق حرية تكوين الأحزاب بمجرد وجود إطار سياسي و قانوني يشكل حزب دون العرض علي هذه اللجنة, مؤكدًا أن معظم الأحزاب المصرية تعيش أزمة قيادة و لا تغير في مناصبها العليا منذ نشأتها. و عن تجربة حزب العمل مع الصراع الداخلي و الاضطهاد الحكومي يقول أشرف عبد الله - رئيس حزب العمل الاشتراكي المجمد يقول : أن تجربة حزب العمل اتسمت بالصراعات الشخصية منذ فترة الراحل "إبراهيم شكري" و عادل حسين حين تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمون ، و ذابا معا في الشئون الداخلية للحزب. و اعتبر عبد الله: أن غلبة التيار الديني علي توجهات الحزب الاشتراكية ساهمت في تفتيت الحزب لجبهتين جبهة اشتراكية و أخري دينية, واستغلت الجهات الأمنية هذا الخلاف لإضعاف الحزب بعد أن كان له وجود قوي جدًا في مجلس الشعب وكان له 17 عضوًا في مجلس الشعب من التوجه الاشتراكي فقط... و أكد عبد الله : أنه انتخب من خلال اللجنة التنفيذية لحزب العمل الاشتراكي عام 2000 قبل صدور قرار تجميد في شهر يوليو 2000 الحزب, و إن انتخابات الحزب في المؤتمر العام الخامس و السادس شهدت تزويرًا لتمرير أعضاء ذات توجه إسلامي وهم أصحاب حزب العمل الإسلامي مؤكدًا أنهم غير معنين بقرارات لجنة شئون الأحزاب و بالخلاف علي رئاسة الحزب. مشيرًا: إلي أن الحزب أعلن التوجه الإسلامي في عام 1986 وتكرس التحول الإسلامي في مؤتمر الحزب الخامس 1989, الذي عقد تحت شعار (إصلاح شامل من منظور إسلامي).